الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


وفاء كلب

عبد الغني سهاد

2012 / 12 / 29
الادب والفن


شعر بصداع مفاجئ حاد يسري في رأسه . وتقلص شديد في أعلى صلعته .ارتبكت خطواته عند ولوجه المكتب فتعثر ثم هوى على الأرض و تناثرت أوراقه التي كان يحملها تحت إبطه على البساط الناعم القديم... لم يعد يتذكر موضوع مسودته الأخيرة التي أعدها على عجل لأجل النشر في الجريدة . تمددت جثته على الأرض وعيناه الواسعتان مسمرتان في السقف الأبيض الناصع . حيث لا يكف السقف عن اللف والدوران السريع ولا تفارقه صورة كلبه المدلل ....الصورة الوحيدة الذي لازمته لحظة السقوط . أحس بمزيد من الحزن العميق ولم يعد قادرا على التدكر هل ناوله طعامه الشهي دلك الصباح أم تركه للجوع والعطش ينهشانه نهشا ....تناسلت في مخيلته المنهارة تفاصيل دكريات بعيدة على شكل ومضات خاطفة متلاحقة عن فترات من عهود قديمة .. شيء منها عن الاحتلال الهمجي
عن اللجوء السياسي
عن تصدع الوحدة
عن أزمات التنظيمات القومية
عن انتهازية و نفاق الرفاق القدامى
اخدت دقا ت قلبه في الخفوت وأنفاسه تتثا قل وتتباطأ وصفير حاد يحتل أدنيه لا يكاد يتوقف ... أصبحت الأصوات كلها عنده متساوية متشابهة لافرق بين حشرجة قلم ولعلعة رصاص ونباح كلبه الوفي ....في دهنه صور تتزاحم تطارده بلا هوادة تريد الخروج دفعة واحدة زوجته وحبيبة قلبه والغالية عنده لايفارقها القلق والخوف الدائم على مستقبل الأسرة الصغيرة لا توافقه على مواقفه الثابتة في مجتمع تراه يتحول باستمرار ورفاق الأمس غيروا حتى من ربطات اعناقهم وأشكال لباسهم وتسلقوا السلم الاجتماعي خلسة منه ... منهم الوزراء والقادة وصفوة القوم .
طواحين الذكريات تتوقف هنيهة لتترك للسقف الجاثم على أنفاسه الضاحك بياضه فرصة العودة الى اللف والدوران ولا احد في المكتب سيعينه على النهوض على قدميه لمواصلة المسيرة الفاشلة لأجل إتمام صياغة مقالاته النارية التي لم تنته بعد .. حتى الشاويش الأبله قد رحل مند فترة ومعظم الموظفين انشغلوا عن الجريدة بالتظاهر في الساحات والأزقة وتركوا له الجمل بما حمل ....أما القراء ..اه فقد قل اهتمامهم مند زمان بما ينشره ..
كل شيء تغير حوله والأشياء فقدت بريقها الأول ولم تعد كما كانت عليه لكنه ظل كما كان ... وبقي صامدا على ما هوعليه مقتنعا بصلابة مواقفه راضيا بمصيره الذي لم يعد يشاركه فيه احد .. يرى الناس جل الناس متامرين وانتهازيين بل سماسرة ..... واندال تجرؤوا على بيع الوطن
تنتشر في المكان موسيقى رهيبة تنبعث من دلك السقف الأبيض البارد الجاثم على أنفاسه . تدب بالتدريج في جسده البارد و تداعب قلبه المضرب عن الخفقان وتغشى عيناه الثابتة مسحة ماء ...أوراقه المتناثرة لا تزال راضية قابعة بأمكنتها تنتظر المجهول ... تزين الصورة بلمسة حزن عميق يزيدها رونقا فريدا لاوجود له الا على جلد كلبه الأسود المنقط بالبياض الناصع الجميل
انتصبت أدناه وزم دنبه القصير بين فخديه ثم ارتعد جسده بقوة فوتب يفتش عن شيء محدد . كأنه سمع مناديا من السماء يندره بمصاب جلل ... عبر الشارع راكضا في اتجاه واحد ... غير مبال بمطاردات الصغار ونفير السيارات المسرعة .... يركض يركض تم يركض صاعدا درج العمارة ونباحه يعلو المكان .

حضر الجيران فوجدوا الجثة هامدة لا تزال ممدة على البساط الناعم للمكتب وكلبه الوفي يجثم على صدره الواسع يلهث بعسر . وعيناه غارقتان في الدمع ...وبمشقة تمكنوا من إبعاده عن الجثة حاولوا عبثا انقاده لكنه انتهى دون انهاء مقالاته النارية و حتى دون توديع كلبه ...الدي تخلص بسرعة من ارتباكه .. تجول في جنبات المكتب .. تبول على اوراق صاحبه المثناترة هناك .. بللها كلها .. ثم تغوط بمهله على الالة الكاتبة ... وغادر المكتب وهو في غاية الزهو والكبرياء ....

----------------------------------------------------------------------------------
09/02/2012








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حفل خطوبة هايا كتكت بنت الفنانة أمل رزق علي أدم العربي في ف


.. فرحة الفنانة أمل رزق بخطوبة ابنتها هايا كتكت وأدم العربي داخ




.. أون سيت - الأسطى حسن .. نقطة التحول في حياة الفنان فريد شوقي


.. أون سيت - أولاد رزق 3 .. أعلى نسبة إيرادات .. لقاء حصري مع أ




.. الكاتب علي الموسى يروي لسؤال مباشر سيطرة الإخوان المسلمين عل