الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


خازوق أطلسي لروسيا

رياض خليل

2012 / 12 / 30
الثورات والانتفاضات الجماهيرية




السياسة الروسية التي لابوصلة سياسية لها سوى الغباء ، تثبت دائما فشلها ، ثم لاتتعظ ، وتمعن في السير عكس قواعد المنطق السياسي ، وعكس متطلبات الواقع التاريخي ، إنهم يسيرون إلى الخلف ، ويستخفون بالخصوم ، وهم وحدهم المسؤولون عن صناعة الخصوم والخصومة من حولهم ، وخاصة على صعيد العلاقات الدولية ، التي لم ولن يستفيدوا منها يوما ، بل فرضوا عليها حالة شاملة من عدم الثقة والكراهية والعداء ، الذي لامبرر له سوى في مخيلتهم المريضة بالعقائد الشمولية والشوفينية المخربة لأشكال الحياة الفردية والاجتماعية كافة .
السياسة الروسية في عهد الطاقم البوتيني اللافروفي ، تعتمد على قواعد عفى عليها الزمن ، ومنها المزاجية الخاصة للحاكم الديكتاتور الجديد الذي يحلو له أن يرتدي الزي الديمقراطي ليخدع من حوله بما يضمره من تمسك مطلق بالاستبداد ، وليخفي كراهيته لكل القيم الإنسانية الديمقراطية في العالم أجمع .
الديمقراطية بالنسبة للديكتاتور أخطر عدو يواجهه . وهو لايجرؤ على مواجهته صراحة ، بل يلجأ لأساليب الخداع والنفاق والتضليل والكذب والهروب كأهم أسلحة في حربه ضد الديمقراطية التي تهدد وجوده وسلطانه الغاشم .
إن الشكل السياسي للحرب الدائرة بين الروس والغرب ، تعبر عن عمق الهوة بين الطرفين ، وعن انعدام أية فرص لإيقافها والخروج من أتونها . وعن غياب أية خلفية ومنهجية وأرضية مشتركة لحل الصراع المستعصي على الحل ، بسبب التناقض المطلق بين المنطلقين والتوجهين والفلسفتين في كل مناحي الحياة ، ومنها الحياة السياسية . لكل زاوية رؤية مختلفة ومتعاكسة تماما . وبالتالي : سياسة نصب الكمائن والغدر والبحث عن كل مايمكن من هزيمة الخصم هو المحرك للسياسة والديبلوماسية الجارية بين العدوين اللدودين : روسيا والبلدان الحليفة لها من جهة ، والغرب من جهة مقابلة .
وفي هذا السياق يجري اللعب الديبلوماسي الدولي بمناسبات الصراعات الفرعية الإقليمية . ومنها الصراع المتفجر في سوريا بين نظام الحكم الشمولي المدعوم من الروس من جهة ، والشعب السوري الثائر المطالب بالكرامة والحرية والعدالة ، والذي تتعاطف معه معظم بلدان المعمورة من الجهة المقابلة .
لعب الروس ديبلوماسيا ، ووضعوا كل ثقلهم وبيضهم في سلة نظام مجرم فاسد : نظام بشار الأسد . وكان من جملة ما يبحثون عنه :
الأمل في الدفاع عن نظام فاشل ، والاحتفاظ به دائرا في فلكهم ضد الغرب الأوروبي الأمريكي ، وضد البلدان التي تتحالف معهم .
ابتزاز الغرب لانتزاع تنازلات حقيقية ، ومنها التخلي عن الدرع الصاروخية حول روسيا ومن معها
استثمار الموقف الروسي دعائيا ، لتوصيل رسالة مضلله إلى الداخل الروسي ، مفادها : أن الفضل الأعظم هو لبوتين وقيادته في إعادة الدور الروسي الدولي إلى سابق عهده إبان الفترة السوفيتية وحلف وارسو ، مع أن هذا الدور هو دور موهوم حتى في ذلك الحين . وإثبات أن قيادة بوتين قد أعادت العصر " الذهبي " و" القومي " الجديد لروسيا : ( الدولة العظمى ) : القادرة على تعطيل السياسة الدولية وتعطيل نشاطات منظمة الأمم المتحدة بالفيتو الروسي ، إذا لم يرق للقيادة الروسية أن تمرر تلك النشاطات السياسية الدولية ، ولايهم السمعة الأخلاقية والمنطقية التي تترتب على شذوذ الروس عن الإجماع الدولي ، أو الأكثرية في مجلس الامن أو في الجمعية العمومية . المهم أن تطبق المبدأ القائل : " خالف تعرف " . وتضرب عرض الحائط بالمبدأ الديمقراطي الأساسي : " توافق الأقلية مع الأكثرية المطلقة " في هيئات الأمم المتحدة ، وفي حالات التصويب على القرارات المطروحة .
وكان اللعب الروسي لتحقيق أهدافه المعلنة وغير المعلنة فاشلا بكل المقاييس ، وتركز على التعمية والتعميم وخلط الأوراق والمفاهيم ، والتلاعب بالألفاظ والمصطلحات والتعابير ، والتهرب من التحديد والتعريف ، كما التهرب من كل مامن شأنه تحديد المسؤوليات والصلاحيات ، وخصوصا التهرب من بند " الإلزام " ، وأعني به صدور القرارات تحت الفصل السابع ، الذي يتيح فرض الحلول المتفق عليها أمما بالقوة العسكرية وغير العسكرية ضد من لايلتزم بها ، وهذا ماركزت عليه السياسة الروسية ، وهو صدور القرارات من دون أن تملك القوة الملزمة المؤثرة في تغيير فعلي لواقع الصراع الدائر في سوريا ، والذي يصب بالنتيجة في صالح الثورة السورية والشعب السوري منطقيا . وهذا ما جعل النظام السوري المدلل روسيا بمنأى عن المساءلة والالتزام بما يتقرر في الأمم المتحدة والمؤتمرات الدولية المتعلقة بالشأن السوري .
في هذا المعمعان السياسي الدولي المعقد ، لم يربح الروس لافي داخل سوريا ، ولا في خارجها ، بل إنهم يخسرون كما يخسر النظام الأسدي كل يوم ، وتوشك اللعبة على الانتهاء ، وهم مازالوا يخالون أنهم يربحون أو سيربحون في نهاية المطاف .
أما خسارتهم في الداخل السوري .. فقد باتت واضحة ، من خلال تغيرات موازين القوى العسكرية والسياسية مابين النظام الأسدي المتقهقر ، وقوى الثورة والمعارضة والجيش الحر من الجهة المقابلة ، وهذا الواقع لاتخطئه العين " التي تبصر " و" تتبصر " .
وأما عن خسارتهم على الصعيد الدولي فهو التالي : فيما طمع الروس بكسر الدرع الصاروخية الأطلسية عبر المساومة عليها ؟ حصل العكس تماما . حيث استغل الأطلسيون التهاء الروس بالشان السوري الذي لاأمل منه من حيث بقاء النظام الأسدي . وتذرعوا به وبتهديد النظام الأسدي لحليفهم الأطلسي : تركيا ، ومرروا " خازوقهم " الجديد : منصات صواريخ الباتريوت . وبذلك رسخوا ووسعوا ترسانة الدرع الصاروخية الموجهة أصلا للروس قبل سواهم . ولم يتمكن الروس من منع ذلك ، بل قبلوه على مضض ، من غير أن يكتشفوا مدى غباء سياساتهم الدولية الإقليمية ، ولاسيما إزاء الملف السوري ، والذي جعله الروس مستعصيا على الحل لتحقيق أهداف لم تتحقق ، بل تحقق عكسها تماما . وتلك هزيمة كبرى عسكرية وسياسية للروس أمام الأطلسي ، وهذا الأخير كان الرابح الأكبر في تلك الصفقة الباتريوتية ، كما في الحرب الدائرة في الداخل السوري بين رجل مريض يدعى بشار الأسد ، وشعب ثائر عليه ، ولم يكن لمثل ذلك الرجل الديكتاتور المريض أن يفعل مافعل أو أن يبقى في الحكم لولا التدخل الخارجي الروسي الإيراني السافر والهادف إلى الدفاع عنه كدمية وألعوبة هشة وبلاستيكية سياسيا وفكريا وعسكريا .
وكان أن نال الروس خازوقان : أحدهما من قبل الثورة السورية ، والآخر من قبل الأطلسي الذي عرف كيف يلاعب الروس وينتزع منهم مواقع ومكاسب جديدة . ويبدو لي أن اللعبة سوف تستمر هكذا ، مادام بوتين وفريقه السياسي يحكمون روسيا بتلك العقلية التي تحمل جينات العهد السوفييتي القديم ، إضافة إلى أمراض الشوفينية الديكتاتورية الروسية الجديدة ، تلك العقلية التي تنطلق من نظرية : أن الأمني يقود السياسي ، بدل العكس . ولاننس أن بوتين هو خريج المدرسة الشيوعية والأمنية الكلاسيكية القديمة الجديدة ، والتي أدخلت روسيا والشعب الروسي في دورة جديدة من الاستبداد والعبث السياسي ، والإدارة الفاشلة لكل مناحي الحياة الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والثقافية . التي تسبب المزيد من المعاناة والألم لمعظم الشعب الروسي المغلوب على أمره أمام إرهاب السلطة الحاكمة الروسية .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - رد للكاتب
نزار الحافي ( 2012 / 12 / 30 - 00:38 )
تحليل منطقي جدا والقول بالمثل الامريكي
you can,t teach your old dog new tricks
الشكر للكاتب


2 - التعليق خاص بالحوار اللامتمدن
رامي حسن ( 2012 / 12 / 30 - 05:46 )
بإدراج هذا المقال المعنون بسفاهة يثبت الحوار المتمدن أنه لم يعد له علاقة لا بالتمدن ولا
مقال بمنتهى الغباء والانحياز السافر لقوى الظلام بذريعة مناصرة الحرية وما شابه من أوهام تفتك بعقل الكاتب المدعي


3 - شخصياً
نيسان سمو الهوزي ( 2012 / 12 / 30 - 09:41 )
قلت هذا الكلام او مقاربة له قبل فترة بعيدة والكاتب لم يقل شيء غير عقلاني او منطقي ولكن هل لأحد ان يُفسّر كلام المتداخل السيد رامي حسن لي رجاءاً ؟؟ ولكم التحية ..


4 - اللي استحوا ماتوا
نور الحرية ( 2012 / 12 / 30 - 17:52 )
من هذا الذي سولت له نفسه انتقاد السياسة الروسية العظيمة ومن يكون سوى صعلوك من صعاليك حمد وموزة والاطلسي اما كان من الاجدر به ان ينتقد حمد لسجنه الشاعر الفحل العجمي لمجرد قصيدة من الشعر او ان ينتقد الاطلسي وخاصة فرنسا الاستعمارية

اخر الافلام

.. كلمة رئيس المكتب القانوني للحركة في الحلقة النقاشية -إلغاء ا


.. - الغاء القوانين المقيدة للحريات ... آولوية -




.. أليكسي فاسيلييف يشرح علاقة الاتحاد السوفييتي مع الدول العربي


.. تضامناً مع غزة.. اشتباكات بين الشرطة الألمانية وطلاب متظاهري




.. طلبة محتجون في نيويورك يغلقون أكبر شوارع المدينة تضامنا مع غ