الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


بومدين رجل الدولة الذى تناسيناه.........

أحميدة عياشى

2012 / 12 / 30
اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم



هل كان فعلا هواري بومدين ديكتاتوريا بالمعنى السياسي للكلمة؟! هل كان مستبدا نيّرا، أم كان وطنيا متشددا أقرب إلى الروح البونابرتية؟! تمر 34 سنة على رحيل الكولونيل هواري بومدين.. ومرت الذكرى كالشبح لرجل وزعيم شغل الدنيا، دنيا الجزائر، ودنيا العالم الثالث والعرب ودنيا الغرب.. انقلب على أحمد بن بلة لكنه لم ينقلب على خيار الوجهة التقدمية للدولة الوطنية، انقلب على شعبوية أحمد بن بلة العروبية لكنه لم ينقلب على عقيدة الثورة الجزائرية المتعلقة بنصرة القضية الفلسطينية ظالمة ومظلومة ونصرة القضايا العادلة في إفريقيا، وآسيا وأمريكا اللاتينية، انقلب على المرض الطفولي ليسارية أحمد بن بلة لكنه لم ينقلب على إرث وروح نوفمبر الأصيلة في معاداة الكولونياليات الجديدة والإمبريالية.. يأخذ اليوم بعض المنظرين جانبه التسلطي وميله نحو الحكم الديكتاتوري.. لكن هل كان فعلا هواري بومدين ديكتاتوريا بالمعنى السياسي للكلمة؟! هل كان مستبدا نيّرا، أم كان وطنيا متشددا أقرب إلى الروح البونابرتية؟! للأسف، إن تجربة هواري بومدين في تحصين الجزائر على صعيد استقلالية القرار لم تأخذ نصيبها لدى الباحثين والجامعيين والمثقفين، فالرجل كان صاحب نظرة استراتيجية جلبت للجزائر احترام الأصدقاء والخصوم والأعداء، وصاحب رؤية منبثقة من الإيديولوجيا الثورية لحركة التحرير الوطني، تمثلت في فتح المجال واسعا لأبناء الفئات الدنيا، أبواب المعرفة، وأبواب العيش بكرامة، ونفس أبناء مثل هذه الفئات تحولوا خلال السبعينيات إلى النواة الصلبة لطبقة وسطى واعدة تم الإجهاض عليها في سنوات الشاذلي بن جديد الذي يقول أنه كان مقربا من بومدين، لكن في الواقع قام بتخريب تجربة بومدين في مجال بناء الدولة والمجتمع باسم إصلاح تجربة بومدين، وباسم الإنفتاح والإنخراط في النهج الليبرالي.. أكيد أن الجزائر في عهد بومدين لم تعرف تعددية سياسية وحزبية ولكن من أغلق باب التعددية الحزبية غداة الإستقلال كان الرئيس أحمد بن بلة، وأكيد أن بومدين واجه معارضين بالعصا الغليظة فأدخل السجون الشيوعيين واليساريين من غير الشيوعيين لكنه توجه إلى دمقرطة ضمن تفعيل ما كان يسمى بالجبهة الوطنية الديمقراطية عندما شجع على الحوار بين الحساسيات الإيديولوجية والسياسية داخل جبهة التحرير الوطني.. لكن أيضا فتح الباب أمام الحساسيات الإسلامية التي كان يمثلها أبناء جمعية العلماء المسلمين بمختلف أطيافهم وإن كان ذلك على حساب تيارات الإسلام الصوفي وعلى المقربين من فكر مالك بن نبي، بل ومن الفكر الإخواني عبر ملتقيات الفكر الإسلامي التي كان ينشطها العديد من رموز الفكر الإسلامي والحركات الإسلامية المتنوعة في العالم، من مصر، إلى باكستان إلى الهند إلى أندونيسيا إلى أمريكا...
وقد يؤخذ على بومدين عدم انفتاحه على المسألة الأمازيغية من وجهة نظر ثقافية، وقد يؤخذ عليه انشغاله بإدارة التوازنات الجهوية والثقافية بل والسياسية داخل جهاز الحكم، وهذا ما انتبه إليه في السنوات الأخيرة من حكمه..
لكن ما يحسب له، أن بومدين كان مثالا للإستقامة الأخلاقية فلم يعرف عنه بعد وفاته أنه كان فاسدا، فلم ينهب ولم يسرق ولم يصبح أبناء عشيرته أو قبيلته أو عائلته من الأثرياء أو من أصحاب السطوة في الفساد السياسي والمالي.. كان مسكونا بمشروع اسمه بناء الدولة الوطنية وانجاز الإستقلال السياسي والإقتصادي، فهل آن الأوان لإعادة الإعتبار لرجل دولة من خلال إنتاج معرفة حقيقية تتبناها الدولة ويقوضها مثقفون وباحثون من الجيل الجديد، وذلك خدمة للذاكرة، لكن أيضا خدمة للحقيقة وللمستقبل؟!
[email protected]








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بايدن أمام خيارات صعبة في التعامل مع احتجاجات الجامعات


.. مظاهرة واعتصام بجامعة مانشستر للمطالبة بوقف الحرب على غزة وو




.. ما أهمية الصور التي حصلت عليها الجزيرة لمسيرة إسرائيلية أسقط


.. فيضانات وانهيارات أرضية في البرازيل تودي بحياة 36 شخصا




.. الاحتجاجات الطلابية على حرب غزة تمتد إلى جامعة لوزان بسويسرا