الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لافروف و عودة الابن الضال

خالد قنوت

2012 / 12 / 30
مواضيع وابحاث سياسية


اندريه غروميكو دبلوماسي ورجل دولة وشخصية سياسية سوفيتية تولى في الفترة من 1957 وحتى 1985 منصب وزير خارجية الاتحاد السوفيتي أطلق عليه الغرب لقب " السيد ..لا " بسبب صلابة مواقفه وعناده في المفاوضات.
تذكرت هذه الشخصية الاسطورية من تاريخ الاتحاد السوفيتي اليوم عند سماعي لكلام أطلقه وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف عن الأزمة السورية و عن حلوله السياسية لها في مؤتمر صحفي في موسكو و قد تأبط الأخضر الابراهيمي الذين رسما طريق الخلاص السوري إما بحل سياسي روسي و إما الجحيم.
لفهم سياسة الخارجية الروسية الحالية تجاه الربيع السوري و العربي, لا بد من عرض تاريخي لسياسية الاتحاد السوفيتي السابق تجاه القضايا العربية.
في عشرينيات وثلاثينيات وأربعينيات القرن الماضي وعندما كانت حركات التحرر الوطني في آسيا وأفريقيا, و منها حركات التحرر العربية التي استمرت حتى الستينات, تخوض حروباً طاحنة ضد الاستعمار الأوروبي، البريطاني والفرنسي والإيطالي والبرتغالي والبلجيكي، وقفت موسكو تتفرج! كانت حركات التحرر الوطني في أمس الحاجة إلى حليف دولي يقف إلى جانبها، لكن موسكو كانت ترى أن المعركة الحقيقية ضد الإمبريالية يجب أن يتم خوضها في داخل المتروبول الأوروبي وتقودها الطبقة العاملة ضد الرأسمالية المحلية التي إنْ انهارت فإن الإمبريالية والاستعمار الخارجي سوف ينهاران. كانت نتيجة ذلك الموقف، الذي تبدل ببطء لاحقاً، إن حركات تحرر كثيرة اضطرت إلى الوصول إلى صفقات مع المستعمر لا تلبي كل الطموحات الوطنية.
كان للقضية العربية المركزية, قضية فلسطين العامل الأكبر الذي لجأت أو اضطرت إليه الدول العربية الأكثر قرباً من الصراع العربي الاسرائيلي لقبول أيديولوجية اشتراكية ضمن نضالها الوطني و القومي حيث وجدت في الاتحاد السوفيتي الحليف, ضد الدعم اللامحدود للقوى العظمى للدولة الصهيونية الناشئة من بريطانيا و فرنسا و الولايات المتحدة الأميريكية طبعاً, كانت هناك مواقف مؤيدة للحق العربي في كثير من الأزمات في الأمم المتحدة و لكنها كانت خجولة في الميادين الأخرى.
لكن الشكل الأيدولوجي الاستبدادي الستاليني انتقل إلى تلك الدول العربية على أنه الشكل المثالي للاشتراكية أو للشيوعية و تسابقت الأحزاب الشيوعية و الاشتراكية العربية في إضفاء روح القداسة على هذه الايديوجيا متناسين المبادئ و الأفكار و المفاهيم التي عمل عليها كبار مؤسسي الاشتراكية في العالم في حكم الشعوب الكادحة و امتلاكها لوسائل الانتاج كحل إنساني و علمي للمشاكل الاجتماعية و الاقتصادية المستفحلة.
من أهم ما نقلته الانظمة الاشتراكية العربية من الستالينية السوفيتية هو العناد و الصلابة في المواقف ضد شعوبها, فتعلمت من أجهزة الأمن السوفيتية و دول أوربا الشرقية دروساً دموية في التعامل مع السياسيين المعارضين و كذلك مع المواطنين بشكل عام.
إن إنهيار الاتحاد السوفيتي لم يؤدي إلى إنهيار العقلية الستالينية بالمطلق بل على العكس فقد أضافت إليها العقلية المافيوية عندما خرج أعضاء من الأجهزة الحزبية و الأمنية السوفيتية و في أرصدتهم أموال نهبوها طوال عقود ليعودوا للسلطة من خلال تلك الأموال و ليعيدوا بناء الامبراطورية الروسية على أسس جديدة و ليمسك الامبراطور الجديد بوتين بروسيا دون منازع.
السياسة الخارجية الروسية لم تخرج من عباءة العناد و الصلابة السوفيتية بعد أن أدت لتفكك الاتحاد السوفيتي و تراجعه المخزي أمام توحش الامبريالية الأمريكية في دول كانت تعتبر حصوناً متقدمة لموسكو فسكتت عن حرب الخليج الأولى ضد صدام و احتلال أفغانستان و العراق و حتى عن محاصرتها في دول الاتحاد السوفيتي السابق.
الظروف العالمية التي أدت لارتفاع اسعار النفط أدت إلى إعادة الحياة إلى السياسة الخارجية الروسية من جديد و لكن هل غيرت من عقليتها و هذا هو السؤال؟
مع بداية الربيع العربي, وقفت السياسة الروسية مواقف مريبة تجاه الشعوب العربية الطامحة للحرية و العدالة.
وقفت مع القذافي في ليبيا لكنها خسرت ليبيا للأبد لأن القاصي و الداني يعرف أن للدب الروسي دية و من يريد المساومة فأروقة الأمم المتحدة جاهزة و حسابات الأرصدة الروسية معروفة.
أما عند الربيع السوري, فقد كانت السياسة الروسية هي الأكثر عناداً و صلابة في دعم سياسي و عسكري و أمني و اقتصادي روسي للنظام لقمع الشعب السوري الثائر و اقتلاع ثورته من جذورها.
لقد فرضت السياسة الروسية على العالم إيقاعات مدروسة و صارمة في المحافل الدولية, هنا لا نستبعد فكرة تبادل أدوار بين القوى العظمى غير الجاهزة للمغامرات العسكرية حتى اليوم في سورية, كما فتحت مخازن أسلحتها الفتاكة لكي يستخدمها النظام السوري في قمع ثورة الشعب في حين كانت قطع التبديل للأسلحة الروسية في سورية حلم لا يدركه السوريين في أشد الأوقات حاجة له.
صفقات الأسلحة, المناورات العسكرية, طباعة الأوراق النقدية السورية بدون أرصدة, غرفة عمليات عسكرية و أمنية و استخباراتية روسية إيرانية أسدية مشتركة, عروض سياسية و مهل, تصاريح متضاربة بين قادة عسكريين و قادة سياسيين عن الأوضاع و عن مصير النظام و الثورة, اللعب على الورقة الطائفية و الاثنية كوجود المسيحيين الشرقيين (السكان الأصليون لسورية) و الشركس (الهاربين من بطش الستالينية),
ليقف اليوم رئيس الدبلوماسية الروسية العنيدة و الصلبة ليقول أن الحل بين الشعب السوري الثائر وهذا النظام هو حل سياسي و بوجود الأسد, بحجة أن لا مونة للروس على الأسد العنيد الصلب, أيضاً.
يضيف في سياق دبلوماسي سياسي, عنيد و صلب أيضاً, أن البديل هو مزيد من الخراب و الموت و الحرب الطائفية و قد شد يده إلى يد موفد الجامعة العربية و الأمم المتحدة السيد المخملي الأخضر الابراهيمي بأن الحجيم هو البديل.
كم لك من الخبرة يا استاذ معاذ الخطيب في السياسة و الحنكة السياسية حتى ترفض هذا العرض الروسي من دبلوماسي خبير يمثل أعند و أصلب سياسية في العالم سليلة عند و صلابة غروميكو, قدس الله سره؟.
كان من المفروض منك يا شيخنا الجليل و قد تناسوا أنك تحمل درجة علمية عالية, أن تنسى 45,0000 شهيد سوري و 150,000 معتقل, 3,000,000 نازح خارج و داخل الوطن و مئات آلاف الجرحى من أطفال و نساء و شيوخ و شباب و شابات سورية, و 2,000,000 منزل مدمر حتى الآن, لتفتح ذراعيك للعظيم لافروف و تركض إليه مطأطئ الرأس لتقبل بحله السياسي العنيد و الصلب, فقد يسمح لك بمقابلة زعيم المافيا الروسية و ممكن أيضاً أن يمن عليك بمقابلة زعيم المافيا السورية إذا لم تعترض على ترشحه لولاية جديدة في 2014.
لم ينتظر النظام الخائن يوماً واحداً إضافياً ليثبت تهديد لافروف العنيد و الصلب, فيرسل حيوانته و شبيحته إلى دير بعلبة بحمص ليكتب في كتب التاريخ أعلى عدد للشهداء السوريين, 400 شهيد قتلاً و حرقاً و تنكيلاً.

من الآخر,
السيد لافروف العنيد و الصلب, يبدو أنك لم تقرأ التاريخ و لم تعرف عن عناد و صلابة الشعب السوري شيئاً, خاصة اليوم.
القادمون من الداخل السوري يروون قصصاً و أحاديث عن السوريين هناك, ما لا يمكن وصفه و كتابته في كلمات و أسطر قليلة. السوريون يسطرون بدمائهم و جراحهم و عذابهم و من بين ركام بيوتهم و جوع أطفالهم, قصيدة ملحمية إنسانية تصل إلى حد القداسة عنوانها صمود و إصرار, صبر و اجتهاد و الأهم عناد و صلابة حتى تحقيق نصر ثورتهم على كامل التراب السوري و من أجل كل السوريين.

السيد لافروف العنيد الصلب, سليل غروميكو العنيد الصلب, لقد دخلتم الشرق الأوسط عندما دخلتم عقول و قلوب السوريين لما دافعتم عن قضاياه و حقوقه و اليوم ستخرجون من الشرق الأوسط لأنكم خرجتم من عقول و قلوب السوريين عندما دافعتم عن طغاته و شاركتم في سفك دمائهم.
















التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إيران تشهد انتخابات رئاسية يوم الجمعة 28 يونيو والمرشحون يتق


.. الاعتداء على داعمين لفلسطين اعتصموا بمركز تجاري بالسويد




.. تقرير حالة انعدام الأمن الغذائي: 96% من سكان غزة يواجهون مست


.. مصادر العربية: إطلاق النار في محج قلعة أثناء القبض على من سا




.. -إيرباص- تُعاني بسبب الإمداد.. والرئيس التنفيذي للشركة يتوقع