الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حماية سوريا

احسان طالب

2012 / 12 / 30
مواضيع وابحاث سياسية


وثقت لجان التنسيق السورية ما يقرب من 400 ضحية خلال 24 ساعة 29-12 -2012 هذا فقط في جانب الثوار والمقاتلين المعارضين ما يرفع العدد الإجمالي الموثق بين المدنيين إلى ستين ألفا ،ولا يعرف أحد إحصاءا دقيقا ولا تقريبيا للضحايا في صفوف القوات النظامية لكن المتفق عليه أن هناك أعدادا يلفها الغموض والتكتم ، ولعل ما صرح به وأكده الإعلامي الشهير شريف شحادة بأن عدد هؤلاء بلغ مئة ألف يعطي مؤشرا دقيقا حيث يعتبر السيد شريف من المقربين إلى دوائر صنع القرار في سوريا ـ القيادة الأمنية والعسكرية ـ لا يشك أي من المتابعين بتلك الأرقام بل يميل كثيرون إلى اعتبارها أقل بكثير من الحقيقة ، فكثير من الشهداء لا يدري بهم أحد ولا يضمهم إحصاء أو توثيق،
في وجه أخر للمأساة السورية قدر مؤتمر رجال الأعمال السوريين المنعقد في دبي 22 تشرين الثاني (نوفمبر) 2012
عدد المنازل المهدمة في مناطق سورية تشمل أغلب المحافظات بثلاثة ملايين منزل ، وطبعا يرافق ذلك دمار كامل للبنية التحتية والمرافق العامة والمؤسسات الرسمية والمدنية، ونتيجة لضياع الأمن في تلك المناطق المهدمة وهربا بحياتهم لجأ ما يقرب من مليون ونصف سوري ، إلى دول الجوار، حسب إحصاءات الأمم المتحدة، التي قدرت عدد النازحين المحتملين داخل سوريا بمليوني إنسان وفي مؤشر درامي محزن قدر عدد المحتاجين للغذاء حتى منتصف 2013 بما يربو على ثلاثة ملايين محتاج.
فصول المأساة تجاوزت الحاضر والمستقبل لتلقي بظلالها القاتمة على الماضي والتاريخ، فلقد سلّطت صحيفة «فايننشال تايمز» الضوء على التراث الأثري السوري، الذي «يختفي قطعة قطعة» نتيجة «تهريبه عبر حدود لبنان والأردن وتركيا »، مستغلا غياب الأمن وفقد السيطرة الرسمية ، والمحزن أن القوات المتصارعة تتخذ من القلاع الأثرية أماكن تحصين وقواعد قتال ما يتسبب بصورة مباشرة في تهدم أجزاء حيوية من تلك القلاع ويهدد وجودها في المستقبل القريب ، فقلعة المرقب التي تقع قرب مدينة بانياس الساحلية في محافظة طرطوس، شهدت قتالا شديدا بين القوات النظامية والقوات المعارضة كذلك كان الحال في قلعة حارم التي اتخذت منها القوات النظامية قاعدة عسكرية ثم جرى الاستيلاء عليها مؤخرا من قبل المعارضة بعد قتال ضاري تسبب في إصابة القلعة بأضرار جسيمة وهي واحدة من أهم القلاع الإسلامية في العهد الأيوبي تتربع على تل أثري محفور بالصخر على مساحة 4.5 هكتار تقع في أقصى الشمال الشرقي لمحافظة ادلب 60 كم.
كل ذلك يعطي صورة مقربة عن حجم التدمير الهائل الذي أصاب سوريا خلال العشرين شهرا الماضية، وما تنذر به تصريحات المحامي الأول عن النظام السوري ـ أقصد وزير الخارجية الروسي ـ بجحيم مرتقب يقع فيه السوريون إذا أصروا على الاستمرار في ثورتهم ومطالبتهم بالتغيير الكامل، يسير بالتفكير نحو ويلات قادمة ستكون عواقبها أضعاف ما حدث ويحدث من تدمير وقتل. يحق لكل سوري يطمح بمستقبل مشرق الغضب الشديد بل والكراهية لإدارة أجنبية تكيل التهديد والوعيد وتنذر بالشؤم وبأنهار الدماء وبجهنم وسعير لسوريا الوطن وسوريا الشعب، ما لم تخضع وتركع لإرادة الإمبراطور الروسي الذي يخشي من تسلم الأغلبية السورية للحكم في وطنها، حيث يرى الملك الروسي في ذلك تهديدا مباشرا لبلاده التي يعتبر حدودها غير بعيدة عن حدود بلاده، ما يشير إلى تأثر بالغ بما يجري في سوريا على الأحداث الجارية في روسيا، من تنامي الحراك الديمقراطي المعارض لحكم بوتن الذي يكتنفه الفساد العميق، ويسوده غياب للعدالة الاجتماعية، إلى جانب ما تخفيه قطاعات عدة من شعوب روسيا الاتحادية من شعور بالتهميش والاضطهاد نتيجة لما يبدو عزيمة ثابتة لدى الحكام الروس على اضطهاد الأقليات المنتشرة في دويلات الإتحاد الروسي والتي تطمح للانفصال عن موسكو بدوافع سياسية و قومية أو دينية.
خطاب شديد التناقض ذاك الذي يروج له سرجي لا فروف ، فحماية الأقليات في سوريا ـ التي لم تعرف ولم تشهد تاريخيا حربا أهلية ـ تقتضي قمع وقهر واستلاب الأكثرية فيما هو الحال معاكس تماما لما يراد في روسيا، فمن أجل الحفاظ على هيمنة ومكانة وثقافة وحضارة الأكثرية لابد من قمع الأقليات وقهرها وإخضاعها كي لا تشكل تهديدا للأكثرية الحاكمة والمسيطرة.
حماية سوريا تعني حماية الوطن والشعب والتاريخ والحضارة، أقليات وأكثرية ، ولا تعني بحال من الأحوال رفع شعار القتل مقابل الحكم، إن مسؤولية الحماية أمر شامل لا يستثني فئة أو طرف تحت أي ظرف أو اعتبار ، والمنطق الروسي غير مبرر ولا يعرف عن السوريين إلا ما يتلقاه من شريحة محددة مغرضة، ويوزعهم بين أقليات وأكثرية، ما يثير غرائز الانقسام والتفتت الاجتماعي وبهدد السلم الأهلي ، فحماية طرف لا تعني تهديد آخر وحماية سوريا تعني الشعب كل الشعب والوطن بكافة أرجائه ومناطقه، وما يحمله الخطاب الروسي من كراهية وحقد على الأكثرية ـ تفصح عنه تحليلات الدبلوماسي الروسي فيتشيسلاف ماتوزوف ـ لا يقبله السوريون كونه يكرس حالة طارئة على المجتمع السوري ويحرض فئات من السوريين ضد بعضهم البعض، وكل من يتسق مع الخطاب التحريضي أو التقسيم المذهبي لا يفكر بمصلحة سوريا الوطن والشعب.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فلسطينيون يرحبون بخطة السداسية العربية لإقامة الدولة الفلسطي


.. الخارجية الأميركية: الرياض مستعدة للتطبيع إذا وافقت إسرائيل




.. بعد توقف قلبه.. فريق طبي ينقذ حياة مصاب في العراق


.. الاتحاد الأوروبي.. مليار يورو لدعم لبنان | #غرفة_الأخبار




.. هل تقف أوروبا أمام حقبة جديدة في العلاقات مع الصين؟