الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أردوغان الحذق

كريم البصري

2012 / 12 / 31
مواضيع وابحاث سياسية


كثر حديث السيد رجب طيب أردوغان عن العراق ومستقبله قبل الأحداث الأخيرة بأيام، فقد نَظر لما يجرى وكأنه يعلم الغيب، بل بالغ في وصفه إلى درجة أنه توقع حرباً أهلية جديدة ستقع بين السنة والشيعة وأن تفتت البلد لا محالة منه، لذلك نصب نفسه محامياً عن سنة العراق بعربهم وكُردهم وتركمانهم حتى إنه أعطى إحصائيات وكأنه أجرى إحصاءاً بالعراق دون علم العراقيين أنفسهم، لذلك صرح بأن سنة العراق بكل مكوناتهم القومية هم الأغلبية وأن حكومة المالكي ما هي إلا حكومة أقليه لذلك سينتفض السنة في العراق على هذا الظلم وتحدث إثر ذلك حرباً أهلية ليؤدي هذا بانفصال المكون السني عن المكون الشيعي، وهذا ما أشار إليه قُبيل زيارته لواشنطن لمقابلة الرئيس الأمريكي أوباما قبل الأحداث الجارية بالعراق الآن.
فهل يا ترى إن توقع السيد أردوغان هذا كان قراءة سياسية للأحداث، أم هنالك سيناريو ما ينتظر العراق وقد وضُعت من أجله خطة عمل ؟.
أعتقد بعد حصول أردوغان التفويض الكامل من دول الخليج العربي لاسيما قطر والسعودية على أن تلعب تركيا دور المارد السني بوجه المارد الشيعي الايراني في المنطقة، وما لتركيا من علاقات خاصة بالولايات المتحدة الأمريكية وحلف الناتو بالإضافة إلى علاقتها بإسرائيل وهذا لا يخفى على أحد، فقد استثمر السيد أردوغان كل هذه الحيثيات ليضع خطة حاذقة يضرب بها عدة عصافير بحجر واحد.
فمن جانب لدى تركيا مخاوف جدية وقلق متزايد من وجود إقليم كردي في شمال العراق قد نضجت تجربته السياسية وصار يتمتع بشبكة علاقات دولية واسعة وحصل على تأييد دولي بالإضافة إلى تمتع هذا الاقليم بمزايا اقتصادية خصوصاً بعد اكتشاف البترول في أراضيه كل هذه المقومات تأهله ليكون دولة قابلة للحياة إذ قرر الانفصال وهذا الإقليم يسعى إلى ضم الأراضي الكردية الواقعة في سوريا كالحسكة والقامشلي بعد سقوط النظام السوري الحالي لاسيما إن بعض الاحزاب الكردية السورية قد استثمرت انسحاب القوات النظامية السورية فأسست حكماً ذاتياً لها على غرار ما حصل للكُرد العراقيين في عام 1991م ومن ثم لم تسمح هذه الاحزاب لما يسمى بالجهاديين الذين تبعث بهم تركيا للأراضي السورية، فهذا ما يثير الخيفة والتوجس لدى الجانب التركي لما له من استحقاقات سياسية مستقبلية بعد سقوط النظام السوري، وهذا معناه خطر داهم على وحدة الأراضي التركية بالمستقبل المنظور.
ومن جانب آخر فلتركيا أطماع تاريخية في العراق خصوصاً أنها تدعي أحقيتها بالموصل وكركوك، حيث تعتبرهما جزءاً من أراضيها التاريخية فلا بأس مادام الظرف الراهن مؤاتياً لضم بقية المحافظات العراقية التي صنفها السيد أردوغان بأنها محافظات سنية مثل(الأنبار-صلاح الدين-أربيل-دهوك-سليمانية)، وذلك من خلال الشعار الذي يرفعه السيد أردوغان وهو (وحدة الدم السني)، خصوصاً أن الحكومة التركية تنتظر بفارغ الصبر نهاية النظام السوري الحالي لإقامة نظام آخر تابع لها ووفق منظورها وهذا لا يخفى على أحد، فالكل يشاهد الدعم اللوجستي التركي لثوار سوريا.
فضربة السيد أردوغان هي إعلان الوصايا على سوريا ما بعد الاسد دون أن تتجزأ إلى جزء عربي وجزء كردي ينضم هذا الجزء إلى إقليم كردستان العراق حتى لا تتوسع دولة الكُرد ما يعني خطر على مستقل تركيا ووحدتها هذا بالإضافة لحصول تركيا على أراضيها التاريخية من العراق بعد أن ينفصل الجزء السني من العراق وينضم تحت العباءة العثمانية التركية الجديدة وبذلك يتم خنق الدولة الكردية الوليدة إلى الأبد والاستحواذ على مواردها بعد أن تصبح جزءاً من الامبراطورية العثمانية الأردوغانية.
فهل ينتبه شعب العراق بشقيه السني والكردي لهذه الخطوة الخطرة وما يخطط إليه السيد أردوغان مستفيداً من الفرقة الحاصلة بين أبناء المجتمع العراقي وكذلك من الوضع الدولي الراهن لتتم له إعادة إنتاج إمبراطوريته العثمانية الجديدة؟.

كريم البصري








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ماذا وراء سجن المحامية التونسية سنية الدهماني؟ | هاشتاغات مع


.. ا?كثر شيء تحبه بيسان إسماعيل في خطيبها محمود ماهر ????




.. غزة : هل توترت العلاقة بين مصر وإسرائيل ؟ • فرانس 24 / FRANC


.. الأسلحةُ الأميركية إلى إسرائيل.. تَخبّطٌ في العلن ودعمٌ مؤكد




.. غزة.. ماذا بعد؟ | معارك ومواجهات ضارية تخوضها المقاومة ضد قو