الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الربيع العراقي ... خارطة طريق

حيدر نواف المسعودي

2012 / 12 / 31
مواضيع وابحاث سياسية



ان الثورة التي اشتعلت شرارتها في عدة مدن من العراق هي ليست وليدة لحظتها ولا حدث بعينه ولكنها نتيجة تراكمات استمرت منذ مجيء المالكي للحكم وهي ليست طائفية او مذهبية كما تحاول السلطة تصويرها وهو مايحاول اشاعته وبثه بين الناس حلفائها وانصارها وابواقها ومرتزقتها بقصد تحجيم هذه الثورة والحد من اثارها وتاثيرها في اوساط اخرى من العراقيين ، ولربما سيحاول الحاكمون دس بعض مرتزقتها من الماجورين في صفوف الجماهير الثائرة ممن يرفعون ويثيرون ويروجون الشعارات الطائفية والعدائية ومحاولة حرف هذه الثورة عن مسارها وبالتالي النجاح في تحجيم وعزل هذه الثورة واعطاء المبررات للسلطة لمواجتها وربما قمعها والقضاء عليها باعتبار هذا الحراك الجماهيري حراك طائفي ومذهبي معادي يثير الفتن ويهدف الى استهداف الاخر والسلطة الشيعية .. وهو الوتر الذي تعزف علية السلطة الشيعية الان اضافة الى وتر البعث والارهاب الذين تعتبرهم هم من يقف وراء هذه الثورة وياججها ويحركها ويدعمها .
ولكن مما يبعد اي شبهة عن هذه الثورة انها لم ترفع حتى الان اي شعار طائفي بل ان قادتها وزعمائها ما انفكوا يقولون ويكررون مرارا ان ثورتهم هي ضد السلطة الجائرة الفاسدة التي ظلمت جميع العراقيين سنة وشيعة وعربا وكردا ومختلف المكونات الاخرى .. ويرفعون شعارات وطنية تدعو الى الوحدة والتكاتف ونبذ الطائفية والخلافات والتخلص من الفاسدين والظالمين والسراق وهي مطالب يتفق عليها جميع العراقيين .
يضاف ان هذه الثورة لم تقتصر على مناطق ومدن بعينها فقد تزامنت مع تصاعد حالة السخط و التذمر الشعبي الواسعة التي جاءت بعد الفيضان الذي اجتاح بغداد ومدن العراق بعد ساعات من المطر والذي كشف عن انهيار تام في بنية شبكات مجاري الصرف الصحي في عموم مدن العراق عدا كردستان ،مما ادى الى غرق معظم مناطق بغداد وعزل بعضها تماما حتى ان وسط العاصمة قد شهد هو الاخر فيضانات واسعة ادت الى ارتباك وفوضى وتعطل في حركة السير والعمل والتنقل بعض المناطق اعلنت منكوبة فيما تهدمت بعض الدور على ساكنيها مما ادى الى خسائر في الارواح والممتلكات .. فضلا عن الخسائر المالية التي تقدر بملايين الدولارات بسبب تعطل وشلل الحياة العامة والاعمال في بغداد ومعظم مدن العراق .
يضاف الى ذلك الازمة الحادة بين حكومة المركز وحكومة اقليم كردستان على خلفية الخلاف على المناطق المتنازع عليها والتي تصاعدت بشكل حاد ادى الى مواجهات مسلحة محدودة متسببا بسقوط قتلى من الجانبين وتحريك واسع وكبير للقطعات العسكرية والاسلحة والمعدات على خطوط التماس بين الجانبين .
هذه الاسباب اضافة الى تراكم سنوات طويلة من الحكم الفاسد والطائفي والسرقات والفوضى والانهيار التام في الوضع الامني والاقتصادي والاجتماعي اضافة الى تدهور الخدمات عامة وانهيار البنى التحتية بشكل كامل وتفشي البطالة والفقر والجريمة وانتهاك الحقوق والحريات والتعدي على كرامة الانسان والاعتقالات العشوائية والظالمة والتصفيات الطائفية والسياسية والتعذيب والاغتصاب في السجون وتسييس القضاء وافساده وووووو .. اضافة الى وهو السبب الاهم استباحة العراق وكيانه ووجوده ودولته ونظامه السياسي وقراراه وارادته من قبل القوى والدول الخارجية وبتسهيل وتعاون من قبل حكومة وساسة العراق المرتبطين والموالين لهذه الدول وفي مقدمتها ايران وامريكا ، كل هذه اسباب ادت وتؤدي الى هذا الانفجار الذي تشهده مدن العراق اليوم .
ويبقى السؤال المهم هل سنشهد ربيعا عراقيا مماثلا للربيع العربي في الدول الاخرى ام ان الامر سيبقى في حدود التظاهرات المحدودة والمناطقية المتناثرة هنا وهناك وكل شيء ينتهي بمجرد انتهاء هذه الفورة ويعود كل شيء الى سابق عهده ؟
ان مايحدد مسار ونتائج هذا الحراك الشعبي الذي يشهده العراق اليوم هو طبيعة البعد السياسي وطبيعة اهدافه وشعاراته ووسائله ومطالبه .
فمن حيث البعد السياسي فيجب ان لايرتبط هذا التحرك او يجير لحساب احزاب او قوى او مؤسسات سياسية معينة لكي لايوضع في خانة الصراع السياسي على السلطة او خانة الارتباط بجهات سياسية معينة لها ارتباطات قد تكون غير وطنية ويجب ان يكون اولا وبشكل اكبر حراكا شعبيا جماهيرا منتميا للوطن وخلاصه ومصلحته فقط ، كما ويجب ان لايقتصر على مكون او طائفة اومنطقة او فئة بعينها ويجب ان يكون مماثلا لكل العراقيين بغض النظر عن اي تمايز او مسمى مهما كان ، اما شعاراته فيجب ان تكون شعارات وطنية خالصة صادقة واقعية نابعة من الجماهير و تلامس امالها والامها وتطلعاتها وحاجاتها ومشاعرها ، لا طائفية او مذهبية او مناطقية او فئوية او قومية ...الخ ، اما وسائلها فهي كل الوسائل المشروعة من مظاهرات واحتجاجات سلمية في كل المدن والميادين والاستفادة من الوسائل الاعلامية ووسائل الاتصال المتطورة كافة من انترنت وغيره للتعريف باسباب واهداف ومطالب هذا الحراك ، اما التطور فيكون حسب درجة استجابة السلطة لمطالب الجماهير ثم تتصاعد تدريجيا عند عدم الاستجابة الى اعتصامات ثم عصيان مدني .. مع تجنب اي حالات استفزاز او احتكاك مع قوى السلطة .. وتجنب اي عنف او تخريب او مساس بماهو عام، وعدم المساس او الاساءة للحريات والحقوق العامة .
وفي الحالة العراقية ان المطالب واضحة و بينة ومفهومة للجميع فهناك فساد سياسي واقتصادي وهناك فوضى عارمة وهناك اهدار وسرقات للمال العام ورشوة وانهيار في الخدمات والبنى التحتية .. وفقر وبطالة ووضع امني متردي وتدخل اقليمي ودولي سافر .. وامور اخرى كثيرة .. هذه كلها تستوجب اصلاحا واعادة بناء واعمار .. ويجب ان تدور الشعارات في فلك هذه الاوضاع والمؤشرات السيئة والسلبية وان لم يتم الاستجابة للاصلاح وجب الانتقال الى مرحلة التغيير .. والمطالبة به ليكون بشكل سلبي وسلمي عن طريق الضغط للدعوة الى انتخابات مبكرة او سحب الثقة من الحكومة الحالية او الوسائل الشرعية من دستورية وقانونية اخرى .
اما مايجب الالتفات اليه بعد الانتهاء من هذه المرحلة فهو اعادة النظر وبناء العملية السياسية والحكم وادارة الدولة على اسس صحيحة وديمقراطية حقيقية عن طريق اعادة النظر وتصحيح الثغرات والهفوات والاخطاء في الدستور والقوانين التي افضت الى هذه الفوضى والفساد السياسي العارم في البلد .. والتخلص من المبادئ السياسية القاتلة التي تقوم عليها العملية السياسية والحكم وادارة الدولة الان وخصوصا مبادئ المحاصصة والتوافق والمساومة .. وتمزيق الدولة ومؤسساتها مزقا على المكونات الطائفية والحزبية والقومية والفئوية والمناطقية ، وان يصار الى ادارة الدولة من قبل ناس واشخاص من اصحاب الخبرة والكفاءة والاختصاص من الوطنيين النزيهين بغض النظر اي اعتبار اخر ، لتجنب تكرار الوقوع في نفس الماساة والازمات والاخطاء والسلبيات التي استنزفت واكلت من عمر العراق والشعب والتنمية سنينا واموالا وطاقات ودماء وارواح ضاعت هباء وكل شيء عاد الى الوراء خطوات وازمنة بعيدة .. وكان شيئا لم يحصل منذ 2003 حتى اليوم وكان تغييرا لم يقع بل ان الوضع انحدر نحو الاسوا .. في حين ان العراق يمتلك ثروات واموالا وخيرات وطاقات هائلة في كافة المجالات .. فيكفي ان وارداته النفطية تبلغ مليارات الدولارات سنويا .. اضافة الى الزراعة والصناعة ومجالات الابداع والتنمية المشلولة والمعطلة منذ عدة سنوات فضلا عن تدمير وبيع الكثير من بنى المعامل والمصانع العراقية وتهريبها الى الخارج.
ان السلطة والقوى السياسية الحاكمة كانت ولا زالت تبرر هذا الفشل والانهيار والتراجع والفساد وتعلقه على شماعة الارهاب والبعث والتامر عليها ، وقد تبين زيف وكذب هذه المبررات والادعاءا لان الفساد والسرقات والاهدار للاموال والحقوق وانتهاك الحريات لا يرتكبه الارهاب او البعث بل ترتكبه السلطة والقوى المتحالفة والمشاركة في الحكم .. بل ان العراقيين بؤا يفهمون ان الصراع السياسي بين القوى على السلطة والكراسي والاموال وتقاسم المنافع والمكاسب والمصالح الضيقة هي التي تتسبب بحالة الانهيار والفوضى والتردي الامني وتفشي الارهاب .
حيدر نواف المسعودي
31 / كانون الاول / 2012








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. دمار شامل.. سندويشة دجاج سوبريم بطريقة الشيف عمر ????


.. ما أبرز مضامين المقترح الإسرائيلي لوقف إطلاق النار في غزة وك




.. استدار ولم يرد على السؤال.. شاهد رد فعل بايدن عندما سُئل عن


.. اختتام مناورات -الأسد الإفريقي- بالمغرب بمشاركة صواريخ -هيما




.. بايدن: الهدنة في غزة ستمهد لتطبيع العلاقات بين السعودية وإسر