الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


من قزوين إلى البحر الأسود.. الأمريكان يسبحون في الفضاء «السوفييتي»

قاسيون

2005 / 3 / 21
مواضيع وابحاث سياسية


قدم رئيس القيادة الأوربية للقوات المسلحة الأمريكية الجنرال جيمس جونس إلى مجلس الشيوخ الأمريكي تقريراً حول المصالح العسكرية ـ الاستراتيجية الأمريكية في العالم.

اتسمت الوثيقة المقدمة بالتحدي والوقاحة، لم يسبق للسياسيين الأمريكيين أن تحدثوا بهذا الوضوح والعلانية عن خططهم في الفضاء السوفيتي السابق. موهت الدبلوماسية الأمريكية، حتى فترة قريبة، ضرورة وجود قواتها العسكرية في القفقاز بمحاربة الإرهاب العالمي، إلاّ أنّه ينتج عن كلام جيمس استنتاج وحيد ـ الولايات المتحدة الأمريكية تحتاج إلى القفقاز للهيمنة على نفط بحر قزوين. إليكم مما قال بالحرف: "إننا نبحث عن إمكانية الوصول إلى مواقع جديدة وحرية الترانزيت باتجاه البحر الأسود، القفقاز، الشرق الأوسط وأفريقيا لتعزيز وتوطيد المصالح القومية الأمريكية". "في السنوات الخمس المقبلة يمكن أن تضمن مصادر الطاقة الخام في منطقة بحر قزوين زيادة في إنتاج النفط بنسبة تصل إلى 25% من الطلب العالمي العام".
لماذا أخذت الولايات المتحدة الأمريكية تتحدث بهذا الوضوح والعلانية عن خططها غير المفرحة بالنسبة لروسيا؟ لماذا توقفت عن الاختباء خلف ستار القيم الديموقراطية المزعومة؟ لماذا انتفت الحاجة إلى التنكر.
بعد خسارة أوكرانيا لم تعد موسكو مركز الفضاء السوفيتي السابق. أخذ هذا المركز يتحرك باتجاه كييف. هكذا نجد رئيس مولدافيا فلاديمير فورونين، عشية الانتخابات البرلمانية التي ستتم قريباً، يطير للركوع أمام فيكتور يوشينكو (رئيس جمهورية أوكرانيا الجديد ـ المترجم)، وليس أمام صاحب الكرملين، باحثاً عن الدعم. وكما يتوقع المراقبون، سيناقش لاحقاً مسألة حل النزاع في بريدنستروفسك في كييف وليس في موسكو، مما سيؤدي بالتالي إلى نتائج غير مرغوبة أبداً بالنسبة لموسكو. عملياً كانت ليفوبيريجي دنيستر يوماً ما جمهورية ذات حكم ذاتي ضمن جمهورية أوكرانيا السوفيتية الاشتراكية، لذلك يمكن لبريدنيستروف أن تصبح في عداد وملاك أوكرانيا، وتتحد مولدافيا مع رومانيا التي ستصبح في عام 2007 عضواً في الاتحاد الأوربي، وبهذا الشكل يصبح كامل شريط البحر الأسود تقريباً داخلاً بتناسق مع الاتحاد الأوربي. وعلى كل حال فلقد صرح بهذه الخطط ميخائيل ساكيشفيلي (رئيس جورجيا ـ المترجم) في لقاء مع الصحيفة الإيطالية "الجمهورية". وبالتالي تصبح الآمال حول دفاع السلطات والشعب المتعصب والموجود في المعارضة في بريدينستروف مرة أخرى عن مصالح روسيا، في الوقت الذي لا تستطيع فيه روسيا أن تفعل شيئاً في صالح حلفائها ـ تصبح (تلك الآمال) ضعيفة. إذا حكمنا على التحركات السريعة واللقاءات النشيطة لأشهر النشطاء السياسيين المعادين لروسيا، التي كثفت في الآونة الأخيرة، يصبح واضحاً أنّ ساكافشفيلي، ويوشنكو، وفورونين يخططون لإعادة إحياء ـ منظمة (غوام) التي أسست عام 1997، والتي حسب رأي مؤسسيها يجب أن توحد جورجيا، وأوكرانيا، وأوزبكستان، وأذربيجان وملدوفيا، وتنظم عملية تنفيذ خطوط نقل الطاقة من أذربيجان وآسيا الوسطى إلى أوربا بالاستغناء عن الأنابيب والموانئ الروسية. إلاّ أنّه في عام 2003 لم يبق هناك جسم موحد، انهارت المنظمة نتيجة رفض رؤساء ملدوفيا وأوزبكستان وأذربيجان السفر إلى يالطا للمشاركة في لقاء القمة، عندها استطاع الكرملين الضغط على فورونين وإسلام كاريموف. لقد تغير الكثير منذ ذلك الحين، خطر "الثورة البرتقالية"، المصير الأسود المخيم على رؤوس دول الاتحاد السوفيتي السابق، وإضعاف روسيا من خلال القرارات الصارمة في الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوربي، التي تساعد التيارات المعادية لروسيا، كل ذلك يمكن أن يجعل من الـ (غوام) حقيقة الغد. إذا تم ذلك، تصبح موسكو، الكرملين وروسيا على أطراف رابطة الدول المستقلة، مع التوقيع على الوثائق اللازمة تصبح جميع الاتصالات الدولية للاتحاد الأوربي والولايات المتحدة الأمريكية لمعالجة مشاكل الفضاء السوفيتي السابق تجري مع المنظمة الجديدة، وستوضع موسكو أمام الأمر الواقع. تحقق حلم أوكرانيا غير البكر، عندما لم يعودوا يتعاملون معها بلغة الأمر، بل أضحت ـ دولة عظمى ذات عزة نفس وغطرسة إمبراطورية.
تقود الصداقة المفاجئة بين ساكافشفيلي ويوشينكو المحبين للديموقراطية وبين الشيوعي فورونين إلى التساؤل: "كيف يمكن أن يحصل ذلك من حيث المبدأ، فساكافشفيلي، إذا حكمنا من خلال خطاباته، المشبعة بالحقد العنيف والقاسي، وعدم إمكانية رؤية ناهبي الخيرات العامة وخاصة الشيوعيين، حيث وعد في ولايته بحظر الحزب الشيوعي". يمكن الافتراض، أنّه بهذا الشكل، تعطى إشارة إلى قادة الجمهوريات السوفيتية السابقة، لا تتمترسوا، ليست مصيبة أيها الشباب في أن لا يكون كل شي فيما يخص حقوق الإنسان لديكم على ما يرام، وأنّ الوزراء يلحنون (لا يقولون الحقيقة)، يمكن للمجتمع الدولي أن يتفهم كل ذلك ويتسامح معه، عليكم فقط أن تحطوا من مستوى العلاقات مع موسكو، انفصلوا عنها، تلك الملعونة، واركعوا أمام الأخوة في الروح الديموقراطية ميخائل (ساكافشفيلي) وفيكتور (يوشينكو)، اركعوا على ركبكم وسبحوا بعيون تملؤها الدموع، كما فعل من قبل العبقري العظيم فوروني، اعترفوا بالمركز الجديد، الذي يباركه الاتحاد الأوربي والولايات المتحدة الأمريكية. عندئذ يأتي الأخوة ميخائل وفيكتور إلى أوربا ويعلنان عن مصائبكم، سيشفق المجتمع الدولي عليكم، ولن تحصل في شوارع مدنكم مسيرات الورود والشالات. إذا طابق تطور الأحداث الحالي الواقع، فلن تحصل "ثورات برتقالية" أكثر، وإن قامت ثورة أخرى، فإن مسارها سيكون في الساحة الحمراء. تبين جميع المؤشرات الخارجية الحالية أنّه تحاك ضد روسيا حملة لتخريب المراكز السياسية والمؤسسات القانونية. وكما قيل أعلاه، ستصبح كييف و(غوام) هما المركز السياسي الجديد في الفضاء السوفيتي السابق، وليس موسكو أو منظومة الدول المستقلة.
سيتم تشكيل المؤسسات القانونية ما فوق الحكومية بالتدريج، والتي سيتم الاعتراف بها من قبل المجتمع الدولي، كمؤسسات أعلى وذات أولوية تفوق المؤسسات القانونية في روسيا الاتحادية. أصبحت معروفة لدينا إحدى هذه المحاولات. بدأت المحكمة الأوربية الخاصة بحقوق الإنسان بالتحقيق في دعوى سكان الشيشان، الذي عانوا من المعارك القتالية في المنطقة، أي أقامت المحكمة الأوربية لحقوق الإنسان دعوى ضد روسيا الاتحادية. من وجهة نظر ممثل الحكومة الروسية، في المحاكم الروسية العليا ميخائيل بارشيفسكي شكل ذلك سابقة خطيرة، تسمح باستبدال محكمة أية دولة بقرارات محاكم ستراسبورغ. نذكر بوجود أكثر من 150 قضية مما يسمى بـ "القضايا الشيشانية" في مكاتب المحكمة الأوربية، على الأرجح سيتحتم على روسيا أن تجيب عليها، وبشكل أدق ستدفع تعوضات عنها. لا يتوقف الخوف عند الخسائر المادية، بل سيشمل حقيقة أنّ هذه السابقة ستقضي على جميع المؤسسات القانونية في روسيا الاتحادية.
■ نيقولاي بوبروف
ترجمة: شاهر أحمد نصر








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أحداث قيصري-.. أزمة داخلية ومؤامرة خارجية؟ | المسائية-


.. السودانيون بحاجة ماسة للمساعدات بأنواعها المختلفة




.. كأس أمم أوروبا: تركيا وهولندا إلى ربع النهائي بعد فوزهما على


.. نيويورك تايمز: جنرالات في إسرائيل يريدون وقف إطلاق النار في




.. البحرين - إيران: تقارب أم كسر مؤقت للقطيعة؟ • فرانس 24 / FRA