الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


التعصب الفئوي و الحزبي في فلسطين..مأساة تتعمق

أحمد سعيد قاضي

2013 / 1 / 1
القضية الفلسطينية


تجادلت في أحد الأيام مع صديق لي عن ما يدور في الساحة السياسية الفلسطينية ، لكن للأسف كان متعصباً لأحد الأحزاب السياسية بحيث أنه رفض الإعتراف بأن هذا الحزب يمكن أن يكون قد أخطأ في أحد المواقف أو أنه يمكن أن يخطئ، و بصراخ أيضاً، و كأن من يرأسه ليس من البشر. هذه الحالة تجسد المجتمع الفلسطيني كغيره من المجتمعات العربية، و هذا هو المرض الرئيسي المتأصل في الشعب الفلسطيني و سبب رئيسي للتخلف، و عدم قدرة الشعب الفلسطيني على الضغط على الفصائل الفلسطينية لإتباع استراتيجية موحدة تقودنا الى التحرر. فالإنسان الحر كما يقال يدافع عن الفكرة بغض النظر عن قائلها، أما الإنسان المتعصب العبد يدافع عن الشخص أو عن هذا الفصيل أو ذاك بغض النظر عن الأفكار التي يحملها حتى لو تؤدي الى دمار البلاد، أو ما تبقى منها. التعصب: هو أخذ الأمور بشدة و عنف و عدم قبول الرأي الآخر، و نصرة من يشاركه الأفكار أو الدم أو القومية سواء كان على باطل أو على حق، على أساس قاعدة انصر أخاك ظالماً أو مظلوماً. و منه التعصب الحزبي الذي يعني دعم و نصرة الحزب و الفصيل السياسي الذي ينتمي اليه الانسان حتى لو كان هذا الحزب على خطأ، و دعم هذا الحزب في المواقف التي يتخذ فيها مساراً ليس سليماً. قد يكون التعصب محموداً على اذا كان أساسه المصلحة العامة و حماية الأوطان ضمن ضوابط معينة. لكن هذا ما لا نراه في حالة الشعب الفلسطيني، و الشعوب العربية بشكل عام.
لا يخفى على مراقب كيف أن الشعب الفلسطيني منقسم على نفسه بين القوى اليسارية و على رأسها حركة فتح(التي تعتبر في يسار الوسط)، و القوى الإسلامية و على رأسها حركة حماس، الذي كان منذ نشوء حركة حماس عام 1987-1988م حتى عام 2007م انقسام ايديولوجي و على أساس برامج سياسية، بين هذه الكتل الحزبية و ليس الأفراد، و تجسد انقسام الشعب بعد استيلاء حركة حماس بالقوة على الحكم في غزة عام 2007م، و بعد أن اصبح هناك حكومتين في الضفة الغربية و قطاع غزة، و ما تبعه من قطيعة بين الفصيلين الأكبر على الساحة السياسية الفلسطينية، و غيرها من المشادات الكلامية على الهواء مباشرة بين الإخوة الفلسطينيين. هذا أدى الى تفسخ مجتمعي بين أفراد الشعب الفلسطيني الذي كان يضرب به المثل في الوحدة، و هذا أخطر ما في الأمر; بحيث اصبح يحرم على الفتحاوي أن يختلط بالحمساوي و العكس صحيح، و أصبح افراد الشعب بسبب السموم الإعلامية من كلا الطرفين اكثر تعصباً كلاً لحزبه حتى لو كان ذلك على حساب الوطن أو على حساب أخيه الفلسطيني، حيث اتبع الفلسطينيون قاعدة انصر أخاك في الحزب ظالماً كان أم مظلوماً، بعد أن نسي الفلسطينيون أن هويتهم الأولى و الأخيرة هي فلسطين، و هدفهم واحد و هو تحرير فلسطين، و أن الفصائل الفلسطينية هي الوسيلة هذا النصر لا وسيلة للإقتتال الداخلي. أنا لا ألوم أفراد المجتمع لأنه من الصعب التحرر من الفئوية التي فرضها علينا مجتمعنا و تربى الأجيال القادمة على أساسها، بل ألوم المتنفذين في هذا الوطن، الذين فرضوا علينا هذه الفئوية، و وجب عليهم تصحيح خطأهم. فالفئوية و التعصب يعميان البصر و البصيرة، فالتعصب يؤدي الى الكراهية، و الحقد، و الرغبة في الإنتقام، و بالتالي نسيان العدو الحقيقي الذي يقف متفرجاً، بل مساعداً على تدمير المجتمع الفلسطيني لكي يسلب ما يريد من أرض و يهجر من يريد من الفلسطينيين من يريد بدون محاسبة. و ها نحن اليوم نرى كيف أثر هذا الإنقسام السياسي و المجتمعي أيضاً على مسيرة الثورة الفلسطينية بشقيها المسلح و السياسي، فالفلسطينيون يقفون عاجزين عن مواجهة الإحتلال الغاصب، غير أن اسرائيل إستغلت الإنقسام لتكريس الفصل بين غزة و الضفة الغربية، و رفض المفاوضات على أساس أنه لا يوجد من يمثل كل الفلسطينيين، فبدون الوحدة بين مختلف ألوان الطيف السياسي في فلسطين سيكون من المستحيل الحديث عن اكمال مشوار الثورة، و مشوار الشهداء و الجرحى و المعتقلين و استعادة الأرض المسلوبة.
في نهاية المطاف، هذا النوع من التعصب يؤدي الى انحسار في فكر الجيل الصاعد، و زيادة نزعته الى العنف و محاولة الإنتقام من الجار و الأخ و إبن العم، لأن المتعصب لجماعة أو حزب أو ديانة، لا يرى شيئاً من خارج منظار هذه الجماعة، و سيجد الشباب نفسهم قد وقعوا و غاصوا في مستنقع الفئوية الذي يؤدي على أقل الأحوال الى دمار البلاد و فناء العباد، ليس فقط كما حدث عام 2007م حيث الإقتتال بين جهتين مسلحتين، بل بين أفراد المجتمع الفلسطيني ككل، و ما يحدث في مصر و سوريا الا دليل على ما أقول و ما اتخوف. فجيل الشباب و ما بعده من أجيال هم عماد المستقبل و يقع على عاتقهم مهمة صعبة متمثلة في تحرير البلاد و بناء دولة فلسطينية مدنية. لذلك على القيادات السياسية، و التي هي السبب الرئيسي لهذا الإنقسام الخطير بين أفراد المجتمع على أساس حزبي تعصبي، أن يعيدوا حساباتهم و ينظروا من منظار الوطنية و المصلحة العامة، و يعيدوا صياغة هوية كل إنسان فلسطيني على أساس وطني لا حزبي قبل فوات الأوان، فالتنشئة الإجتماعية الحالية تقوم على أساس حزبي و هذا ما يجب أن يعالج بشكل جذري و سريع.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ctمقتل فلسطينيين في قصف جوي إسرائيلي استهدف منزلا وسط رفح


.. المستشفى الميداني الإماراتي في رفح ينظم حملة جديدة للتبرع با




.. تصاعد وتيرة المواجهات بين إسرائيل وحزب الله وسلسلة غارات على


.. أكسيوس: الرئيس الأميركي يحمل -يحيى السنوار- مسؤولية فشل المف




.. الجزيرة ترصد وصول أول قافلة شاحنات إلى الرصيف البحري بشمال ق