الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


شيزوفرينيا التاريخ في العراق

ميثم مرتضى الكناني

2013 / 1 / 2
مواضيع وابحاث سياسية


العراق امة بلا ابطال

على الرغم مما يغطي جسد العراق خارجيا من غلالة بيضاء ناصعة بنصاعة قشور البيض لكنها رقيقة ومعرضة للكسر في أي لحظة هذه الحدود التي رسمها المستعمر البريطاني ميزتنا جغرافيا عن البلدان الاخرى ولم تصنع لنا هوية وطنية فرغم ان العراق يعتبر مجازا وطن واحد الا ان محتواه الداخلي يكشف عن دولة مكونات وليس هذا امر مستحدث وانما هو حالة متلازمة طالما عانى منها فيصل بن الحسين اول ملوك العراق في عشرينات القرن الماضي اثناء تشكيل المملكة العراقية حيث كتب في مذكراته بلوعة المكلوم عن داء الطائفية والتمييز وعدم التجانس بين المكونات العراقية ويقف على راس اسباب استفحال هذا الداء وسريانه عبر الحقب والادوار المرحلية من تاريخ العراق كون النظم والنخب الحاكمة التي تعاقبت على حكم البلد بعد المستعمر الانكليزي في عشرينات القرن الماضي والاميركي بعد العام 2003 كانت متشربه بالطائفية فتقيأت عقدها على المجتمع ومن البديهي ان يسفر عن ذلك خلافات وتقاطعات اثرت على تشكيل هوية الدولة والمجتمع ومن اهم مايختلف عليه العراقيون قرائتهم لتاريخهم فالعراقيون لايملكون تاريخا جمعيا موحدا فالشيعة لديهم قراءة مختلفة للتاريخ عن تلك التي عند السنة وللاكراد تاريخ يطعن به التركمان (وهنا اتحدث عن الاحداث المعاصرة منذ تاسيس الدولة العراقية المعاصرة وظروف تشكيلها عام 1921 وماترتب عليها من تقاطعات وخلافات ادت الى مانشهد بعض فصولها المرة والمؤسفة هذه االايام) ومن غير المستغرب ان تجد شخصية في تاريخنا العراقي يصوره فريق على انه بطل فيما نجده مجرم او خائن او عميل في نظر الاخرين ولم يقتصر ذلك على الاشخاص بل تعداه الى التاريخ والجغرافية حيث تختلف المكونات على ماضيها وتراثها واسهاماتها في صناعة الحدث الوطني بل و حتى حدود امتدادها الجغرافي بين المحافظات والاقضية , اننا لاندعي ان تاريخ الامم الاخرى خال من التناقضات والاختلافات على تفسير الظواهر والاحداث وتعريف الشخوص حيث نجد ان التاريخ الوطني لاي بلد يحفل بالكثير من الاختلافات في تفسير الاحداث والوقا ئع حسب مزاج وعاطفة المؤرخ ويبقى للتحقيق التاريخي الموضوعي الكلمة الفصل في تحديد صوابية او خطا هذا الطرف او ذاك فمثلا الحرب الاهلية الاميركية يعتبرها سكان الشمال الاميركي انتصارا للوحدة ويمجدون رموزها وعلى راسهم لنكولن فيما نجد ان بعض سكان الجنوب ينتقدون ماجرى ويعتبروه غزوا وعدوانا ولكن مايميز الغربيين هو انهم يخضعون كل شئ للنقد ويحللون الاحداث بدون تجريح ,بينمانجد ان تعاطينا نحن مع التاريخ ياخذ احد المنهجين اما صفة التسقيط والتهجم اومحاولة التحاذق لابراز المحاور بانه يملك زمام الحقيقة ويحيط باسرارها وهو اسلوب مستفز ومنفر والاسلوب الثاني هو دس الراس في الرمال تجنبا لاي نقاش واعتبار ان في التاريخ محرمات وتابوهات لايحق لاحد تناولها بالبحث والتحقيق وفي كلتا الحالتين تدفع الاجيال العراقية المتعاقبة ثمن هذه الشيزوفرينيا في تناولنا لتاريخنا المعاصر والقديم ,ان مشكلة العراقيين الرئيسية تكمن في تعريفهم لذاتهم هل هي عراقية بعنوان الامة ام الجزء من الامة ولطالما كان الانتماء العروبي احدى الاشكاليات التي حاولت النظم السياسية القائها في قعر التفسيرات الغير مقنعه بعد ربطها بغطاس الشعارات العروبية التي تقفز على الحقائق التي تؤكد اسبقية العراق على الوجود العربي بقرون طويلة فضلا عن اسس النزاع بين الانتماء القومي والمذهبي ومراوحة العراقيين بين الولائين الامر الذي حاولت الحكومات العراقية السابقة استغلاله من خلال تطويع التاريخ لموائمة النظرية الحاكمة ان الازمة التي يعيشها العراق الان تكشف بمالايقبل اللبس الانحياز الحاد وحالة الفرز المكثفة للطوائف والقوميات رغم تبجح الكثيرين بنبذ الطائفية والعنصرية لاننا ببساطة وعلى مر فترات تاريخنا العراقي كنا نهرب من المكاشفة الى المكاتمة ونكتفي بالمديح وتدبيج الخطب التي تتناول الاخوة والوحدة ونحن نلعن بعضنا بعضنا ونعض على بعضنا النواجذ في السر ان اولى خطوات بناء الدولة الجامعة هو الاتفاق وبشكل شفاف وواعي على ثوابت المواطنة المستندة الى احترام التنوع والتعدد وابتكار صيغة لقراءة الاحداث تجعل المصالح العليا للبلد هي البوصلة وتجنب التجاذبات التي تهيج الشارع المازوم اصلا , يبقى الخطر محدقا بالعراق كوجود وكعنوان جامع مالم تتحرك النخب لانتاج هوية وطنية غير طائفية وغير عنصرية وفق اليات تتحاشى الوقوع بنفس اخطاء النظم التي حكمت العراق منذ العام 1921 وتسببت في ايصال الامور الى ماانتهت اليه الان من تشتت وتشرذم وعقد وخلافات والا فالايام تحمل مالاتحمد عقباه.

د.ميثم مرتضى الكناني .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. متضامنون مع غزة في أمريكا يتصدون لمحاولة الشرطة فض الاعتصام


.. وسط خلافات متصاعدة.. بن غفير وسموتريتش يهاجمان وزير الدفاع ا




.. احتجاجات الطلاب تغلق جامعة للعلوم السياسية بفرنسا


.. الأمن اللبناني يوقف 7 أشخاص بتهمة اختطاف والاعتداء -المروع-




.. طلاب مؤيدون للفلسطينيين ينصبون خياما أمام أكبر جامعة في الم