الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أخطاء المثقفين والإعلاميين الأردنيين بحق الشعب العراقي

باتر محمد علي وردم

2005 / 3 / 21
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي


بعد العاصفة التي شهدها الأسبوع الماضي في العلاقات الشعبية الأردنية-العراقية، والمرشحة للتصاعد والتكرار في حال لم يتم تحليلها بشكل منطقي وصريح، يريد معظم الناس في الأردن أن يصدقوا تفسيرا غير صحيح للأحداث مفاده أن الإساءة التي تعرض لها الأردن ورموزه في العراق تمت على أيدي »رعاع« - كما أسماهم بعض الزملاء للأسف- مدفوعين من تنظيمات »طائفية« حاقدة على الأردن والعروبة، ومؤيدة للاحتلال الأميركي ومسيطر عليها من قبل أحمد الجلبي!
هذا تفسير غير صحيح، ولا يهدف إلا إلى إزالة جزء كبير من المسؤولية عن عاتقنا نحن كسياسيين ومثقفين وإعلاميين في الأردن، الذين قام معظمنا بتكرار الإساءة إلى الأشقاء العراقيين طوال سنوات حكم صدام حسين وبعد الاحتلال الأميركي وأثناء العمليات الإرهابية التي استهدفت أبناء الشعب العراقي.
ما قامت به مجموعة من »الموتورين« في بعض مدن العراق من الإساءة إلى العلم الأردني والرموز الأردنية عمل مرفوض بكل المقاييس، ويثير غضب كل الأردنيين لأن علم بلادنا وملكه ورموزه لا تستحق إلا كل الاحترام. ولكن هذا لا يعني اننا كأردنيين، وخاصة من فئات المثقفين والإعلاميين والسياسيين منزهون عن الخطأ، بل أن السبب الرئيس وراء الإساءة إلى العلم الأردني وسمعة الأردن في العراق هي الكلمات التي نقولها ونكتبها بحق الشعب العراقي وفئاته وخياراته السياسية.
لقد أخطأ العراقيون في اتهام النظام والحكومة الأردنية بدعم الإرهاب الذي يمارس بحق العراقيين لان هذا غير صحيح أبدا، والحكومة الأردنية كانت واضحة تماما في دعم إنشاء المؤسسات المستقلة في العراق واحترام خيارات الشعب العراقي كما ساهمت في إدخال الحكومة العراقية في ظل الاحتلال الأميركي إلى المحيط العربي، وساهمت في إنجاح العملية الانتخابية.
ولكن الذين دعموا الإرهاب في العراق هم غالبية المثقفين والإعلاميين في الأردن، الذين فشلوا تماما في التفرقة ما بين المقاومة الوطنية المشروعة ضد الاحتلال الأميركي التي تمارسها تنظيمات وطنية عراقية مخلصة لبلادها مع بعض الدعم العربي، وما بين عمليات القتل الإجرامي والإرهاب والاختطاف الذي تمارسه تنظيمات أصولية وأخرى من بقايا نظام صدام وبعض التنظيمات الإرهابية العابرة للحدود مثل القاعدة.
وقد فوجئت حقيقة بحجم التبرير الذي يتم تقديمه من قبل الإعلاميين والمثقفين للعمليات الإرهابية. ففي عملية الحلة الأخيرة ادعى البعض بأن الضحايا العراقيين كانوا من الذين يتطوعون لدخول الجيش العراقي ليصبحوا »أداة في يد الأحتلال«. والواقع أن هذا تبرير مخجل، فهل يعني ذلك أن كل عراقي يدخل الجيش والشرطة لضبط الأمن في بلاده يستحق الموت. وإذا كنا نطالب بسحب الجيش الأميركي، فإن الذي سيتحمل المسؤولية الأمنية في العراق هو الجيش والأمن العراقي، فكيف يمكن أن ينسحب الأميركيون بدون وجود جيش عراقي يستهدفه الإرهابيون الآن بحجة التعاون مع الاحتلال، وهو ادعاء كاذب.
وبالإضافة إلى دعم الإرهاب في العراق، أو على الأقل تجاهل انتقاده وتقديم التبرير له، فقد انزلق الكثير من المثقفين والإعلاميين وخاصة أصحاب التوجه الديني إلى فخ الطائفية والتحريض ضد الأخوة الشيعة في العراق، من على منابر الصحف أو المساجد أو الأشرطة الدينية. لقد استغل البعض الحالة السياسية التي يعيشها العراق حاليا لنشر بذور الفتنة بين السّنة والشيعة، حتى انتشرت فكرة التحريض ضد الشيعة في مختلف الأوساط الشيعية، وهي مسؤولية كبيرة يتحملها القادة الدينيون الذين لم يقوموا بواجبهم في الدعوة إلى وحدة المسلمين.
ولم يتم الاكتفاء بالتحريض الديني بل أيضا السياسي، فقد انتشرت الكتابات حول التهميش السياسي للسنة، بدون التذكير بأن الحالة العراقية أيام صدام حسين شهدت سيطرة الأقلية على الأغلبية والتهميش الفعلي في المناصب والمراكز، بدون أن يتطوع أحد من هؤلاء المثقفين للمطالبة بالعدالة في التمثيل السياسي. كما أن الإنصاف يقتضي منا القول بأن الأخوة الشيعة في العراق مارسوا حتى الآن انضباطا يستحق الشكر تجاه الكثير من العمليات الإرهابية اليشعة ذات البعد الطائفي ولم يردوا عليها بمثلها، وإلا تحول العراق إلى ساحة صراع ديني طائفي هائل، وعلينا أن نعترف بهذا بدون مواربة.
ربما يكون الموتورون في بعض المدن العراقية قد اساءوا إلى الأردن في مسيراتهم، ولكننا كمثقفين وإعلاميين أردنيين قمنا بالإساءة إلى مصالح الأردن الاستراتيجية مع كل الشعب العراقي بطوائفه السنية والشيعية والكردية من خلال سكوتنا وتبريرنا للعمليات الإرهابية التي قامت باستهداف الأخوة العراقيين، وشارك في تخطيطها وتنفيذها بعض العرب ومنهم مواطنون أردنيون خارجون عن القانون والأخلاق ولا ينبغي أن نقوم بالتغطية على أفعالهم السيئة والسماح لأخطائهم أن تكون شماعة للإساءة إلى العلاقات الشعبية التاريخية بين الأردنيين والعراقيين.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. غزة.. الجيش الإسرائيلي يدعو السكان لإخلاء شرق رفح فورا


.. إسرائيل وحماس تتمسكان بموقفيهما ولا تقدم في محادثات التهدئة




.. مقتل 16 فلسطينيا من عائلتين بغارات إسرائيلية على رفح


.. غزة: تطور لافت في الموقف الأمريكي وتلويح إسرائيلي بدخول وشيك




.. الرئيس الصيني يقوم بزيارة دولة إلى فرنسا.. ما برنامج الزيارة