الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


اغنية خي خي وذكريات خاصة

جواد الديوان

2013 / 1 / 3
مواضيع وابحاث سياسية


ارتفعت اصوات كثيرة في العراق تطالب وضع حدا لمعاناة الابرياء في السجون او في التوقيف بلا امر قضائي او حتى مع قضائي باتهامات تسيس القضاء!. وربما تكررت المطالب قبل اشهر وفي وقت شدة الحر في العراق. ومع هذا الضيق والانفعالات النفسية في الشارع تطفو على سطح الذاكرة، اغنية كررها الوالد العزيز، من ذكرياته في سجن نقرة السلمان!. فقد حشر البعث في 1963 الاف العراقيين في ذلك السجن الصحراوي المخيف وبماركة غريبة من قادة المجتمع. وتم نقله مع جماعته، بعد حركة البطل حسن سريع (تموز من ذلك العام)، كما تم يسير قطار الموت وقتها. وذنب هؤلاء هو قابلياتهم على التفكير ورفض الخضوع والخنوع للجهلة والاميين وذوي الشخصية الهستيرية (حماسة قادة العراق تمثلت في دعوات الوحدة الفورية مع مصر!). ويعبر التراث الفكري عن ذلك في:
سلام على خالع من غد فخارا على امسه الدابر
وليس على عائش كالغراب على جيف الساحق الغابر
سلام على غاصب ما يريد من فم مستئذب كاسر
وليس على غصن ناعم رشيق يميل مع الهاصر
وفي نقرة السلمان يحاكي احدهم اغنية محمد عبد الوهاب "خي خي ..." في الكلمات التالية:
خي خي الدنيا حارة علي يا خي
امانة افتح لي الشباك نسمة هوا تجييني
والفارق واضح بين امنياته وامنيات الاغنية. سجن في الصحراء حيث الحرارة العالية ظهرا في الصيف والبرودة القاسية في الشتاء مع اهوال الاتربة والغبار، ومعزول عن العالم الخارجي من راديوا او اخبار او الادب. انها عزلة قاسية في ظروف وحشية. وتسمتر الاغنية:
لج يمة لحكيلي
مي بارد جيبي لي
اوف يابة اوف يابة
والالم والاماني والتمني للماء البارد او النسمة الباردة واضحة. انه تعذيب جماعي للقوم في عزلة وبعد وشوق للاهل والولد.
ربما لم يعتمد العرب غير اليات التعليم الشرطي في التربية ولتصحيح اي شيء لا يرغبون به ومنها الايمان بافكار لا تناسب الولاة. ويتمثل ذلك في الامثلة "العصا لمن عصا" ولا يعني الا العقوبات الجسدية. وهذه تبرز لكل الافعال التي يرفضها ولاة المجتمع!. ومنها النقد او التقدم بامور مطلبية، وكذلك الاجتهاد في اي موضوع، والامثلة عبر التاريخ كثيرة ومنها مقتل ابن المقفع وجلد بشار بن برد للموت وجلد ابن حنبل وقتل الحلاج وغيرها. وفشل هذه الالية واضح في الحركات الواضحة عبر التاريخ من خوارج وقرامطة وثورة للزنج وغيرها. ومن معالمها في العصر الحديث مرافقة عصا المعلم للطالب طيلة فترات الابتدائية والمتوسطة وربما الاعدادية، وقبلها عصا الملا والفلقة لتعزيز قابليات الحفظ. وهذه الوسيلة الاسهل للتعليم وللسيطرة على الشعوب وقمع المعارضة حيث خواء الفكر للولاة.
وفشل القوم فشلا ذريعا في تفسير اليات هذا التعليم الشرطي. وقدم بافلوف للعالم اسرار هذه التصرفات من حوافز متعددة. بداية بافلوف كانت مع كلب يعرضه لحافزين مثل الصوت ومنظر الطعام والاستجابة عصارات المعدة. والاصل ان منظر الطعام او رائحته تسيل اللعاب وعصارات المعدة. وبعد فترة من ازدواج الحافزين (الصوت والطعام)، اصبح الكلب يستجيب لحافز الصوت لوحده بافرازات المعدة وكأنه طعام. وهذه اشارة الى ان الاستجابة العصبية ممكن تحويرها بربطها بحافز اخر (تعليم). وخذ امثلة كثيرة منها قراءة نص وتكرراره للحفظ، وتحويل ذلك الى الضرب والقراءة للحفظ. والحفظ هنا من التركيز. وطبعا قبلها منظر العصا وصوت المعلم حيث يتلوها الالم، والخوف بعدها من صوت المعلم. السجن مع تلك الظروف والامثلة وغضب الوالي! وهكذا نكررها مع امثلة اخرى. ولابد من الاشارة الى ان بافلوف من علماء الفسلجة اي علم الوظائف ويحفظ تجربته الطلبة لانها مقررة.
فشلت اليات بافلوف اي فشل التعليم الشرطي لاخضاع الشعوب وفي ثني ذلك الجمع الكبير عن المساهمة في تطوير المجتمع العراقي عبر الفكر والمثال الحسن (لم يعرف الناس عنهم السرقة او الفساد وغيرها). وفشل الولاة في تحصيل الذكر الطيب والرحمة بل تحولت الى لعنات يومية يصبها المظلوم عليهم.
سلام على جاعلين الحتوف جسرا للموكب العابر
وبعد التغير لم يستطع مجلس الحكم انصاف ضحايا البعث في 1963 ،رغم عدد من اعضاءه من الديمقراطيين ومن اكتوى بنار تلك السنون. اقول فشل لاشكال فكري وخوف لا مبرر له. والفنطازيات الفكرية، دفعتني للاعتقاد بحيادية ونزاهة اولي الامر لدينا، ورفعت دعوى امام المحكمة الاتحادية ليشمل قانون السجناء السياسيين ضحايا 1963 ، ولكني استجرت من الرمضاء بالنار. ولاحظت تشابه ولاة الامور في التفكير والتصرفات عبر الزمن، ولم تنفع اليات الديمقراطية في تحسين ادائهم. المهم ردت المحكمة الاتحادية الدعوى، واعتبرت ضحايا 1963 يستحقون العقاب الجماعي، في حين ضحايا البعث بعد 1968 تم انصافهم بقانون!. تذكروا لطفا احكام قرقوش.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - نقرة سلمان و الفلقة
جمشيد ابراهيم ( 2013 / 1 / 3 - 21:33 )
شكرا عزيزي جواد على المقال و اغنية عبدالوهاب باللهجة العراقية لتخفيف الم الوالد و لكنى لا اعلم متى ظهرت الفلقة هل كانت موجودة عند الملا قبل المدرسة؟
تحياتي الاخوية


2 - عقوبات جسدية
جواد الديوان ( 2013 / 1 / 4 - 04:18 )
اشكركم سيدي على كلماتكم، والهدف من المقال اظهار عجز العقل العراقي في السلطة والقضاء. اما الفلقة فهي قديمة واستعنت بها لشرح افكار بافلوف. اشكركم سيدي مرة اخرى


3 - قرار المحكمة
صادق البلادي ( 2013 / 1 / 4 - 19:28 )
حقا ان مثل هكذا رد هو اسوأ من أحكام قرقوش، ويحتاج الى فضح ونشر واسع، خاصة وأن الذكرى الخمسين لإنقلاب شباط الفاشب، ستحل بعد أسابيع قليلة. فهل يمكنك نشر الدعوى والرد لأطلاع
الباقين من ضحايا شباط وعوائلهم على القرار، والإستمرار ببذل الجهود إنصاف الضحايا وشكرا


4 - قرار محمكمة قرقوشي
جواد الديوان ( 2013 / 1 / 5 - 05:55 )
اشكركم سيدي للتعاطف، وسانشر الدعوى والقرار بمناسبة ذكرى شباط الاسود. سيدي البعث يحكم في العراق الان. اشكركم مرة اخرى

اخر الافلام

.. لا اتفاق بين زعماء دول الاتحاد الأوروبي على تقاسم المناصب ال


.. ما موقف الأحزاب الفرنسية ومقترحاتهم من الهجرة في حملاتهم الا




.. لتطبيع العلاقات.. اجتماع تركي سوري في قاعدة روسية| #الظهيرة


.. حارس بايدن الشخصي يتعرض للسرقة تحت تهديد السلاح




.. وول ستريت جورنال: لا وقت للعبث بينما يحرق حزب الله شمال إسرا