الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
المال السياسي يدخل من الباب في انتخابات عام 2013
حسن محمد طوالبة
2013 / 1 / 3اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي

من يقرأ الفقرات الخاصة بتجريم استخدام المال السياسي في قانون الانتخاب الاردني لعام 2012 , وكذلك تعليمات الهيأة المستقلة للانتخابات , يعتقد ان المال السياسي قد اختفى , وأن الانتخابات ستكون نزيهة وشفافة .
المقصود بالمال السياسي هو الرشوة التي يقدمها المرشح اثناء الانتخابات النيابية للناخب لقاء ضمان صوته سواء كان الصوت لصالح المرشح بالتصويت او استخدامه ضد مرشح اخر , اي اما حجب الصوت , او منحه لمرشح اخر لتشتيت الاصوات , والحيلولة دون نجاح احد المرشحين . والرشوة في مادتها تنوعت فاما ان تدفع نقدا لمتنفذ في العشيرة لضمان اصوات عزوته , او تدفع الرشوة على شكل هدايا شخصية مثل اهداء البدل للشباب او الموبايلات للشباب والشابات , او ارسال صدورة الكنافه او المناسف الى البيوت , او اهداء المضافات والدواوين اجهزة تلفاز او صوبات في موسم الشتاء او مبردات ماء او مكيفات في موسم الصيف , او اطقم كنبات لهذه الدواوين . وبرز شكل اخر للرشوة تحت غطاء الكرم العربي , فيقوم المرشح بنصب سرادقات مفروشة بالسجاد , ويقدم المرشح انواع المأكولات من المناسف الى الكبسه والمصخن وغيرها من الاكلات الشعبية , اضافة الى الوجبات السريعة واطباق الكنافه وانواع الحلويات المنوعة . وهكذا انتعش سوق المطاعم والحلويات , بحيث سارع اصحاب المطاعم للاعلان عن مطاعمهم بالصحف المخصصة للاعلان , وتوزيع بطاقات الاعلان على المرشحين , ومنحهم حسومات على خدماتهم . كما انتعش سوق القماش الخطاطين , والمصورين والمطابع , وكل اخذ نصيبه حسب جهده او سمعته الفنية في السوق .
ما تطلبه السلطة التنفيذية والهيأة المستقلة هو ان يقوم المواطن او الناخب بالابلاغ عن الخروقات التي تحصل في مجال المال السياسي , ولكن الناخب الممتهن في سوق الانتخابات صار ماهرا في استثمار هذا الموسم , لقطف اكبر قدر من الاموال او الامتيازات , وبذلك يصعب اصطياد المرشح الذي يستخدم ماله السياسي لتحقيق غرضه بالوصول الى قبة البرلمان .
اما عن دور السلطة في تشجيع المال السياسي هو تحريف ما تظمنه قانون الانتخاب الجديد , وهو قانون ناقص ومرفوض بالاساس , لانه ابقى على " الصوت الواحد " ضمن الدائرة الانتخابية الواحدة . فقد خصص القانون في محاولة للالتفاف على مطالب القوى السياسية , خصص 27 مقعدا في البرلمان المقبل السابع عشر للقوائم الحزبية , ولكن سرعان ما حصل الالتفاف على هذه المادة بأن تحولت من قائمة حزبية الى قائمة وطن . اي يحق لاي مواطن ان يشترك في هذه القوائم او ان يشكلها , وقد جاءت الفرصة المواتية للاغنياء ان ينفشوا ريشهم باموالهم , ويشتروا اصوات الفقراء من الانتهازيين , وشكلوا قوائم انتخابية , حدها الادنى 21 مرشحا , وهؤلاء ليس لهم دور او امل في الوصول الى قبة البرلمان ابدا ’ بل هم جالبوا اصوات لصاحب القائمة , اي رقم واحد فيها , ومقابل هذا العمل ينال المرشح " اللمام " مبلغا من المال من رئيس القائمة للاعداد للحملة الانتخابية من دعاية ومستلزماتها .
من ينظر مليا في الشعارات التي ترفعها القوائم ينتابه العجب والقرف لكثرة ما فيها من وعود لن تتحقق ابدا , فهذه القائمة سوف تقضي على الفاسدين , واخرى سوف تسترجع اموال البلد المسروقة وتستعيد الشركات التي تم خصخصتها من قبل الفاسدين , واخرى تريد ان تجعل البلد اقوى بلد في العالم , واخرى ستحقق كل مطالب المواطنين الطفرانين . وسوف وسوف حتى ساف الناس من هذا التسويف .
أليس هذا هي الرشوة بعينها , ؟ في السابق اي في الدورات السابقة كان المرشح يشتري اصوات الناخبين بالمال والهدايا – وما زالت - , اما في هذه الدورة فالمرشح الاقوى صاحب المال الوفير صار يشتري المرشح التبع والضعيف , ويشتري الناخب اللعوب تاجر الانتخابات المحترف , اذ صار للانتخابات تجار معروفون يتميزون بمهنية عالية في النصب والاحتيال والضحك على السطاء وشراء ضمائر الانتهازيين .
لقد تنافس على القوائم حوالي 800 مرشح ونيف , والمطلوب ان ينجح منهم 27 فقط , ومن المتوقع ان يفوز اصحاب المال الذين تقدر مصروفاتهم حوالي 38 مليون دينار حسب تقديرات المحترفين في اللعبة الانتخابية . اي ان الناجحين هم من المتنفذين ماليا , وهم الاحرص على بقاء مصالحهم , ولن يقفوا ضد اي قانون يضر بهذه المصالح في المستقبل , اضف الى ذلك ان المرشحين الاخرين وهم 123 المتوقع فوزهم هم من انتاج العشائر , اضافة الى الكوتة النسائية التي هي هبة لهن , المحصلة النهائية برلمان بوجوه تقليدية معروفة , سبق ان شرعنت للفساد والفسدين ووافقت على القوانين التي اضرت بقوت الفقراء وزادت في ثروات الاغنياء .
الادهى والامر ان الحكومة المقبلة ستشكل من البرلمان , وهو بهذه التركيبة الانف وصفها , اي ان السلطتين التشريعية والتنفيذية ستكونان من الوجوه ذاتها التي خبرناها من قبل . ولا ندري اي مصير ينتظرنا في قابل الايام ؟؟ .
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
.. هل تشعل أزمة رواتب الحشد الشعبي صراعا خفيا بين العراق وأميرك

.. وقفة أمام القنصلية الإسرائيلية بنيويورك للفت الانتباه للأزمة

.. أحمد الحيلة: ترمب اكتشف أن القضاء على المقاومة أمر غير ممكن

.. ترمب يوقّع أمرا تنفيذيا برفع العقوبات عن سوريا

.. ماسك يهدد بتأسيس حزب جديد إذا أُقرّ مشروع قانون الإنفاق
