الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لا تشمتوا في قطر

فايز شاهين

2005 / 3 / 22
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في الخليج والجزيرة العربية


وصلت أنباء الانفجار الانتحاري في قطر بسرعة، وكان الضحية بريطاني وجرحى بالعشرات، البعض قال إن عدد الجرحى قارب الخمسين شخصاً. لكن المؤسف هو حالة التشفي التي برزت على ظهر صحفنا المحلية وكذلك على لسان العديد من الكارهين لسياسة قطر الداعمة للتطرف والإرهاب في المنطقة.
سياسة قطر الحكومية الداعمة للإرهابيين في العراق جعلتنا نكره قناة الجزيرة وسياسة الحكومة القطرية، خاصةً وأننا نرى القتلى من الأبرياء يومياً والرؤوس المقطوعة على شاشة الجزيرة دون أي نوع من الاستنكار؛ بل وصل بالقناة بأن تتبجح بشكل علني بأن الإرهابيين في العراق هم "المقاومة" التي تقاتل لتحرير الأرض العراقية من الاحتلال. الذي أضاف بُعداً آخر لسياسة قطر هو إعطاء المتطرفين والإرهابيين الفرصة لنشر فكرهم المنحرف، مثل النازي ناصر العمر، حيث أن له برنامج ديني "آياتٌ للسائلين" على قناة قطر الفضائية يبث من خلاله فكره المتطرف والداعي لقتل الأبرياء في العراق.
ما حصل في قطر ذكّرني بانفجارات نيويورك 11 سبتمبر 2001 م، والتي راح ضحيتها أكثر من ثلاثة آلاف إنسان بريء؛ وقتها اشتغلت رسائل الجوال والنُكات، والبعض رقص طرباً مما حصل وكأنه يرى أعدائه يحترقون ويتقافزون من النوافذ ويسقطون على الأرض من ارتفاعٍ شاهق. من يملك حِسّاً إنسانياً وإن اختلف مع عدوه، لا بد أن يُفكّر ملياً في الوضع، وأن يبتعد عن العواطف ويسأل نفسه السؤال الأهم: هل الضحايا هم الأعداء؟ إذا كانت الإجابة: لا، إذاً التشفّي بمن؟
من يُقرّر السياسة الداعمة للإرهاب ليس بالضرورة هو من يدفع ثمنها، بل في أغلب الأحيان الأبرياء من الناس هم الضحايا لهذه السياسات الخاطئة والقذرة في مجملها. السياسات الأمريكية في معظمها داعمة للأنظمة الديكتاتورية وكذلك سياساتها المناهضة للشعوب ألّبت عليها الشعوب، ليس فقط في العالم العربي والإسلامي، بل في أوربا وغيرها، لكن ذلك لا يعني أن نتشفّى في قتل الآلاف من الأبرياء فقط لأنهم من الجنسية الأمريكية. الضحايا في نيويورك هم من الأبرياء، اللهم ارحمهم وأدخلهم فسيح جنّاتك، وكذلك الأبرياء في انفجار قطر.
الصحف المحلية مثل صحيفة الوطن، وكذلك إيلاف، وغيرها العديد، أبدت الفرح لأن قطر دفعت الثمن دماً من إرهابيين، أي من نفس الكأس الذي تجرّع منه آخرين، لكن ذلك أبعد ما يكون عن الإنسانية وأبعد ما يكون عن العدل، لأن ذلك يعني أننا نؤيد وندعم قتل الأبرياء في "دولة" غير صديقة لنا. هل نرضى أن يحدث العكس، ونرى القطريين يفرحون ويمرحون بينما مواطنينا جُثث في الشوارع مُلقاة بسبب عمل إرهابي، فقط لأنهم يكرهون الحكومة السعودية؟ وما شأن المواطن بموضوع الكراهية للحكومة هذه أو تلك؟ حتى لو فرضنا أن الحكومة السعودية هاجمت قطر واحتلت جزءً منها، هل يعني أن المواطن البريء الذي لا ناقة له ولا جمل عليه أن يدفع دماً بسبب سياسات حكومته؟
الواجب علينا، على الأقل كشعوب، أن نتعاضد ليس مع الحكومات، بل مع الشعوب الأخرى ونحزن على ما حدث ونُدين هذه الجريمة النكراء التي راح ضحيتها الأبرياء من العرب والأجانب. إدانتنا للإرهاب لا يجب أن يقف عن الحدود الدولية، فالإرهابيين هم هم، والضحايا كذلك، وما حدث في قطر هو عمل تستنكره الإنسانية، حتى وإن اختلفنا مع الحكومة القطرية. في هذه الأيام يجب علينا أن نقول "لا للإرهاب"، خاصةً وأن على قطر واجب آخر وهو تغيير سياستها الداعمة للإرهابيين حين كانت تسمّيهم "مقاومة" في العراق بينما الدم العراقي يسيل أنهراً كلَّ يوم. ما حدث هو تذكير فقط لقطر ولنا بأن الإرهاب وباء ولا يوجد أحد بمنأى عنه، لأن الإرهابيين يختلفون مع الجميع في فكرهم، ولا يوجد لهم صديق إلاّ من هو مثلهم من الإرهابيين.
أين أشرطة الذبح والتفجير اليوم؟ أين هي بيانات "الإرهابيين" الذين احتضنت نشراتهم وبياناتهم اليومية؟ أين أشرطة التكفير والتهديد بالقتل والذبح لكل عراقي "يتعامل مع الاحتلال"؟ اليوم هو بداية جديدة وربما إنذار للحكومة القطرية، فالدم لا يجر إلاّ الدم، ومن يعتقد بأن احتضانه "الذئب" يأمن لغنمه من الافتراس هو مخطأ، وقطر أفضلُ مثال على ذلك. اللهم ابعد الشرور والإرهاب عن قطر وعن جميع الدول، اللهم سلّم جميع الشعوب من الأعمال الإرهابية التي نُدينها سِراً وجهراً. اللهم لا شماتة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. روسيا : لماذا أقال بوتين وزير دفاعه ؟ • فرانس 24 / FRANCE 24


.. عنفت طفل من ذوي الهمم.. معلمة تثير غضب الشارع الأردني | #منص




.. تلون السماء وتهدد الاتصالات.. تأثير العاصفة الشمسية يصل بلد


.. بينَ إسرائيل والولايات المتحدة.. تقاربٌ وتضارب.. دعمٌ وتحذير




.. مهاجم مانشستر سيتي إيرلينغ هالاند يحافظ على لقب هداف الدوري