الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ان تمت قبل ان تموت

رجاء رنتيسي

2013 / 1 / 4
الادب والفن


يريدونك ان تموت قبل ان تموت. ان تنتهي عن فعل يذكرهم بموتهم المبكر. ان تخلع رداءا لبسته منذ ان تدثرت بالابيض على سرير الولادة. يودون لو انك لا تتحرك, لو انك تصبح عصا لمكنسة تحرك الخيوط البلاستيكية في اسفلها لتكنس احساسهم بالعجز امام براءة تطل من ردائك وملامحك وحركات يديك واختلاجات وجهك وديمومة ابتسامه حملتها في قلبك اعوام واعوام مبشرا بها كل الاموات ان هناك احتمالية لنفس جديد في هذه الحياة وان على هذه الارض, اية ارض كل الارض ما يستحق الابتسام..
يريدونك ان تنفي شكهم ان الموت يسكنهم هم وانك انت لست من ارديتهم قتلى, لهذا يريدونك ان تموت قبل ان تموت. ان تذهب الى هنالك, الى حيث ينتظرون جميعا طلقات الرحمة. ان تكون مثلهم تماما تتشح بالسواد, لا ترى سوى القبح في عالم ليس كل ما فيه قبيح. وان تغض البصر عن انسجام بين فراشة تبث سرها لزهرة في الحديقة, وعن حجر تحمل عناء التصاقه ببقايا لحياة زحفت يوما ما على جسده فاستأنست له وامنت على بقايا جسدها مادة لرسم لا يضاهيه جمال. لا يريدونك ان ترى الاشياء كما تبدو, بل يريدون ان تنبش في عمقها. ان تبحث في احشائها وان تحرجها قيبيحة, مقززة ليرضون تلك الغمامه التي تقف حائلة بينهم وبين الابتسام.
يريدونك ان تتنازل عن كونك انت, رافعا قامتك, مبتسما, مرحبا بالجميع دون استثناء, لان الجميع دون استثناء حتى هم يرغبون في ابتسامة تطير بحرية دون حساب لاي شئ سوى الرغبة بالابتسام. يريدونك ان تسير دون وقود يحمل قدماك وحياة تنبعث في اصابع يديك ملوحة بتحية بريئه لمن يمر عابرا على اي شارع, لا يهم, المهم ان يكون الشارع مبتسما لعبوره. يريدون ان يجتثوا كل تفاصيل الفرح الذي كان يوما وانت طفلا يشي لك بقليل من شفاوة وكثير من الضحك. يريدونك جمادا لا تتحرك وكان في حركتك اهانة لعبوسهم واستدراج لبعض من حياة تعودوا ان لا ينهموا منها خوفا من ان تخدش حلوقهم .يريدونك ان تموت قبل ان تموت.
وانت تابى الموت, لان الموت لا يرسم ابتسامات على الوجوه , الموت فيه صفرة لا ترغبها, الموت قبل الموت خيانة للاموات والاحياء. هل تنساق انت للعبتهم وتبدل وجهك بوجوه اخرى يقبلونها ويكمنون امنين من تأثيرها على فعلهم؟؟ ام تسير كما انت دائما, كما كنت دائما ومنذ ان التف حول جسدك الصغير رداءا ابيضا مجلجلا, مبتهجا, فرحا بالقدوم, مبتسما لما هو ات وكانه ازلي الفرح, وكأنه دائم البسمة والابتسام. ان تنبذ كل ما يعكر صفو ابتسامتك وفرحة لقاءك بذاتك المتفاعلة مع فعل الابتسام وان تعيد كل ما سقط من جعبتك وانت تحاول الاختباء خلف قهرك من موت ياتي قبل الاوان. انت لن تموت قبل ان تموت, انت ستعاود الابتسام لان على هذه الارض, اي ارض, كل الارض ما يستحق الابتسام








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. قصيدة الشاعر عمر غصاب راشد بعنوان - يا قومي غزة لن تركع - بص


.. هل الأدب الشعبي اليمني مهدد بسبب الحرب؟




.. الشباب الإيراني يطالب بمعالجة القضايا الاقتصادية والثقافية و


.. كاظم الساهر يفتتح حفله الغنائي بالقاهرة الجديدة بأغنية عيد ا




.. حفل خطوبة هايا كتكت بنت الفنانة أمل رزق علي أدم العربي في ف