الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


العمة زارة

حفصة بوحدو

2013 / 1 / 5
ملف فكري وسياسي واجتماعي لمناهضة العنف ضد المرأة


اهداء الى كل زارات العالم ، وصديقاتهن مع متمنياتي أن لا يتركنهن يوما
ودي و تقديري للقراء و القارئات ...
***************************************************

أنا ، اسمي زارة لعل أمي قصدت زهرة – اسم عربي ــ لكنه اصطدم بألسنة أمازيغية أبت الانصياع لعروبته ، يعبر عني و عن هويتي ،فأنا أمازيغية اصطدمت بواقع عربي فغدوت خليطا مستدرجا ،لا الى هؤلاء و لا الى هؤلاء ،لكني بدوري أبيت الانصياع...
العمة زارة الخالة زارة ،هكذا أدعى معظم الوقت رغم أني أفضل أن أدعى زارة فقط ،عمري ؟ كبيرة بما يكفي لأكون أما أو ربما حتى جدة ،لكن أشعر بأني أصغر و أجمل من عمري بكثير و حتى تصرفاتي و مظهري لا أقيدها أبدا بعمري ،سذاجة طفل صغير ، شقاوة مراهق ، تعب كهل ، و تفكير مؤلم كما الناضجين .
أنا العمة العازفة عن الزواج ،شاهدت صديقاتي تتزوجن واحدة واحدة و حضرت أعراسهن ،بينما أنا أعبث هنا و هناك موسميا دون أن أستقر أو أرتبط برجل ما ... شعرت بالأسف حيالهن لكن ما كان الناس ليتخذوا كلهم نفس القرار ،عرسي كان يوم وجدت عملا و أصبحت مستقلة بذاتي ...ليس لي أطفال و لم أكن مغرمة بهم أصلا ، غير أني مع مرور الوقت و مشاهدتي لأطفال صديقاتي يكبرون تعلمت أن أحب أرواحهم الصافية كجزء من انسانيتي و أصبحت أقضي معهم الساعات الطوال ،حتى غدى حلمي أن تتغير منظومات التعليم لتصبح متلائمة مع "الانسان" بدل تلك السموم التي ندسها في عقول أطفالنا و نحكم الاغلاق عليها ،فنمن عبيدا مستلبي العقل و الهوية تابعين و خانعين و مكملين لمسيرة من سبقهم بأن يصبحوا أفرادا من القطيع ،مشروع عمري هو مدرسة يكون فيها الاطفال مبدعين أحرارا فنانين ،و أكثر ما يغيظ من حولي هو اصراري على تلقينهم الأديان على شكل تاريخ و دراسات لا كواجب هم ملزمون به ،و لهم حين ينضجون حرية اعتناق الدين الذي يريدون من عدمها...
رأيت أول بصيص أمل مع أطفال الصديقات كنت أخرج معهم و أترك لخيالهم الصغير ان يبدع و يتساءل ملء الدنيا ،كان هناك دوما المزيد من الأطفال ، أردتهم مؤمنين بأنفسهم قبل كل شيء ،كنا نقرأ معا نسافر و نكتشف معا كل جديدا ، كنت أكبر معهم و تعلمت منهم الكثير ،أصبح بعضهم في سن المراهقة ، و شجعتهم على أن يجربوا كل شيء و يعيشوا كل جوانب حياتهم ،صار لمعظمهم رأي وقرار اصبح في معظم الأحيان متعارضا مع آراء الآباء المتزمتين ،منهم من اختار الفن ليكمل فيه مساره ،و منهم من أراد أن يسافر ليكتشف ما وراء البحار و بالطبع كان هناك المنضبطون الذين ساروا وفق خطط الآباء أو قرروا أن يكونو هكذا ، كنت شديدة الفخر بهم جميعا و كنت أحترمهم كثيرا ،و أصبح بعضهم يتخلفون عن مواعيدنا ،قلت ربما هي مشاغل الحياة ...
اليوم دعتني الصديقات لنجتمع معا ،أحضرت معي بعض صورنا و توقعت جلسة ممتعة كما لم نفعل منذ زمن بسبب انشغالهن بالطبخ و الكنس و العناية بالزوج و الأولاد ،كنت مصدومة أو أقرب ما أكون للاختناق حين أخبرنني برغبتهن في أن أبتعد عن أبنائهن:من فضلك كفي عن تسميم أبنائنا بأفكارك الشاذة المخالفة لتقاليدنا و مجتمعنا و ديننا ،كفي عن تشجيعهم على الفساد و الانحلال ...
أصبح الفن و التحرر فسادا و انفتاحا ؟ ما يدمي قلبي هو أن معظمهن كن يتفقن معي على آرائي و ان اختلفنا لم يبلغ قط الأمر هذا الحد ،لكن على الأرجح سجن الزواج جعل منهن واحدات من القطيع و كبت فيهن الرغبة في التميز و اكتشاف الجديد و التخلي عن القديم الموروث ...
آن لك الأوان يا زارة أن تعودي لربنا و تحجي و ...
فقط يكفي، غير هذا لم أنطق كلمة ،لملمت نفسي و عدت أجلس وحيدة لا آسف على وحدتي ،أبكي بمرارة كما لم أفعل منذ سنين ذبلت السيجارة في يدي ،و احترق أملي من لهيبها ،ارتميت على أرضية المطبخ و بدأت أعد أنفاسي ... سيصقلون !سيصبحون أفرادا من القطيع أو فاشلين شواذ !!
لا كأس قد تنسيني ما بي ،لست نادمة أن ليس لي أولاد ،على الأرجح كنت لأصبح زوجة مستلبة مثلهن و يصبحوا مبثوري الفكر مثل أبنائهن ، هكذا أواسي نفسي ،غصتي و دمعتي كم أخشى أن تكونا ندم ، لا تقترب مني يا ندم ،دعني صامدة واقفة جلمودا إن تطلب الأمر ،لكن لا تقترب و لا تقل وا أسفاه فات أوان ،فلم يفت أي أوان .
ما كان ليختلف الأمر لو كانوا أبنائي لأني ما كنت لأفرض عليهم شيئا ،أدركت أن دوري انتهى ، أعطيتهم المفاتيح ،و ثورتهم ليست مشروطة بوجودي ،قدمت لهم المبدأ ،كان هذا واجبي و لازالوا أحرارا في اتخاذ القرار
أعلم التناقض موجود في واقعنا ،لكن قدرتنا على الصمود هي التي ستحدد مدى تأثرنا ...
لا زالوا أحرار
و لازلت أنتظر رسالة مواساة منهم أو وعدا بالمضي قدما و عدم الانضمام للقطيع
لازلت أنتظر ثمرات....
لا زلت أنتظر ...








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. -الثقل والرد المتأخر-.. علامات تدل على المرأة النرجسية وعليك


.. صباح العربية | المرأة التوكسيك.. علاقة ضارة تؤذي الرجل وتدم




.. مشاهد توثق حجم الدمار الذي لحق بمخيم جباليا


.. المرأة التوكسيك.. علاقة ضارة تؤذي الرجل وتدمره




.. -بسبب جمالها-.. أسباب تجعل المرأة سامة