الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الأبواب

الطيب طهوري

2013 / 1 / 5
الادب والفن


بعد أن نزلنا من مقصورة الشاحنة التي كانت تحمل أثاث مجموعة من أسر حارة الحفرة التي انهارت عن آخرها.. قال العربي لي: السائق يعرف المكان..سيضع العمالُ كل إثاث في الشقة المخصصة له ..الأثاث مرقم كما ترى..لن يضيع منه شيء..
كنا في شارع الألف سكن وسكن..كان الضباب شبه الكثيف يغطي المكان..
أكملت الشاحنة سيرها البطيء ..وسرت والعربي..
في منتصف الشارع توقفنا..أشار إلى بناء عال : لك في هذا البناء مبلغ شهري..كل شهر تأتي إلى هنا لتأخذه..لست وحدك من تم اقتراحه لذلك..هناك الكثير من امثالك..
أضاف: أعرف ما يدور في خلدك..لا تسألني سبب ذلك..إنها أوامر عليا..والأوامر العليا لا تناقش أبدا..
ما المناسبة؟ سألت متحايلا..
قال العربي ضاحكا: أغلقت الباب فإذا بك تفتح النافذة..
أضاف : الداخل واحد..فتحت الباب أم فتحت النافذة لا فرق..
توقفنا أمام باب البناء العالي..وضع على قطعة الزجاج في منتصفه إبهام يده اليسرى..أتبعه بعد ثوان بإبهام يده اليمنى..هذا ليس زجاجا كما يبدو لك..قال..إنه من نفس حديد الباب..وُضعتْ عليه مادة سرية فصار يبدو وكانه زجاج حقيقي..
أضاف: هذا الحديد الزجاجي لا ينكسر أبدا..أبدا..ولا يمكن نزعه أيضا..
فتح الباب ودخلنا..العربي أولا ثم.. أنا..
في الداخل رأيت ثلاثة رجال يقفون فيما يشبه الصف..كتب أولهم اسمه ..وظهر الإسم على الشاشة..وضع سبابة يسراه ثم سبابة يمناه..وضع رقمه السري..العربي هو من نبهني لذلك..من آلة جانبية خرجت حزمة النقود الورقية..وضعها الرجل في جيبه..و..خرج.. مثله فعل الثاني والثالث..أخذ كل واحد منهما حزمة نقوده الورقية ..و..خرج..
تقدم..قال..
عليك أن تسجل اسمك هنا ..أكمل : وعليك أن تختار رقما سريا تحفظه وتحافظ عليه..
وفعلت ذلك..
مد يده إلى يدي..وضع سبابة بسراي على جهاز صغير أخرجه من درج مكتب كان قريبا من الشاشة وموصول بالحاسوب .. بعد ثوان وضع سبابة يمناي..
الآن انتهت العملية صاح ضاحكا..
أغلق الجهاز ثم فتحه..انتظرنا لحظات..أضاءت الشاشة..ممنوع.. قرأت..وسمعت الصوت: ممنوع..
متأسف يا صديقي..رفضك الجهاز..اقترحتك..لكن الجهاز رفضك..
لماذا؟..قلت..
لا إجابة يا أخي..إنها أسرار الجهاز..يعطي من يشاء ويحرم من يشاء..
خرجنا..من نفس الباب خرجنا..آليا أغلق الباب خلفنا..
لنلتحق بالشاحنة قال..لنلتحق قلت..أوقفنا سيارة أجرة ..ركبنا ووجهنا السائق إلى هناك..وكان الضباب ما يزال شيه كثيف..
قال العربي: هذه شقتك.. الباب مفتوح على مصراعيه كما ترى..تفضل بالدخول.. أسرعت الخطى يجرني فرح غامر.. لكنه أغلق حين أردت الدخول..ما هذا ؟..لقد أغلق الباب يا العربي..التفت العربي إلي وكان قد ابتعد عني ببضع خطوات..لم تقبل بك الشقة أجاب..حظك سيء..
وأسرتي؟ سألت..
انتظر حتى تأتي قال..
ولم يطل انتظاري..بعد حوالي نصف ساعة رأيت أفراد أسرتي يصعدون السلم..
كان الباب مفتوحا أيضا..لكنه أغلق بمجرد اقترابهم منه..
ما هذا الحظ ؟..لماذا أيها الباب؟..ماذا فعلنا لك؟..هل تعرفنا؟..و..
سمعت الصوت قادما من الداخل.. كان الصوتَ نفسه: أغلقت الأبواب في وجوه الأخرين..ولم يسألوا..ففتحت لهم..أما أنت.فـ ..
صمت برهة..ثم واصل : نعم، أعرفك..وأعرفهم أيضا..وأشم رائحة دمك فيهم..
مستغربا سألت: رائحة دمي؟..كيف هي رائحة دمي أيها الباب؟
أجاب بصوت هادئ بطيء: تختلف.. عن.. رائحة دمنا
- كيف أجعلها مثل رائحة دمكم؟ قلت
-أن لا تسأل كثيرا..قال
-أن لا أسأل كثيرا؟..كيف؟..لماذا؟..
-أسئلتك كثيرة ياهذا..قالها وسكت..
-أسئلتي كثيرة؟..
ردد الصدى من جهة اليسار: أسئلتي كثيرة؟..أسئلتي كثيرة؟
وكان لا بس الأزرق يومئ لي بسرعة التحرك من جهة اليمين .. و..
.سرت..بلا أثاث سرت..وسار خلفي أفراد أسرتي حزانى تائهين...
ناديت العربي..لكن العربي كان قد اختفى في الداخل ..
ناديتني..لم أسمعني ..كنت بعيدا بعيدا..
وكانت كثافة الضباب قد ازدادت أكثر أكثر..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. خالد النبوي: فيلم أهل الكهف يستحق الوقت الذي استغرقه بسبب ال


.. أنا والست والجيران?? علاقة ممتعة بين مزاج صلاح عبدالله وصوت




.. كل الزوايا - الفنان أيمن الشيوي مدير المسرح القومي يوضح استع


.. كل الزوايا - هل الاقبال على المسرح بيكون كبير ولا متوسط؟ الف




.. كل الزوايا - بأسعار رمزية .. سينما الشعب تعرض 4 أفلام في موس