الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


احترموا الوقت يا سادة

هادي فريد التكريتي

2005 / 3 / 22
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


الوقت عامل مهم في حياة الإنسان والمجتمع، والإحساس به وبقيمته يعطي القيمة الحقيقة لشخصية الإنسان في المجتمع ، وكلما ازدادت المعارف وتطورت المعلومات كلما ازداد الشعور باهمية الوقت كقيمة ....ففي المجتمعات المتطورة يكون الوقت فيها عاملا مهما في كل مجالات الحياة والفرد العامل في المجتمع المتطور لا يجد متسعا من الوقت حتى لقضاء احتياجاته الشخصية ، فكيف به للتسكع أو لانصرافه لأمور غير مجدية ، فالمرء العامل في هذه المجتمعات، إن أردت مقابلته من أجل استشارة ،أو للبحث في مشروع ما ، أو حتى في زيارة شخصية ،لا يمكن أن يجد لك متسعا من الوقت في الوقت الذي تريد ، وعليه أن يفتح اجندته ليعرف متى يمكنه أن يجد لك الوقت المناسب للزيارة أو للقاء ، وإن ضرب لك موعدا، فعليك أو عليه الحضور في الوقت المحدد، ليس قبل فلن تجده ، وكذلك ليس بعد انتظار، أكثر من دقائق معدودات ، فإن تأخرت عليه هذه الدقائق المعدودة فلن تجد أحدا ، فوقته محدود للغاية ، ولن يكون بعدها الوقت ملكه خصوصا أثناء العمل ، إنما ملك للمؤسسة أو للجهة التي يعمل فيها ،أو لجهة أخرى ، وبعد إنجاز عمله فوقته موزع لراحته مع عائلته ، ولهواياته ونشاطاته الكثيرة والمتعددة ، من هذا الواقع نفهم أن الوقت قيمة إن مرت لا يمكن تعويضها حتى وإن أردنا ذلك ، كما أنه لا يمكن أن ينتظرنا للحاق به إن تأخرنا عنه، أما عندنا وفي عالمنا الثالث والمتخلف ، فشعورنا بالوقت يكاد أن يكون معدوما ، وهذا نتيجة لقصور في تربيتنا العائلية وتخلف مناهجنا التربوية ، وبالأساس لعدم احترامنا لذواتنا ، فالإنسان الذي يحترم الوقت، تجده محترما لذاته ، لا يخلف موعدا محددا ومضروب سلفا ،لأية غاية أو هدف كان ، فعلى سبيل المثال : أحزاب وقوى المعارضة العراقية(الآن هي في الحكم ) ،في أي مكان تواجدت فيه تحدد موعدا في تاريخ وساعة معينة للقيام بفعالية أو نشاط ثقافي أو اجتماعي أو سياسي ، فالكثير منهم قد لا يحضر في الوقت المحدد، إن حضر ، أما إذا تم حضور البعض ، والبعض الآخر، قد تأخر ،ولم نعلم متى سيحضر ، فالجهة الداعية لهذا النشاط لا نجدها حريصة كذلك على المباشرة بالفاعلية في الوقت المحدد،(على قاعدة شنو صار قابل طارت الدنيا ) باعتقادي أن احترام وقت الناس هو احترام للذات ، قبل احترام الغير ، وكلما كان التشدد في مثل هذا فضيلة ومستحسن ،ففي نهاية الأمر نكون قد أسدينا خدمة لأنفسنا أولا وللآخرين ثانيا وعودنا الجميع على حترام أثمن سلعة بين أيدينا ونمتلكها، ألا وهو الوقت ...ولكن كما يبدو لي أن أغلب العراقيين ، إن لم يكن كل العرب ، ومن كل الطبقات والفئات ، الشعور بالوقت وبالمسؤلية اتجاهه ضعيفة ، وفي هذا الأمر يتساوى السائل والمسؤول ، المتعلم والجاهل ، الذي تربى في ظل النظام الساقط ، الذي اهدر كل القيم الإنسانية ، ومن ضمنها قيمة الوقت ،والآخرين الذين جاوروا وعايشوا المجتمعات المتقدمة والمتطورة ، ومنهم من يتحمل مسؤولية الحكم في العراق في الظرف الراهن ، وللتدليل على ما أقول ،ألآتي :ـ لقد تجاوزنا الشهر والنصف منذ أن إنتهت عملية التصويت ،التي أهدر المواطن دمه لها، للوصول إلى صندوق الإقتراع ليدلي بصوته لمن اعتقده أهل لتمثيله ، ومنذ أكثر من شهر ،أعلنت النتائج النهائية ، في ظرف عراقي قاس وخطير ، نتيجة ما يلاقيه ويصادفه المواطن من مخاطر جدية في كل يوم ، بل في كل لحظة ودقيقة، نتيجة لانعدام الأمن وخطورة مغادرة المنزل ، أو الذهاب إلى العمل ، وصعوبة الحصول على لقمة العيش ، وحتى اللحظة يعيش المواطن في قلق ، قلق على كل شيئ ، على مصيره وحياته وغده ، وكله أمل بعد أن انقضت كل هذه الفترة أن يرى حكومته المرتقبة والموقرة تباشر مهامها ، وتبدأ بحل ما يعاني هذا المواطن ، من مشاكل حياتيه اليومية ، ظنا منه أن الحكومة الجديدة ستحزم أمرها وتتغلب على مصاعبها ، لتباشر مهامها ومسؤولياتها ، وتنفيذ ما وعدت به الشعب في كل المجالات ...لقد خاب أمله ، وبدأت بالتبخر طموحاته ، فلقد ظهر للشعب أن القوى الفائزة والمؤهلة، لتشكيل مؤسسات الدولة والحكومة، تعمل بوقت ضائع ، ولم يكن للوقت عندها من أهمية تذكر ،وهذه بادرة تخلف وانحطاط قيم وعدم احترام للإنسان ، وإلا كيف يمكن أن تعقد الجلسة الأولى للمجلس الوطني دون اتخاذ أي قرار ، وتعلق الجلسة دون أن يحدد أي وقت لاحق، طال أم قصر موعدا للجلسة المقبلة ، وما نجزم به على عدم إعطاء أية قيمة للوقت من قبل المسؤولين عن الحوارات والسجالات الجارية بين القوى المؤهلة لتشكيل الحكم الجديد ، هو ما يصرح به البعض من أن خلال الأيام القادمة ، إنشاء الله ، سندعو لعقد الجلسة التالية ! بعد كل هذا الوقت الذي انقضى يقولون ، إنشاء الله ، وإذا لم يشأ الله ، ما الحل ؟هل سينتظر المواطن المقهور والمغلوب على أمره أكثر ،وهل ستشاركه الملائكة أم سيدفع لوحده ، فاتورة الرعب والخوف المتصاعدة ، وتدني كافة الخدمات ، المفروض أن تنجزها حكومته المرتقبه ، التي لم تقدم حتى الآن لا الدليل ولا البرهان على أنها حريصة على حياة الشعب وتذليل مصاعبه ، فمن لا يحترم الوقت ويعطيه الأهمية الأولى في الحياة ، لا يمكن أن يحترم نفسه أو المواطن مطلقا..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. لحظة سقوط صاروخ أطلق من جنوب لبنان في محيط مستوطنة بنيامين ق


.. إعلام سوري: هجوم عنيف بطائرات مسيرة انتحارية على قاعدة للقوا




.. أبرز قادة حزب الله اللبناني الذين اغتالتهم إسرائيل


.. ما موقف محور المقاومة الذي تقوده إيران من المشهد التصعيدي في




.. فيما لم ترد طهران على اغتيال هنية.. هل سترد إيران على مقتل ن