الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الجبهة الشعبية التونسية بين -اليمين الديني- و- اليمين الليبيرالي- : رسالة رابعة بمناسبة اصدار -الحزب الاشتراكي الوطني الثوري- لبيان 31/12/2012.

بيرم ناجي

2013 / 1 / 6
مواضيع وابحاث سياسية


مقدمة :

كنت قد توجهت الى مناضلي الجبهة الشعبية بثلاثة رسائل سابقة عبر موقع الحوار المتمدن( روابطها آخر هذا المقال) حاولت فيها التنبيه الى مخاطر عديدة ممكنة. وها ان "الحزب الاشتراكي الوطني الثوري" يؤكد انتقاداتي السابقة من جديد بعد أن كان فعل نفس الشيء بمناسبة مؤتمر الحوار الوطني الذي دعا اليه الاتحاد العام التونسي للشغل.
ان ما شد انتباهي في البيان الأخير المذكور أعلاه هو استعماله لفقرة من أرضية الجبهة السياسية كنت قد نبهت اليها في السابق و هي الفقرة التالية:"
"" إن بلادنا تعيش أزمة حقيقية ولا مخرج لها إلا بمواصلة الشعب التونسي لمسيرته النضالية بأبعادها الوطنية والديمقراطية والاجتماعية والثقافية والبيئيّة حتى تحقيق أهداف الثورة كاملة وإرساء سلطة الشعب. ولن يكون ذلك ممكنا إلا بالقطع مع تشتت القوى الثورية والوطنية والديمقراطية والتقدمية أحزابا وجمعيات ومنظمات وشبابا وشخصيات مستقلة وتحالفها معا صلب جبهة شعبية تشكل بديل حكم حقيقي وتتجاوز الاستقطاب الثنائي المغشوش الذي يقابل بين "قطبين" والحال أنهما يلتقيان في الحفاظ على نفس التوجهات الاقتصادية الليبرالية المرتهنة للدوائر الأجنبية وإن تغلف أحدهما بغلاف "ديني" والأخر بغلاف "حداثوي" ممّا يدفع باتجاه طمس التناقض الحقيقي بين القوى المتمسكة بتحقيق أهداف الثورة والقوى التي تعمل على الالتفاف عليها"
لقد استعمل الحزب هذه الفقرة ( التي تساوى بين "قطبين " سياسيين) لرفض مؤتمر الاتحاد و نقد المشاورات الأخيرة مع الحزب الجمهوري وقد يفعل نفس الشيء في نقد المشاورات مع "المسار الاجتماعي الديمقراطي" ،الخ. و ان هذا الحزب ، مثل غيره كحزب النضال التقدمي و رابطة اليسار العمالي خاصة، ربما يهدد وحدة الجبهة و مرونة تعاملها السياسي في المرحلة القادمة مع انه من الممكن تذكيره ببساطة بالفقرة الأولى من البيان التأسيسي للجبهة التي يجب التوقف عندها و هي : "
لقد مضت شهور عن انتصاب "الإئتلاف" الحالي في الحكم وقد تبين أن المخاطر والأزمات التي ولّدتها سياسات هذا الائتلاف تتجاوز حدود الالتفاف على أهداف الثورة وإجهاضها إلى تهديد غير مسبوق للنسيج الاجتماعي والسيادة الوطنية وقيم الجمهورية. "

ان هذه الفقرة تتحسس خطورة ما يقوم به الثالوث الحاكم بوصفه أخطر من مجرد "اعادة انتاج نظام التبعية و الاستبداد و الفساد" الى حدود " تهديد غير مسبوق للنسيج الاجتماعي و السيادة الوطنية و قيم الجمهورية" وهي بالتالي تفرق بين "القطبين " و خطورتهما لا محالة .

لقد وضحت خطورة وجود هاتين الفقرتين المختلفتين بين بيان الجبهة التأسيسي و مشروع أرضيتها السياسية بما فيه الكفاية خاصة في مقالي " الجبهة الشعبية في تونس : مساندة نقدية. ( رسالة مفتوحة الى الرفاق و الأصدقاء و الاخوة في الجبهة الشعبية التونسية .) ولن أعود الى ذلك.

ان ما أريد قوله اليوم هو استغلال بيان الحزب الاشتراكي الوطني الثوري لطرح الأسئلة التالية على الجبهة حتى تتدارك ما فاتها نظريا وعمليا.


عشرة أسئلة للجبهة الشعبية :


1- هل حددت الجبهة الشعبية بوضوح خريطة القوى السياسية التونسية و اتفقت فصائلها على تحديد معنى اليمين؟ و لم لا تفرق بين اليمين و أقصى اليمين و تكتفي الى حد الآن بالصيغة العامة المتحدثة عن "شكلي" اليمين الديني و الليبيرالي التي قد لا تفي بالغرض لفهم الواقع وادارة الممارسة السياسية العملية تكتيكيا؟

2-هل تفرق الجبهة الشعبية بين اليمين و الوسط ؟ و هل حددت خارطة قوى الوسط في تونس و اختلاف مكوناتها بين الوسط المتردد في علاقته بنداء تونس و الوسط المتردد في علاقته بالنهضة و كيفية عزل الوسط عن اليمين و كسبه أو تحييده ،الخ؟

3- هل تعي الجبهة الشعبية خصوصية اليمين مقارنة بأقصى اليمين ؟ و هل تفرق بين فصائل اقصى اليمين التونسي نفسها و ارتباط بعضها بأحزاب الفلول و بعضها بأجنحة من اليمين اللبيرالي و بعضها باقصى اليمين الديني أحزابا أو أجنحة؟

4- هل تعي الجبهة الشعبية خصوصية اليمين و أقصى اليمين في أشباه المستعمرات و البلدان التابعة ؟ وهل تفرق بين اليمين "الوطني الحداثي الاصلاحي" و اليمين "الوطني التقليدي المحافظ " و بين هذا اليمين و أقصى اليمين الوطني أو أقصى اليمين العميل التابع و شبه الاستعماري ؟

5-هل تفرق بين اليمين الديمقراطي - الليبيرالي و الديني - الذي يقبل اللعبة الديمقراطية و التداول على الحكم ،الخ و أقصى اليمين الرافض للديمقراطية تماما و تدرك أهمية ذلك التفريق و احتمال انعكاساته التاريخية على البلاد و تعي نتائج ذلك التكتيكية؟

6-هل وضحت الجبهة أوجه التشابه و الاختلاف في البرنامج الاقتصادي بين اليمين الديني و اليمين الليبيرالي و أقصى اليمين و الوسط حتى تتمكن من الدعاية لبرنامجها الاقتصادي الخاص في الطبقات و الفئات الشعبية الخاضعة لتأثير اليمين و أقصى اليمين والوسط؟

7- هل وضحت الجبهة أوجه التشابه و الاختلاف في البرنامج السياسي بين هؤلاء بحيث تفرز البرامج السياسية الى أقصى اليمين و اليمين و الوسط و اليسار و لم لا أقصى اليسار أيضا و ما له من علاقة بالانتقال الديمقراطي و مراحله وأهدافه ؟

8- هل وضحت أوجه التشابه و الاختلاف في البرنامج الاجتماعي بينهم بما يمكن من العمل داخل الشعب على فضحه بالتوازي مع الدعاية لبرنامج الجبهة الاجتماعي؟

9- وهل وضحت أوجه التشابه و الاختلاف بين برامجهم الثقافية وتأثير ذلك على مسار "الثورة الثقافية"؟

10- هل وضحت الجبهة الفرق بين التحالف الجبهوي ( الذي قد لا يكون انتخابيا بل حتى مسلحا مثل الجبهة الوطنية المتحدة ضد الفاشية ) و التحالف الجبهوي الديمقراطي ( و بالتالي الانتخابي ضمنيا) في النظام الديمقراطي وبين مجرد التنسيق السياسي أو الانتخابي و بين مجرد التنسيق الميداني النضالي و بين التصويت الارادي لليمين ضد اقصى اليمين دون جبهة أو تنسيق تماما و هل حددت طبيعتها هي الجبهوية أولا ثم بقية النقاط؟

خاتمة:


ان الجبهة الشعبية عليها ان توضح و تعرف نفسها أولا : هل هي جبهة سياسية ديمقراطية تريد استكمال تحقيق أهداف الثورة ديمقراطيا أم هي "جبهة وطنية ديمقراطية" تريد انضاج الظروف للثورة الوطنية الديمقراطية كلاسيكيا ؟
ان عدم تفريقها بين اليمين و أقصى اليمين قد يضيع بوصلة نضالها تماما عبر التعميم؛ فعلى سبيل المثال اذا كان هنالك من يعتبر النهضة من أقصى اليمين بينما نداء تونس من اليمين فقط فستختلف الأمور جذريا.

و أذا تم الخلط بين اعتبار الحزب الجمهوري أو المسار أو التكتل أو المؤتمر (أو حتى "البيرقراطية النقابية") وأعتبارها أحزابا يمينية فهي كارثة لأنه لن تكون هنالك خطة لفصل الوسط عن اليمين و أقصى اليمين.
و اذا لم يوجد تفريق بين يمين ديمقراطي و يمين و أقصى يمين يرفضان الديمقراطية استراتيجيا أو كليا وتماما فستكون كارثة ربما تخدم أعتى أعداء الديمقراطية.
و اذا لم يكن هنالك تفريق بين كل هؤلاء على قاعدة البرامج الاقتصادية والسياسية والاجتماعية و الثقافية بحيث تعرف الجبهة مع من يمكنها العمل وضد من لتطبيق برنامجها الخاص فهذا كارثة أكبر.
و اذا لم توضح الجبهة كل هذا و لم تميز بين أصناف الجبهات وأشكال التحالفات و التنسيقات فان كل خطوة ستقوم بها سوف تلقى معارضة من بعض مكوناتها و قواعدها و قد تؤدي الى كارثة.

ان وحدة الجبهة الشعبية ، بل ووجودها ،و نضالها و قدرتها على تحقيق المكاسب هي رهن توضيح هذه المسائل فورا و دون أي انتظار و ان الانخراط في الحراك السياسي دون توضيح هذه المسائل قد يصبح ملغوما و قابلا للانفجار في أية لحظة .


1- http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=326065

http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=327658 2-
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=330222 3-








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - الى رامي التونسي
بيرم ناجي ( 2013 / 1 / 8 - 16:50 )
أرجو التفضل و الاطلاع على التعقيب التالي في الحوار المتمدن على الرابط التالي:

http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=340126

اخر الافلام

.. Ynewsarab19E


.. وسط توتر بين موسكو وواشنطن.. قوات روسية وأميركية في قاعدة وا




.. أنفاق الحوثي تتوسع .. وتهديدات الجماعة تصل إلى البحر المتوسط


.. نشرة إيجاز - جماعة أنصار الله تعلن بدء مرحلة رابعة من التصعي




.. وقفة طلابية بجامعة صفاقس في تونس تندد بجرائم الاحتلال على غز