الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عيد نوروز ...عزف السهل ورقص الجبل

لميس كاظم

2005 / 3 / 22
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


لويعرف كاوه الحداد ان شعبه سيناط له زمام الحكم في العراق لهذا العام لأشعل النيران الأحتفالية مبتهجا ليس في جبال كردستان وحسب بل وفي كل مدن العراق. فهو حين اوقد ناره للمرة الأولى في جبال كردستان كان يحلم ان يدفئ أبناء قريته بحرارة حبهم للجبل، وحلم ان تشعل النيران في كل الجبال الكردية لترد التحية من جبل لاخر ، وكان يأمل ان يتحول نورها الى شعاع تنير درب هذا الشعب الذي ظل يناظل من اجل حريتة وأستقلاله. اراد كاو ه ان يكون نوروز هو اليوم الذي يتبادل الكرد جميعا التحية والتهاني بحلول الربيع وبدء عامهم الجديد.

من ذاكرتي الشخصية التي ظلت عالقة في ذهني ،اني ذهبت مع مجموعة من الطلاب الأكراد الدارسين في جامعة الموصل الى اربيل للأحتفال بعيد نوروز. تجمعنا أكثر من 30 طالب وطالبة من مختلف الأختصاصات وأستجرنا باص مشترك ( كان ذلك عام 1977 اي قبل 28 سنة كنا نشارك في السفرات المشتركة، من كلا الجنسين ، واليوم ونحن في القرن الحادي والعشرين هناك اشباح بشرية متخلفة ترفض الأختلاط الجامعي داخل مدينة البصرة ، وتقتل طالبة جامعية ، لمجرد تجمعهم سويتا في نشاط اجتماعي ، تحاول هذه الزمر الضالة ان تؤخر عجلة التطور المدني وتعود بهم الى الفترة المظلمة ، وتصادر حقوقهم الجامعية ) وأنطلقنا الى اربيل لحضور الحفل السنوي لعيد نوروز. عندما صعدنا الجبل ظهرت الدوائر البشرية الملونة بكل الوان القوس قزح ممتزجة مع الوان السهل الخضراء ليشكلو لوحة بشرية متموجة ومتحركة لم ارى اجمل منها.

نحن البغداديون اعتدنا ان نقيم شعائر وطقوس عيد الأضحى والعيد الكبير بشكل مختلف ، الزيارات بين الأهل والأقارب في البيوت والأطفال يذهبون صباحا الى مدينة الملاعيب ( الجوبي) وفي الغداء والمساء تقام الولائم والحفلات المشتركة بين الأهل والأصدقاء في البيوت او في النوادي اوالمطاعم.
لكن عيد نوروز له نكهة شعبية خاصة ، إذ أن الأحتفالات تكون في الهواء الطلق في السهول والوديان، بين الينابيع والجداول ، إذ تخرج العوائل الى الأماكن المخصصة للاحتفال مع اكلهم وشربهم ، وهناك تنظم الدبكات الكردية والأكل والشرب المشترك ، فيندمج الكل في الأحتفال من مختلف الأعمار ، يعزف السهل ويرقص الجبل ، يعزف الناي ويغني النهر، يدبك الشيخ وترقص الشابة ،الكل يحتضن الأخر ويدبك ضمن دوائر صغيرة وكبيرة على انغام الموسيقى والأصوات الغنائية التي تهز الجبل بقوتها .

فنوروز يعني المتعة لكل الأعمار والمرح والمحبة والتسامح وتصافي القلوب والمثير انك اينما تذهب يقدمون لك لقمة سريعة ، وبدون معرفة، من الأكل الكردي الشهي والأبتسامة التي لاتفارق وجوههم ، والذي لايعرف الشعب الكردي يتوقع ان هذا الشعب لم يعاني من قهر وحرمان وتعسف استمر مايقارب القرن من الزمن.

نزلنا من الجبل الى السهل لنقترب من الجموع البشرية ، يومها دبكنا نحن الذين لم نعرف الدبكة في حياتنا ، رغم كنا نشاز في خطواتنا وبطئ في نقل حركة ارجلنا مع الدبكة بحيث في أكثر الأحيان نأخر الجموع الدابكة لكن اصدقائنا يوضحون اننا ضيوف لانجيد الدبكة.

بعد ان انتهينا من الحفل في المساء عدنا للنوم في بيوت اصدقائنا ، فالشباب توزعو في اكثر من بيت وزميلاتنا الطالبات الكرديات اخذن زميلاتهن الى بيوتهن . لن انسى ذلك المشهد المؤثر في اليوم التالي عندما اجتمعنا سويتا وقررنا التجول في القرية ومن ثم التوجه الى المدينة ، قدمت أمرة كردية فقالت نحن لانستطيع اطعامكم جميعا وجبة دسمة لكن ادعوكم الى وجبة سريعة من الدولمة واللبن والخبز المرقوق الطازج فوافقنا على الفور ودخلنا جميعا الى بيتها البسيط لكن قلبها كان يستع لنا جميعا بكرمها فكانت مشاعرها صادقة بكل ماتحمل من معنى. بعد الأنتهاء جائتنا امرة ثانية وثالثة بنفس العرض ووافقنا على كل العروض حتى اصبنا بالتخمة وبقينا في القرية. كانت البساطة المحبة والأستقبال الغير مفتعل له دلالة عميقة في نفوسنا ، احسسنا بصدق التعبير والمشاعر.

ان الشعب الكردي أمتاز على مر سنين نضالة بأنفتاحه على القوميات والأقليات الأخرى فبالأظافة الى تعايشة مع باقي الأقليات بسلام ، فهو استظاف العرب الثوريين المناهضين للسلطة في اكثر من مرة ، فكانت جبال كردستان دائما ملاذ امن للعرب، وكان الكرد يساعدوهم على التأقلم مع الحياة الجبلية ويفسح لهم المجال لتشكيل قواعد عسكرية على ارضهم المحررة والأنطلاق بعمليات مشتركة ، فهو شعب منفتح على باقي القوميات والأقليات العراقية بدون عقد أجتماعية وفكرية ودينية.

لنوروز هذا العام له نكهة خاصة في تأريخ الشعب الكردي ، فلاول مرة يشارك العرب والكرد في حكومة منتخبة كذلك فسيقلد لأول مرة في تأريخ نضاله العادل أعلى منصب سيادي في العراق وهو منصب رئيس الجمهورية، فترشيح السيد جلال الطالباني لمنصب رئيس الجمهورية ، جاء بموافقة العرب والأكراد وباقي الأقليات ، تكريما لنضال هذا الشعب الذي قدم الأف الكواكب من الشهداء في سبيل قضيتة العادلة وفي سبيل عراق ديمقراطي فيدرالي تعددي.

تحية لهؤلاء الشجعان الذين كانو مصممون على مواصلة النضال لتحقيق مطالب الشعب الكوردي العادلة.
تحية للمراة الكردية الشجاعة تلك الام التي فقدت ابنائها في معترك النضال وتلك الزوجة التي ساندت نضال زوجها في خندق واحد.
تحية لكل شهيد كردي وعربي سقط في ارض كردستان من اجل قضيته العادلة.
كل عام والأخوة العربية الكردية وباقي الأقليات بخير وانتصارات اكثر لهذا الشعب المضياف.
21.03.2005








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تركيا: السجن 42 عاما بحق الزعيم الكردي والمرشح السابق لانتخا


.. جنوب أفريقيا تقول لمحكمة العدل الدولية إن -الإبادة- الإسرائي




.. تكثيف العمليات البرية في رفح: هل هي بداية الهجوم الإسرائيلي


.. وول ستريت جورنال: عملية رفح تعرض حياة الجنود الإسرائيليين لل




.. كيف تدير فصائل المقاومة المعركة ضد قوات الاحتلال في جباليا؟