الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المخرج الوردي ام المخرج الرمادي

حسن مشكور

2013 / 1 / 7
مواضيع وابحاث سياسية


المخرج الوردي ام الرمادي
مساهمة في الحوار مع الكاتب محمد عبد الجبار الشبوط

حسن مشكور

إذا لم نمتلك الاشياء , اذاً فلمنلك مظاهر الاشياء - مونتسكيو " روح الشرائع "

في المشهد السياسي العراقي لم يعد وجود " للافندي " ، البارز بقوة اليوم هو وجه القبيلة القاسي وعمائم بمختلف الالوان والاحجام .

بعد التغيير الذي حصل 2003 من اي الابواب كان ولوجنا الى الديمقراطية ؟ والديمقراطية والنظم البرلمانية هو الشكل الحضاري لتطور المجتمع المدني والتي كانت حاضنته المؤسسة الاقتصادية للمجتمع الصناعي و هذه البنية وفرت الاستقرار السياسي .

دخولنا كان من باب المجتمع الزراعي الرعوي ، ولا ادري كيف نصل الى الديمقراطية المستقرة بدون تركيبة اقتصادية شبه متكاملة!! بغية خلق التوازن في البنى الاجتماعية والتوازن هنا ليس التوازن الديني - المذهبي . وانما التوازن في بناء مؤسسات الدولة وطرق عملها ، فصل السلطات - حكم القانون - البنى الاقتصادية ، وكذلك علاقة الدولة بالمجتمع .

وهنا لابد ان نشير الى الشكل الذي يجري فيه بناء الدولة في العراق الان وهو الاسلوب القديم والشائع في البلدان المتخلفة وهو بناء المؤسسة العسكرية اولاً ، وهذا يعني البدء بتحديث الدولة وليس المجتمع ، وشهد هذا النوع من العمل وخاصة الدول النفطية " دول الاقتصاد الريعي " صعوبة الاصلاح الاقتصادي الليبرالي بسبب انعدام الهياكل الاقتصادية والسياسية ، والسعودية مثال جيد في هذا المجال فهناك امراء وسماسرة وبيروقراطية غير كفوءة اضافة الى قطاع كبير من المستفيدين من " السخاء الابوي " على حد تعبير الباحث الاقتصادي " ستيفن هيرنوغ " وهذا القطاع يقف معرقل لعملية الاصلاح الاقتصادي حيث يجري التحايل على مهام الجماعات الاجتماعية المطالبة بالاصلاح السياسي .

ما الذي تعانية العملية السياسية في العراق ؟
الذي تعانيه هو السجال العشائري - الديني المحتدم في برلمان استحوذت عليه السلطة التنفيذية وشلت حركته وجعلته برلمان معلول ومشوّه وبكونه مركب متشابك ومتنافر وغالبية اعضاءه تحاول امتهان العمل البيروقرطي بسذاجة لعدم الكفاءة ، تحوّل هذا البرلمان الى بؤرة لاثارة النزاعات وتأجيج النفس الطائفي ، وخذوا الذي يجري في الرمادي الان . والذي عمّق هذا التشوه هو الذي تحدثنا عنه في البدء وهو دخولنا الديمقراطية من باب المجتمع الزراعي الرعوي وفي مجتمع مغلق تتحكم به العشائر التي لها اعرافها وطوائف متكلسة بالمقدس وفق هرمية لا يمكن مسها .

في هذا المحيط العاصف من يوفر الاستقرار للديمقراطية ؟
الجمهور المتظاهر في مدن العراق الغربية تخلى عن الدستور الذي صوّت عليه وتخلى عن ممثليه في الحكومة والبرلمان ورجع الى اصوله في الكر والفر وبرز وجه القبيلة القاسي والعمائم الملونة وفي مدن العراق الجنوبية الشئ نفسه ، ممثل بالبرلمان ذهب الى عشيرته لزجها بمظاهرات مضادة .

اذاً هناك مشكلة ومشكلة حقيقية وهي التشكيل الذي قامت عليه الحكومة - الدولة . وهنا يتحمل الامريكيون وحلفاءهم مسؤولية ذلك بكونهم عندما وضعوا الهياكل العامة لبناء الدولة اهملوا البناء الداخلي وجاءت الانتخابات المبكرة في مجتمع محطم للتو خرج من الحروب والحصار الاقتصادي الجائر الذي فكك الطبقة الثالثة التي كان معوّل عليها ان تقود عملية التغيير , ثم جاء الدستور الذي سُلق بنار اللحظة الاخيرة ، دستور مبعثر وشبه غامض فيه ما يقارب 55 مادة تحتاج الى تشريع دستور مشرعه وضعه بصيغ يمكن التلاعب بتفسيرها والامثلة كثيرة ولذا كان الاجدر العمل وفق حكومة انقاذ وعمل ، يستمر عملها لعشر سنوات او اكثر بدون انتخابات ووفق صيغ تشريع مؤقته وضمن قانون طوارئ وتحت اشراف دولي الى حين يعود المواطن الى اطمئنانه النفسي وتوضح له الطريق يرافقه عمل دؤوب لاصلاح البنى التحتية كي تبدأ العجلة الاقتصادية بالدوران لتوفير العامل الاساسي لاستقرار الديمقراطية وبغية ابعاد المرتكز شبه الأقطاعي الذي تقوم عليه البنى الاجتماعية والانتقال الى طور اعلى فى العلاقات الاجتماعية .

هذا لم يحصل ، وكانت النتائج كارثية حيث العملية السياسة متعثرة ومفتوحة على كل الاحتمالات فلا بنى تحتية عمّرت ولا الدستور حل معضلات الحكومة وحتى مقترح حل الحكومة واجراء انتخابات في ظل هذه البيئة غير الصحية ،لا قانون للاحزاب ولا قانون انتخابات عادل والمؤسسات المستقلة ابتلعتها السلطة التنفيذية .

الانتخابات المبكرة ليست الحل ، انها سوف تأتي بنفس الكيانات فلا اعتقد ان عمار الحكيم سوف يغادر عمامته او مقتدى الصدر يكف عن " خربطاته " او المالكي يذهب الى الضفاف العلمانية او خضير الخزاعي يطلق ولاية الفقية او علاوي والنجيفي والمطلك والاخرين من الضفة الاخرى قادرين على التخلي عن ارث ماضيهم الذي يصفونه " بالمسلوب " والكورد لم تعد تعنيهم قضية الديمقراطية في العراق طالما هم ضمنوا الانتصار سواء بقوا مع العراق او ذهبوا بتشكيل دولتهم .

وظلت المرحلة غير قادرة على ان تفرز كيانات عابرة للدين والعشيرة ، لا توجد ارضية لذلك لكون عاملها الموضوعي قد دمر. بغداد في السابق لم تجاورها مدن مليونية كمدينة الثورة وهي النتاج المشوّه لاحداث 14 تموز 1958 ، ارياف بالكامل جرى توطينها في مجمع سكني لا يمتلك صفات المدينة اي ارياف بلا زراعة او رعي ولاشك هذه الارياف سوف تساهم في الفعل السياسي والاجتماعي وهو في النهاية قضم لكل ما تبقى من مظاهر المدنية في العاصمة واصبحت بغداد "قرية شبه متمدنة" والصورة متجلية بوضوح اليوم في شكل "الدولة" مؤسسات يقودها فلاح امتهن السياسة بدون تعليم ، حالة فرضها محيطه وهذا الفلاح الذي ترك الزراعة وذهب للعمل في البلدية لم يحسن حتى زراعة شجرة ومشروع قناة الجيش شاهد على ذلك.

14 تموز والفترات التي تلتها في حكم العسكر قوّضت معالم بناء الدولة المدنية . في العشرينات اقيمت اسس الدولة المدنية فكان لنا برلمان ودستور واحزاب وطبقة وسطى نامية انعكس على رقي في العلاقات الاجتماعية ومظاهر للتحضر ولنقس وضع المرأة آنذاك ووضع المرأة الان .

المخرج الوردي هو افضل الحلول للعملية السياسية لكن هناك صعوبة في تطبيقه لعدم توفر الاسس التي سوف يقوم عليها وهي البنى الاجتماعية والقاعدة الاقتصادية التي نستطيع بها تجاوز العشيرة والدين . العراق بلد معطل اقتصادياً وبنيته الاقتصادية الحالية " اقتصاد ريعي " وفيه يبقى الافراد تابعين للدولة وكذلك تكون الدولة اقوى من المجتمع وهذه التبعية تنخر البنى الاجتماعية داخليا وتجعلها غير قادرة على فك الارتباط ، فلا الطبقة الوسطى قادرة على ذلك ولا الانسان العادي قادر على التخلص من المعممين .

المخرج الرمادي انا معه لو كان العراق بمستوى جيكوسلفاكيا فالدولتان جيكيا وسلفاكيا , دولتان بعلمين مختلفين لكنهما باقتصاد واحد ، المخرج الاحمر في العراق سيكون اقرب الى التجربة اليوغسلافية والتي انهى صراعها الدموي الضربة المؤدبة التي وجهها حلف الناتو والذي فكك دولة تيتو التوتاليتارية وبعد الضربة المؤدبة ذهب كل طرف بطريقه الديمقراطي الذي وفرت له البنية الاقتصادية الاستقرار .

في العراق ماهو شكل الدول ضمن المخرج الرمادي ؟
دولة دينية " شيعية " في الوسط والجنوب
دولة دينية " سنية " في الغرب
دولة قومية شبه دينية - ربع ديمقراطية في الشمال

في هذا الشكل من يضمن عدم حدوث نزاعات دينية - مذهبية او حروب قومية ونحن نحمل ارث النزاع المذهبي لاكثر من مائة قرن واذا حدث النزاع المذهبي من سيقوم بالضربة المؤدبة ايران ؟ تركيا ؟ السعودية ؟

الحرب دائما تبدأ بالكلمات

ملاحظات - المخرج الوردي وضعه السيد الشبوط رمزاً للدولة المدنية والمخرج الرمادي رمزاً للتقسيم والاحمر رمزاً للنزاع الدموي .



2013-01-05
m








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. هل بدأت معركة الولايات المتأرجحة بين بايدن وترامب؟ | #أميركا


.. طالبة تلاحق رئيسة جامعة كولومبيا نعمت شفيق وتطالبها بالاستقا




.. بايدن يقول إنه لن يزود إسرائيل بأسلحة لاجتياح رفح.. ما دلالة


.. الشرطة الفرنسية تحاصر مؤيدين لفلسطين في جامعة السوربون




.. الخارجية الروسية: أي جنود فرنسيين يتم إرسالهم لأوكرانيا سنعت