الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أنا الطائفي الوحيد

اسماعيل شاكر الرفاعي

2013 / 1 / 7
مواضيع وابحاث سياسية


الكل في بلادي عاشق للوطن ويفيض هياماً بالوحدة الوطنية ، والكل فيها يلعن الطائفية ويتبرأ منها . يلعنها العامة في الاسواق والمقاهي والشوارع والحارات ، وفي القرى والبلدات البعيدة . ويلعنها الخاصة في دوائر الدولة واماكن العبادة ومعاهد العلم . ويشدوا بلعنها الرعاة ومجاري الانهار والحقول الفسيحة . الكل في بلادي يحمد اللّه على انه لم يتلوث يوماً بداء الطائفية البغيض ، وينكر ان تكون الطائفية نبتاً لتربتنا الطاهرة . لقد نقلته اليهم منخفضات جوية أو عواصف ترابية ، هبت عليهم فجأة وجللتهم برائحتها الكريهة . قد يكون مصدرها شمال الكرة الارضية ، أو ربما جنوبها ، لا أحد يعرف . يختلفون في مصدر هذا الوباء ، ولكنهم يتفقون جميعاً على محاربته . انه في عرفهم نوع نادر من الامراض ، يشبه جنون البقر او سعال الديكة . ولذا يندفع الناس في بلادي بحماسة لمنازلة هذا الوباء الطارئ على تاريخهم ومجتمعهم وحكوماتهم . يندفعون وكل منهم قد طرز جبينه بشعار : لا غربية ولا شروكَية ، وهو يدعو بالويل والثبور على : الطائفية وللطائفيين . وكل الصحف والفضائيات والمنظمات والهيئات والاتحادات والنوادي والاحزاب ، وكل ما يمت بصلة لما يسمونه بالمجتمع المدني ، يقف الآن وقفة تاريخية لمحاربة هذا الداء الوبيل ، قبل ان ينتشر ويصبح من الامراض المتوطنة في بلاد الرافدين : " مهد الحضارات " . أسمع جاري قبل ان يخرج صباحاً الى دكانه يتعوذ باللّه منها وهو يكمم أنفه خوف ان تنقل الريح عدواها اليه ، وارى نساء الحي يغسلن عتبات بيوتهن من آثار خطاها في الليل . قلتُ في نفسي : اذاً ، لم يتبقَ من طائفي سواي . ركبتُ جنوني في جولة أخذتني من الموصل الى البصرة ، فمن عادتي ــ وقد تعلمتُ ذلك من معهد { كَالوب } ــ ان اذهب بنفسي الى الناس واختار اعتباطياً لأسئلتي مَن يلتقيني، ولدهشتي كان الناس ، كل الناس ينظرون اليّ بعجب أو بغضب ، وهم يتبرأون من الطائفية بطريقة غريبة ، اذ لم يطق لا المصلاوي ولا التكريتي ، ولا الكوتاوي أو الحلاوي : ذكر اسمها ، أو حتى الهمس به . أقول لنفسي : اذا كنت انا الطائفي الوحيد الذي يراقص شبح الطائفية في بلاد مترامية الاطراف ، فهل بأمكاني لوحدي ان أفعل الاعاجيب وامنع أهالي المحافظات الوسطى والجنوبية من ان يخرجوا بمظاهرات تأييداً لأهالي الرمادي وتكريت والموصل ؟ وكيف بامكان رجل معزول ان يجهر بآراء يحاربها الجميع : الساسة والاهالي ، ويقنع علاوي والمطلك والنجيفي برفض كل ما تتقدم به كتلة المالكي من مقترحات قوانين ؟ وهل امتلكتُ حقاً معجزة اقناع المالكي وتحالفه الوطني برفض التجاوب مع النجيفي في دعوته لعقد جلسة للبرلمان يوم الاحد ؟ . وهل كنتُ أنا مَن وقف بوجه اهالي الرمادي وسامراء ومنعهم من المشاركة في انتفاضة مدن الوسط والجنوب عام 1991 ؟ انا مَن فعل ذلك ، أم هو هذا الشبح الذي يطارده الجميع : ساسة واهالي ، وهم يدركون انه معهم ، يرافقهم مثل ظلهم وقد يسبقهم الى اسرتهم ، ويتنفسونه في نومهم واحلامهم ؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حُرم من حلمه والنتيجة صادمة ونهاية حب مأساوية بسبب الغيرة! ت


.. إيران تلغي جميع الرحلات الجوية.. هل اقتربت الضربة الإسرائيلي




.. ميقاتي لسكاي نيوز عربية: نطالب بتطبيق القرار 1701 وأتعهد بتع


.. نشرة إيجاز - مقتل شرطية إسرائيلية وإصابات في بئر السبع




.. اللواء فايز الدويري والعميد إلياس حنا يحللان المعارك الضارية