الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


فهم السياسة بالهمس ؟ أم باللمس ؟ أم بالنظرات ؟

ثائر دوري

2005 / 3 / 23
مواضيع وابحاث سياسية


تقول النكتة إن رجلاً مر بجانب محل لختان الأطفال ، فلفت نظره أن صاحب المحل قد علق ساعة على الواجهة فحسبه مكانا لبيع الساعات . دخل الرجل إلى المحل دون أن يقرأ اللافتة المكتوبة على المحل . و قال لصاحب المحل :
- أريد أن أشتري ساعة يد .
نظر إليه صاحب المحل مستغرباً . و أجابه :
- و لكني لا أبيع الساعات............
سأل الرجل باستغراب :
- و ماذا تبيع إذاً ؟
أجاب صاحب المحل ببساطة :
- أنا أختن الأولاد .
سأله الرجل باستهجان :
- و لم تعلق ساعة على واجهة المحل إذاً ؟
رد عليه صاحب المحل باستنكار أكبر :
- و ماذا تريدني أن أعلق على واجهة المحل إن لم أعلق ساعة !!!
هذه النكتة أتذكرها يومياً و أنا أسمع تحليلات عدد من المعلقين و السياسيين العرب الذين مازال لديهم أوهام بالنسبة للسياسة الأمريكية أو يتوقفون عند مظاهر الأشياء .
بعضهم مازال يتناقش حول جدية طرح أمريكا للديمقراطية . فإذا قلت لهم إن أمريكا لا تريد سوى السيطرة على النفط . قالوا لك :
- لكنها تتحدث عن الديمقراطية و حقوق الإنسان .
فتضطر أن تجيبهم على طريقة صاحب المحل
- و ماذا تريدها أن تقول حتى تقتنعوا ؟ هل تريدون منها أن تقول إنها جاءت لنهب البترول ؟
تصور غرابة المشهد في حال حدوثه ، و هو لن يحدث ، و هو أن يخرج بوش ليقول في كلمته الأسبوعية :
- لقد ذهبنا إلى العراق كي ننهب البترول .............. !!
أو أن يخرج ديك تشيني ليقول للأمريكان الذين فقدوا أبناءهم في العراق :
- لقد ضحى أبناءكم بحياتهم من أجل مصالح شركة هاليبرتون ..........!!

وقسم آخر تحدثهم عن أن الطرف الفلاني ينسق مع الولايات المتحدة مباشرة و هذا واضح . فما معنى أنه يشيد بالاحتلال الأمريكي للعراق و ما معنى أن يزور آخر السفارات الغربية . أو أن تفتح له صحيفة معروفة الاتجاه صفحاتها ليكتب سلسلة مقالات تشيد بديمقراطية الاحتلال ( الإنتخابات في العراق ) ، ثم يقوم نفس الشخص بالكتابة ضد طرف عربي لأنه يتدخل في شؤون بلد عربي آخر . مع أنه لم يمانع تدخل الأمريكان في الحالة العراقية .
و إذا قلت لهم ما معنى أن يخرج سجين سياسي سابق ليقول إن الصورة النمطية عن الغرب المتحكم بالعالم لم تعد موجودة . و إن مصلحة أمريكا تتلاقى مع مصلحة الشعوب . و يدعي أن مصلحة أمريكا تكمن في حصول الشعوب على حقوقها ؟!!
و ما معنى قول شخص ثالث إن مصلحة أمريكا اجتمعت مع مصلحة الشعب العراقي . و يتابع قائلاً :
(( أميركا دولة مؤسسات يحكمها نظام ديموقراطي ولا يمكنها أبدا أن تتجاهل المطالب العادلة للشعوب التي تتحدث بإسمها حكومات شرعية تمثل الشعب، وقد أثبتت التجارب ذلك .........))
طبعا لا ينسى أن يذكر سامعيه أن أمريكا ضحت بمئات المليارات و بأرواح جنودها كي تخدم الشعب العراقي .
و كأن أمريكا جمعية خيرية تنفق بغير حساب . و كأن التجربة التاريخية منذ الحرب العالمية الثانية ، على الأقل ، لم تعلمنا أن لأمريكا يد كبيرة في كل كوارثنا بدءاً من زرع الكيان الصهيوني و تشريد ملايين الفلسطينين و الدعم اللا محدود للكيان الصهيوني و تنظيم الانقلابات العسكرية و دعم الدكتاتوريات ، وصولاً إلى تحرير العراق من شعبه . فقد قتل حتى اليوم أكثر من مائة الف عراقي و دمرت بعض المدن بالكامل و كذلك البنية التحتية و العلمية ، و أنشأت ديمقراطية أبو غريب ..............الخ
طبعاً أصحاب الكلام السابق ، الذين يشيدون بأمريكا ، سيهزون رؤوسهم بسخرية و سيصفون كلامي بأنه من مخلفات الستينات ................
فإذا ما سقت كل ما سبق من أدلة لمحدثك ، الذي يدعي العداء للأمريكان ، على أن هناك أطراف تنسق مع الأمريكان . و أطراف تقدم أوراق اعتمادها لهم . هز كتفيه و نظر إليك مبتسماً و كأنه يقول يا لهذا الإنسان الشكاك . ثم يقول لك :
- لا لا أنت تبالغ . الشخص الفلاني يقول إنه يريد الديمقراطية و التعددية في البلد فقط . هو لم يقل إنه مع الحل الأمريكي ............
عند ذلك بما ستجيبه . و هو الذي يدعي نفسه سياسيا لا يشق له غبار ؟ بالطبع ستقول على طريقة صاحب المحل السابقة :
- و ماذا تريده أن يقول ؟!!
بالطبع لن يقتنع صديقنا أن فلاناً مع الحل الأمريكي إلا إذا قالها بعظمة لسانه . أما ما يسمى بالسياسة اللغة الدبلوماسية ، التي تقول بشكل خفي ما لا تريد قوله علناً . أو تقول بالتلميح و الإشارة و الصمت أحياناً فهذه لا يفهمونها . و ما يسمى بإرسال الإشارات من طرف إلى طرف فهذه بنظرهم أوهام لا يؤمن بها إلا من يعتقد بنظرية المؤامرة فقط ......
في حوارية جميلة لزياد رحباني ببرنامج إذاعي . تقول سلمى إنها لا تصدق أن الحزب الفلاني ضد العدالة الاجتماعية و المساواة . و دليلها على ذلك أن زعيم هذا الحزب قال عكس ذلك . يرد زياد على سلمى :
- سلمى لن تقتنع أن هذا الحزب ضد العدالة الاجتماعية حتى يخرج عضو مكتب سياسي و يقول من على المنبر ( نحن ضد العدالة الاجتماعية )
أي أن سلمى و أمثالها لن يقتنعوا أن صاحب هذا المحل ليس بائع ساعات إلا إذا نزع الساعة عن واجهة المحل و علق بدلاً عنها ......








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الرئيس الأوكراني: الغرب يخشى هزيمة روسيا


.. قوات الاحتلال تقتحم قرية دير أبو مشعل غرب رام الله بالضفة




.. استشهاد 10 أشخاص على الأقل في غارة جوية إسرائيلية على مخيم ج


.. صحيفة فرنسية: إدخال المساعدات إلى غزة عبر الميناء العائم ذر




.. انقسامات في مجلس الحرب الإسرائيلي بسبب مستقبل غزة