الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


سقوط النخبة

اسلام احمد

2013 / 1 / 8
مواضيع وابحاث سياسية


لفت نظري مداخلة لامرأة مصرية بسيطة أجرتها قناة بي بي سي اللندنية معها في الشارع المصري قالت فيها :"كنا متحدين وقت الثورة أما الان فلا أعرف ماذا حدث؟ وكيف تفرقنا الى اخوان وسلفيين وعلمانيين وليبراليين؟ أنا مش فاهمة , بجد حاجة تقرف!"

والواقع أن ما قالته هذه المرأة المصرية البسيطة يعكس شعور كثير من المصريين تجاه النخبة السياسية فعلى مدار سنتين منذ اندلاع الثورة حتى الان تسببت تلك النخبة بمختلف أطرافها فيما الت اليه الأمور في مصر الان وان كان بدرجات متفاوتة

فقد قامت جماعة الاخوان بالتحالف مع المجلس العسكري بوضع مصر في فراغ دستوري كبير إذ ظلت البلاد طوال سنتين هي مدة المرحلة الاتقالية بدون دستور نتيجة انحياز الجماعة والمجلس العسكري لخيار (الانتخابات أولا) عقب استفتاء مارس الذي جاءت نتيجته بنعم, وقد اتضح الان بما لا يدع مجال للشك أن هذا الخيار انما كان الهدف منه تعجل الجماعة ومعها بقية تيار الاسلام السياسي لاقتناص السلطة في فرصة بدت تاريخية بالنسبة لهم بينما كان الصحيح أن يتم وضع الدستور أولا قبل أي انتخابات

وعندما جاء الدكتور محمد مرسي الى سدة الحكم كان يفترض أن يقوم باعادة التوازن الى الجمعية التأسيسية كما وعد ولكنه بدلا من ذلك قام باصدار اعلان دستوري حصن بموجبه الجمعية التأسيسية ذات الأغلبية الاسلامية التي سلقت دستورا على هوى جماعة الاخوان والسلفيين تم اقراره بأغلبية بسيطة

على الجانب الاخر فقد وقعت القوى المدنية والثورية في أخطاء كارثية إذ فشلت في توحيد نفسها في حزب واحد تواجه به التيار الاسلامي المتحد , كما فشلت في الاتفاق على مرشح رئاسي واحد تشارك به في الانتخابات الرئاسية بعد أن رفض حمدين صباحي وأبو الفتوح أن يتنازل أحدهما للاخر فكانت النتيجة وصول مرشح الاخوان الى سدة الحكم!

وبينما نجح الاسلاميون في تحقيق مبتغاهم حتى الان بامتياز فقد أكتفت القوى المدنية بالاحتجاج واثارة الفوضى دون تقديم أي بديل حقيقي برغم أنه أتيحت لها الفرصة لذلك فقد كان بوسع القوى المدنية أن تقوم بتشكيل جمعية تأسيسية موازية من فقهاء القانون والدستور تقوم بصياغة دستور يليق بمصر تواجه به دستور الاخوان ولكنها لم تفعل!

وقد بلغ الأمر ذروته عند صدور الاعلان الدستوري المحصن إذ أديرت الأزمة بشكل مخزي من جانب جميع الأطراف فقد أصر الرئيس ومن ورائه الجماعة وبقية فصائل التيار الاسلامي على موقفهم الرافض لالغاء الاعلان حتى لو كانت النتيجة هي احتراق مصر , على الجانب الاخر فقد أعلنت القوى المدنية الممثلة في جبهة الانقاذ الوطني الثورة على الرئيس وأعلن الدكتور البرادعي في أحدى تصريحاته سقوط شرعيته رغم أنه أول رئيس منتخب في انتخابات حرة , في سقطة أراها كبيرة من جانبه! , في خضم هذا الاعتراك المصحوب بالعناد كانت النتيجة الطبيعية مقتل العشرات واصابة المئات في أقل من شهر ناهيك عن انهيار اقتصادي هائل وسط توقعات بحدوث افلاس في مصر!

المؤسف أنه رغم كل ذلك فما زالت جميع الأطراف متمسكة بعنادها فمن ناحية لم يستجب الرئيس لجميع المبادرات التي طرحت لحل الأزمة ومازال يديرها بشكل منفرد كما جاء خطابه الأخير باهتا كالعادة ولم يتطرق الى أي حلول للأزمة الراهنة وانما كان الهدف منه اعلان الانتصار في معركة الدستور , التي ما كان مفترض أن يكون الرئيس طرفا فيها , مما يؤكد مرة أخرى أنه رئيس جماعة الاخوان لا رئيس كل المصريين! , ومن ناحية أخرى فقد رفضت جبهة الانقاذ الحوار مع مؤسسة الرئاسة وأعلنت أيضا عدم اعترافها بالدستور الجديد وهو ما تم تفسيره باعتباره خروجا على الشرعية!! , باختصار التجربة أثبتت أن الجميع يعمل لمصلحتة الشخصية والحزبية بعيدا عن مصلحة الوطن.

في سياق كهذا أعتقد أن أزمة مصر الحقيقية تتمثل في نخبتها الفاسدة ولكي ندرك مدى فساد النخبة في مصر يكفي أن نشاهد مؤتمرات جبهة الانقاذ الوطني التي ظهر فيها حمدين صباحي بجانب عمرو موسى والبرادعي فقد حرص كل منهم على الظهور أمام الكاميرات بأكثر من حرصهم على تقديم حلول للأزمة لدرجة أنهم كانوا يدفعون بعضهم البعض تسابقا أمام الكاميرا في مشهد يثير الاشمئزاز , أتصور أنه أساء كثيرا لصورة مصر في الخارج!

ولا أخفي عليكم مدى سخطي على الجميع إذ فجأة تساقطت رموز النخبة من نظري وفقدت احترامي لها بعد أن تبين لي أنها لا تستحق الاحترام , ومن جهتي فقد قررت مقاطعة الانتخابات البرلمانية المقبلة ما لم تتمكن القوى المدنية من توحيد نفسها في جبهة واحدة تواجه بها التيار الاسلامي في الانتخابات البرلمانية المقبلة

بالأمس تحدثت في حوار مع الصديق الدكتور محيي الدين عميمور وزير الثقافة الجزائري الأسبق فأخبرني :" أن الشعب المصري قد ضج من النخبة وأن المعارضة لم تستطع أن تقدم بديلا مقنعا، وحشود الشارع قد تصنع بعض الفوضى مرحليا ولكن الشعب سيعبر يوما بعد يوم عن تذمره من تلك المعارضة وسيجعلها تدفع الثمن في الانتخابات البرلمانية، ومن هنا سيراجع العقلاء حساباتهم وسيركبون القطار بعد انطلاقه"

وهو ما أتفق معه بشأنه وان كنت أخشى أن يعاقب الشعب المصري الجميع ويفاجئنا بثورة جياع في الذكرى الثانية لثورة 25 يناير والله تعالى أعلم








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حرب غزة..احتجاجات جامعات أميركية | #غرفة_الأخبار


.. مساعدات بمليار يورو.. هل تدفع أوروبا لتوطين السوريين في لبنا




.. طيران الاحتلال يقصف عددا من المنازل في رفح بقطاع غزة


.. مشاهد لفض الشرطة الأمريكية اعتصاما تضامنيا مع غزة في جامعة و




.. جامعة فوردهام تعلق دراسة طلاب مؤيدين لفلسطين في أمريكا