الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


البقاع آخر حصون النظام السوري

يوسف العادل

2005 / 3 / 23
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


يشكل تفكيك محور(إيران-دمشق-حزب الله)هاجساً أميركياً بامتياز، بحيث يندرج تحت أجندة هذا الهاجس كل سيناريو الأزمة اللبنانية ومسارها الذي لابد من الناحية المنطقية المحكومة بالإستراتيجية الأميركية أساساً أن يبلغ الاستحقاقات التالية:
1. إنهاء الوجود العسكري والمخابراتي السوري في لبنان.
2. متابعة الإدارة الأميركية إحكام طوق الحصار على النظام السوري لتقديم التنازلات المطلوبة منه في إطار ترتيباتها للبيت العراقي.
3. تقديم التنازلات المطلوبة إسرائيليا من النظام السوري على صعيد مسار التسوية للصراع العربي الإسرائيلي.
ولاشك بأن استجابة هذا النظام لهذا السيناريو ولهذه الاستحقاقات بموجب المقتضى الأميركي يعني أيلولته إلى السقوط أو ما يدانيه حيث شل فاعلية هذا النظام أو شطبه من محور( إيران،دمشق،حزب الله) الأمر الذي سيمنح الإدارة الأميركية فرصة التعاطي الأسهل نسبياً مع بقية أطراف المحور كما يلي:
• حزب الله: طبعاً لن يلجأ هذا الحزب إلى خيار اللعبة العسكرية على الساحة اللبنانية ذلك لأن إمكانياته رغم قوتها الحالية ستمسي مع الزمن قابلة للنضوب والشح على خلفية جفاف المنبع السوري وانقطاع الدعم الإيراني لصعوبة إيصال هذا الدعم عبر حلقة الوصل السورية، وبالتالي لن يبقى أمام هذا الحزب سوى اعتماد الواقعية السياسية وإعادة الاندماج السياسي في الخارطة السياسية اللبنانية الجديدة بعد إنهاء الوجود السوري في لبنان وذلك على خلفية إمكانية حزب الله التاريخية المحفوظة له بقوة الزمن ضمن المعطيات اللبنانية والتقسيم الطائفي المركوز في لبنان، فهو ككل القوى السياسية الطائفية اللبنانية يرتكز على قاعدة اجتماعية موالية( شيعة لبنان).
• إيران: طبعاً سيلحق انهيار محور(إيران، دمشق ، حزب الله) بإيران خسارة تسجل في قيود النفوذ الإقليمي، لكن الطرف الإيراني مع ذلك لن يكون سهل المنال إذا ما أراد له المشروع الأميركي الإضعاف أو الإسقاط عبر توجيه ضربة عسكرية محتملة قد تتحول إلى مغامرة أميركية غير محمودة العواقب قياساً بالتجربة الأميركية في العراق الذي استغرق خلع نظامه مخاضاً طويلاً( ضربة عسكرية في إطار مايسمى تحرير الكويت 1999 تلاها اثنا عشر عاماً من الحصار ، ثم ضربة عسكرية تلتها وقائع السقوط والخلع2003) بينما النظام الإيراني مايزال طليقاً، سواء لجهة إمكانياته العسكرية والاقتصادية والتكنولوجية وتحالفاته الإقليمية والدولية، أو لجهة انشداد ساحته الداخلية إلى بؤرة استقطابية وتماسكها على خلفية العداء المزمن للأمريكان، الأمر الذي يجعل مسألة التعاطي العسكري الأميركي مع إيران على الطريقة العراقية ينطوي على مغامرة غير مضمونة العواقب كما أسلفنا في ظل غرق الجيش الأميركي في المستنقع العراقي ولا ينقصه الغرق أيضاً في المستنقع الإيراني وتداعياته الآسيوية، وأعتقد أن التسوية هنا في الميدان الدبلوماسي أكثر جدوى للطرفين الأميركي والإيراني، ذلك أنهما سيتجنبان معاً مغبة العمل العسكري إذا ما نشبت بينهما الحرب، ومن الأفضل لهما اللجوء الاختياري الحكيم إلى التنازلات المتبادلة وذلك بأن تقدم أميركا والإتحاد الأوربي مكاسب اقتصادية بأشكال شتى لإيران ثمناً لتخليها عن برنامجها النووي الذي استطاعت أن تصل فيه إلى مستوىً متقدم يخشى معه وصول الإيرانيين إلى النادي النووي مع كل تداعيات هذا الوصول لا سيما أن الرعاية الروسية والصينية قد شملت إيران لزمن طويل مما مكنهم من صيرورتهم طرفاً يحسب له حساب في الصراع الدولي، وكذلك ثمناً لدور إيراني إيجابي يتناغم مع الترتيبات الأميركية في العراق.
وإذا كان النظامان العراقي والسوري قد تعرضا إلى حصار وضغوط مهدت لخلع الأول وهلع الثاني ، فإن النظام الإيراني كما أسلفنا لا يزال في مأمن مما حل بغيره ويحتفظ بأوراق كثيرة تجنبه السقوط السهل المجاني في القبضة الأميركية.
إذن أمام هذا السيناريو الدراماتيكي لا أعتقد أن النظام السوري مع استنفاذ كل الخيارات الأخرى وانسداد الآفاق أمامه، سينصاع إلى خيار السقوط الحر التدريجي بدون مقاومة هذا الخيار والخروج عليه، وربما سيكون البقاع اللبناني آخر معاقل هذا النظام عشية سقوطه، بحيث سيلجأ إلى تعليق تنفيذ الانسحاب الشامل من لبنان وذلك بالتمهيد لإعادة الساحة اللبنانية إلى مربعها الأمني( سبعينات القرن العشرين) وتحديث مبررات بقاء الوجود العسكري السوري في لبنان كخيار أفضل دولياً بالقياس إلى استقدام قوات دولية أوتدخل أميركي عسكري مباشر في لبنان أو ترك لبنان في فوضى عارمة وانهيار أمني بغيض.
ولعل رهان التفجير هو السيناريو الأوحد للنظام السوري حيث يؤخر انسحابه مما يبقيه على مقربة من مصالحه فيديرها بالأصالة عن نفسه بدلاً من تركها تدار من خلال الموالاة مما يجعل المخاطر تحف بهذه المصالح على خلفية تعقيدات ومجاهل الساحة اللبنانية فيما لو أكمل النظام السوري انسحابه الخطير.
إذن يبقى رهان النظام السوري معقوداً على التسويف والمماطلة في تنفيذ كامل الانسحاب من لبنان، وأعتقد أن مرور الزمن على هذه المماطلة مع انهيار الحالة الأمنية من بدايتها كما حصل في شرق بيروت منذ عدة أيام( وكان هذا مثار قلق مبعوث الأمم المتحدة لارسون من أن يحدث اغتيال آخر في لبنان) ،وكل ذلك سيعيد خلط الأوراق على الساحة اللبنانية التي ستتحرك رمالها تحت عصف رياح الأزمة العراقية.
نعم ، إنه البقاع اللبناني، قد يكون آخر حصون النظام السوري وآخر رهانٍ قبل الذهاب إلى الجحيم، ولامكان هنا للحكمة ، حيث أن الحاضر الأوحد في تصرف مثل هذه الأنظمة حينما تراهن على مصالحها الضيقة الأنانية هو الحماقة التي لن يتورع النظام السوري كشقيقه العراقي المخلوع من مغبة جر الساحتين اللبنانية والسورية معاً إلى خراب عميم.
يوسف العادل
22/3/2005








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. خطوة جديدة نحو إكسير الحياة؟ باحثون صينيون يكشفون عن علاج يط


.. ماذا تعني سيطرة الجيش الإسرائيلي على الجانب الفلسطيني من معب




.. حفل ميت غالا 2024.. إليكم أغرب الإطلالات على السجادة الحمراء


.. بعد إعلان حماس.. هل تنجح الضغوط في جعل حكومة نتنياهو توافق ع




.. حزب الله – إسرائيل.. جبهة مشتعلة وتطورات تصعيدية| #الظهيرة