الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ماذا فعَلتَ ، أَيّها الإسقريوطي ..؟!

يحيى علوان

2013 / 1 / 9
كتابات ساخرة



محضر تحقيق مع مُشتبه به
إضبارة: س/ 2145
تسلسُل: 794- ج/44
الأوليات : عُثِر على الشخص ، الذي أُحضِرَ للتحقيق معه والتحقُّقِ من هويته ومعرفةِ أهدافه . فقد
عَثَرتْ عليه عيونُ الأمن ، الساهرةِ على أمن البلاد والمواطنينَ ، يمشي في أزقَّةٍ مظلِمَةٍ بشكلٍ مريبٍ ،
يتحاشى النور.. كانَ يحمِلُ جُراباً على ظهره.. رثَّ الملبَسِ والهندام .. صامتاً :

* مَنْ أنتَ ؟
- أَنا التَعيس ..
* مَنْ أَنتَ ؟
- أنا المنبوذُ ..
* مَنْ أَنتَ ؟
- أَنا الخائن ..
* مَنْ أَنتَ ؟
- أَنا مَنْ لا شفاعَةَ له ..
* مَنْ أَنتَ ؟ فلا وقتَ لدينا نُضيّعه معكَ ..!
- أَنا الملعونُ عبر التأريخ ..أنا مَنْ باعَ السيَّدَ المسيح بحفنةٍ من فِضة ..أنا يهوذا الإسقريوطي !
* ماذا تُريد ؟ ولمـاذاَ جئتَ إلى هنـا ؟!
- ضربتُ في كلِّ الأصقاعِ ، فلَمْ أَرَ بلداً فيه مالٌ وفيرٌ مثلَ بلَدكم .. رأيتُ خَوَنَةً ولصوصاً
كُثرٌ ، لا تشوبهم شائبة .. محترفون ! لكنَّ ما لديكم كثرةٌ من " الهـواة " لا يعرفون شيئاً عن
عن أمور " الصَنعَة ".. تَراهُم ملهوفونَ في عَجَلةٍ من أمرهم ...
* .. وماذا تريدُ في بلادنا ؟؟
- قُلتُ أَفتَتحُ معهداً أو أُشكِّلُ جمعيةً ، ذات نفعٍ عام ، لدعم " الهُـواة ".. لغرَضِ تدريبهم وتأهيلهم
، بوضع خبرتي تحتَ تصرفهم .. فقد أفيدكم في ذلك !

* يبـدو أنّكَ تحمِلُ مشروعاً جادّاً ، قد يكون مفيـداً ... حدِّثنـا مزيداً عن خبرتِكَ ..
- وقتهـا خنتُ المسيحَ بثلاثينَ فِضة ( كان مبلغاً لا يُستهانُ به في زمن روما !) إستلمتها
من أَحبارِ اليهود لأَدُلَّهم على مكانِ وجود المسيح .. وتعرفون بقية القصة ... يومَ أَمَرَ بيلاطيس بصلبِ المسيح نزولاً عند رغبةِ الأحبار ... لكن بعد أَن صُلِبَ المسيح ، شعرتُ بالعارِ ونَدِمتُ على شنيعِ فِعلَتي ..
وفي اليوم التالي أردتُ إرجاعَ الفِضّة إلى الأحبار ، معلناً توبتي .. طَرَدوني وقالوا " لن نُكلِّمَ خائناً .. وهذه الفضةُ مُلطّّخةٌ بالدم ، لا نَمَسُّها ! إنْ أَرَدتَ ، ضَعها في محراب معبد الهيكل !! إغرُب عن وجهنا .. !"
صِرتُ أَهيمُ على وجهي في الشوارعِ . ولَمّا مَرَرتُ أَمام قصرِ بيلاطيس ، حيثُ كان
يجلسُ في الشُرفَةِ مع صحبٍ له ، ألقيتُ عليه التحيّة .. أشاحَ بوجهه عنّي ، سَخِرَ الكُلُّ
مني وراحوا يشيرون بأصابعهم إليَّ ... !!

منـذُ ذلك التأريخ واللعنةُ تلاحقني ، حتى غَدوتُ سُبَّةً في كلِّ أَصقاعِ الدنيـا !!
ذلكم ثمنُ الخيانة .. فإمَّا تخونَ بأحترافٍ ، وتمضي حتى آخرِ الشوطِ ، فتتحمّلَ التبعات
كاملةً .. دونَ تَردُّدٍ ، حيثُ لا ينفع نَدَمٌ ولا توبة أو نقدٌ ذاتيٌّ .. أو ...

* حقاً ، مهمٌ ما تقوله ..! يا أخي لمـاذا لَمْ تُعرّف بنفسكَ منذ البدء ؟ كُنتَ إختصرتَ
على نفسكَ وعلينا مَشقّةَ س و ج ..إذهَبْ ! فأنتَ طليقُ .. نتمنى لك التوفيقَ ! حتماً سَتَجدُ في عليَّة القوم من ينصُرُك ..!



أُغلِقَ المحضر بحضور المَُحقّقَيْن :
مقدَّم الركن : مجبِلْ شَرهان
ضابط أركان الحركات العقيد: هيرِش بيشدَري
بتاريخ 16/11/2012





براغماتيَّه !


سأجازفُ بالزعم أَنَّ أُسَّ البراغماتية ( الذرائعية ، ويسميها البعضُ بالنفعية ) يرجعُ إلى أُمِّنا الطبيعة
في مجرى عمليات التطور وإنتخاب الأصلح .. مروراً بالأنتقال من الهوموسابيَنْ إلى التجمعات السكانية الأولى ، ومن ثَمَّ إلى أقوامٍ وشعوبٍ وأُممٍ .. وما شهدته البشرية من تقدم في حقولِ المعرفة ، حتى جاءَ جون ديوي _ الأمريكي _ ، في القرن التاسع عشر ليؤسس مذهباً يقوم على إعتبارِ " المقولات الفلسفية يجب أَنْ تُثبِتَ جدواها العملية .. وأَنَّ كلَّ _ فكرة _ أو _مُسَلَّمةٍ _ يجب أنْ تكونَ ذريعةً لتحقيقِ غاياتٍ عمليةٍ تعودُ بالنفعِ العيانيّ على الفرد ، أو المجموع ...إلخ "

بأختصار شديدٍ ، قد لا يخلو من التبسيط لفكرةٍ فلسفية أساساً ، تقوم البراغماتية على مُقايسةِ
كل الأشياء بمقدارِِ " منفعتها وجدواها " العمليتين! وكل ما عداهما محضَ " خرافة " !! أي أنها تُهمِلُ
العواملَ الأجتماعية والقِيَمية والأعراف ، التي طوَّرتها البشرية في مجرى تطورها الهائل ، لاسيما ..
ما أفرزته من قِيَمٍ تنسجمُ مع مستوى تطور علاقاتِ الإنتاج ووسائله .. وتُهمل ُ( البراغماتية ) المباديء والأُسس ، وتركز جُلَّ إهتمامها بالنتائجِ وغاياتها ... حتى غَدتْ في التطبيقِ العمليِّ عندَ البعضِ ، خاصةً في بلدانَ ناميةٍ أو فقيرةٍ ، لُهاثاً من إجلِ " إقتناصِ اللحظةِ "! لتحقيقِ مَكسَبٍ آنيٍّ تافهٍ ، على حسابِ ما هو أسمى وأنبَل ..

البراغماتية لَمْ تبقَ مقصورةً على الفكر البرجوازي ومفكريه ... بل أصابت بـ"عدواها " آخرينَ
بدعوى " التجديد ! " و" العصرَنة ! " و" عدم الإنعزال عمّا يجري ....كذا "
قوانين الديالكتيك ، قرأناها ، وإستمعنا لمحاضراتٍ هامة عنها ، وعرفنا قانون وحدة الأضداد وصراعها .... إلخ
لكنّنا لَمْ نفلَحْ بمثالٍ تطبيقيٍّ واحدٍ على حالنا .. قُلنا " لا بأس أنَّ الحياةَ أغنى من تجربةٍ شخصية "!َ
عندما تَنتصرُ لشعوبٍ وأُممٍ أُخرى ، تُسبَغُ عليكَ صفةُ " أُمَميٍ " ... لكن ما أَنْ تَنتصِرَ وتُدافِعَ
عن قومِكَ وأُمَّتِكَ ، أو عن وطنك ، حتى يرمونكَ بـ"الشوفينية " و" العنصرية " و"القومانية "...إلخ ،
في حين أَنَّ ماركس عَلََّمَ أَنَّ عليكَ أَنْ تكونَ وطنيّاً صادقاً ، كي تكونَ أُمميّاً حقّاً ...!
..............................
..............................

مُرهَقٌ ، مَهمومٌ هو الديالكتيكُ نتيجةً لسوءِ التطبيقِ ، قَرَّرَ أَنْ ينسحبَ ، ليُفضي المجالَ ، ربما لظهور ما هو أَرقى .. لكنه لا يدري بِمَنْ يَلوذ ، كي ينجو من التشويه .. أَبِمُخيَّلَةِ هيغل أم ماركس ...؟!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حول العالم | لوحات فنية رسمتها جبال الأرز في فيتنام


.. سكرين شوت | صناعة الموسيقى لا تتطلب آلات فقط بل أيضاً إحساس.




.. أول ظهور لفنان العرب محمد عبده بعد إعلان إصابته بالسرطان


.. «جمع ماشية ورحيم ومرادف البؤس».. أسئلة أثارت جدلًا في امتحان




.. تششيع جنازة والدة الفنان كريم عبد العزيز