الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


محاكمة عزيز علي بالماسونية

محمد لفته محل

2013 / 1 / 10
أوراق كتبت في وعن السجن


تعرض المنولوجست (عزيز علي) لأكثر من مرة للاعتقال وللمحاكمة بسبب منولوجاته ومواقفه السياسية التي طالما تعارضت مع السلطة ليس لأجل المناصب وإنما دفاعا عن الفقراء والمظلومين وبدوافع الوطنية الخالصة رغم انه لم يكن سياسيا ولم ينتم إلى أي حزب غير الانتماء إلى الشعب والوطن وإنما كفنان ومثقف يساهم في تنوير الناس بالحقائق وكشف وفضح الفساد والخطأ عبر الفن. وقد سجل (عزيز علي) محاكمته الأولى التي اتهم بها بالنازية، والثانية التي اتهم بحيازة مروحية من أموال اليهود المنهوبة، في مجموعة منولوجاته (عزيز علي تراث وتاريخ) بالتفصيل، في حين إن المحاكمة التي اتهم بها بالماسونية لم تدون لأنها تمت في زمن البعث! وهو قد توفي عام 25/10/1995 أكتوبر.
القضية بدأت في صيف عام 1972 (1) حين تم فتح احد الصناديق الخاصة بمصرف الرافدين التي مر عليها 30 أو 25 عاما دون فتح، فوجد فيها أوراق تحتوي على أسماء المحافل الماسونية من ضمنها (عزيز علي) (فاضل الجمالي) (توفيق السويدي) وأسماء شخصيات أخرى، وهناك رواية أخرى انه تم العثور على أوراق المحفل في موقع صناديق البريد بالبصرة حين جرفته جرافة وتناثرت الأوراق، وقد سلمت الوثائق إلى مديرية الأمن العامة، صدر على إثرها قرار باعتقال (عزيز علي) وأكثر من 150(2) شخصا آخرين، استنادا إلى قرار لمجلس قيادة الثورة الذي كان قد صدر في بداية العام، اعتبر الماسونية حركة محظورة معادية ومؤيدة للصهيونية بالرغم من إن تاريخ الوثائق يعود لعقد الأربعينات؟(3) وقد تم اعتقاله من قبل الأمن في داره الواقعة في بغداد منطقة المنصور الداوودي حين كان مع عائلته على الغداء ظهرا، بعد أن تسللوا للدار خلسة من الكراج مرورا بالمطبخ المطل على الشارع العام واعتقلوه، ووضعوه في زنزانة حتى صباح اليوم التالي، ووجهت له تهمة الماسونية، فضحك (عزيز علي) منهم وقال لهم (مره شيوعي ومرة نازي وهسه ماسوني؟ كنت أظن في زمن هذه الثورة، أتكرم على ما قدمته لأكثر من ربع قرن في إعلاء صوت الحق على الباطل، وتحملت ما أتحمله من ضيم السجون) وفي العام 1973 حكم عليه مع تسعة أشخاص معروفين بالأخص من مدينة بغداد، كما تذكر أبنته (مي عزيز علي)(4) ووجهت التهمة له وفق المادة (201) من قانون العقوبات، ولم يدلي (عزيز علي) إلا بأقوال بسيطة مثل الاسم، العمر، العنوان، للرد على المحكمة، وكان الشاهد ضده امرأة أفادت انه ظهرت عليه بوادر الثراء في ملبسه منذ منتصف الستينيات؟ لكن هيئة المحكمة ارتأت تخفيف الحكم من الإعدام إلى السجن، بسبب شعوره القومي العربي استنادا إلى الحكم الصادر بحقه عام 1941 أثناء دعمه لحركة العقداء الأربعة وحبه ل(رشيد عالي الكيلاني)، وانه غنى للعرب (من أقاصي حضر موت لا قاصي المغرب) وكان اشد الناقدين والمحرضين ضد النظام الملكي، وانه تم توقيفه أثناء حرب السويس عام 1956، لاحتجاجه على العدوان الثلاثي على مصر، وكان له موقف من (عبد الكريم قاسم) ولم يشارك في مدحه كما فعل الباقي، إذ كان شبه منقطعا عن الإنشاد ولم يعد للساحة إلا عام 1966، في برنامج تلفزيوني ينتقد المقام العراقي لكونه من أصول أعجمية بدافع من عربيته، إلا أن المحكمة رأت إن ولادة (عزيز علي) في محلة (شيخ بشار) وهي المكان الذي كان فيه بيت مؤسس البهائية يزيد من شكوك انتمائه للماسونية! لأن المحكمة لم تكن تعرف الفرق بين البهائية والماسونية كما يقول المحامي (طارق حرب) الذي اطلع على أوراق الدعوة التي حكم بها (عزيز علي) عام 1989، وعلى ضوء هذه القرائن تم تخفيف الحكم للمؤبد (5).
وتقول ابنته مي (عندما التقينا والدي في سجن أبي غريب بعد أن تم حكمه وكان ذلك في عيد الفطر أو الأضحى لم اعد اذكر ولكن كان عيدا وأي عيد ... و حينها سألناه ... قال (بابا ...
هؤلاء جدد على الحكم والماسونية اسم غير معرف لدى العراقيين بل مبهم،
وهم أرادوا أن يقولوا إننا ضد الماسونية وهو للإعلام الخارجي ولا يوجد أفضل
من هذه الأسماء المشهورة في الوسط العراقي ليتم تشهير ما يريدون
وكذلك تقزيم هذه الشخصيات الكبيرة وأحدها (عزيز علي)
وقال أيضا (كان كل شيء مدون والقاضي يقرأ والمحامون الذين وكلتهم المحكمة أيضا ساكتون وتم الحكم) وكانوا تسعة، ولم يسمح كالعادة لأحد حضور جلسة المحكمة ولا تعلم أسرته متى انعقدت أصلا، إلا بعد أن بلغوهم أهالي بقية المعتقلين، وبقي (عزيز علي) سبعة سنوات توفيت خلالها زوجته 1978، ولم يفرج عنه إلا بعفو عام من الرئيس (صدام حسين) 9197 كمكرمة منه بعد توليه السلطة (6).
بعد ثلاث سنين تعرض مرة أخرى للاعتقال هو وأسرته هذه المرة عام 1/4/1982! بذريعة إن أغاني (عزيز علي) تذاع من إيران وهو من يمولهم بها! وكانت بناته وابنه عمر (الذي جاء في إجازة لأنه جندي احتياط في حرب إيران) يرتجفون خوفا وكان (عزيز علي) يواسيهم بضحكاته لرفع معنوياتهم ما داموا أبرياء، وقد عرضوا عليه التجسس في إيران مع أسرته أو الزواج من بناته؟ وكان هذا صدمة ل(عزيز علي) كما تقول (مي عزيز علي) فرد عليهم:(ابني لا تساوموني على شرفي، عيب وبعدين مو (عزيز علي) يصير جاسوس، آني أديت بما يكفي لهذا الوطن، الدور لكم هسه، آني ما انتميت لأي حزب بحياتي، ناديت لحرية بلادي ووطني، انوّب هسه بعد هذا العمر جاي اتگلي صير جاسوس؟ لا أذبح واحد من ولدي على أن أقوم بمثل هذا العمل) فسكت الموظف وأولاده خائفين من أن يقود هذا الكلام لإعدامهم، بعدها بأيام أفرج عنهم مع أوراقهم التي صادروها من المنزل، وكانوا فرحين جدا مع أقاربهم، لكن (عزيز علي) انهار شهرين وما أن بدأ يتعافى حتى توفي أبنه (عمر) بسيارة خاصة وهو قادم من الجبهة في إجازة؟ وكان قبلها اتصل بالتلفون من مقر وحدته في مندلي وقال (باﭼر إجازتي وراح انزل بالسيارة العسكرية اللي تنقلنا للمدينة) ثم جاء خبر وفاته بحادث سيارة خاصة وهو كان فيها؟! عام 23/12/1982 عن عمر 31 سنة (7).
ــــــــــــــــ
1ـ مي عزيز علي، منتدى سماعي للطرب العربي الأصيل، الاحتفالية الكبرى لمئوية ميلاد الفنان عزيز علي.
2ـ المصدر السابق.
3ـ وسام الشالجي، منتدى سماعي للطرب العربي الأصيل، الاحتفالية الكبرى لمئوية ميلاد الفنان عزيز علي.
4ـ مي عزيز علي.
5ـ طارق حرب، ويجب التنويه أن عزيز علي مدح (عبد الكريم قاسم) في ثلاث منولوجات هي (نو، حيو السلام، نشيد الثورة) عكس ما ورد في أوراق الدعوى التي حُكم بها عزيز علي، وإن عزيز علي لم يشير في مذكراته إلى اعتقاله أثناء حرب السويس تضامنا مع مصر؟ فإما إن المحكمة قد أخطأت بالمعلومات أو أن المحامي طارق حرب قد أخطأ بسبب قدم الحادثة كما قالها هو.
6ـ مي عزيز علي.
7ـ مي عزيز علي.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أكثر من 6000 شخص.. معاناة اللاجئين السودانيين في غابات أولال


.. عائلات الأسرى الإسرائيليين: الطريقة الوحيدة لإعادة كل المختط




.. آلاف الإسرائيليين يتظاهرون في تل أبيب ضد نتنياهو


.. آلاف المؤيدين لفلسطين يتظاهرون في بريطانيا تضامناً مع قطاع غ




.. لحظة انسحاب الآليات الإسرائيلية بعد إخراج الأسرى في شاحنة من