الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


كُرْدُ سوريا وأزمة الهوية

كرم يوسف

2013 / 1 / 11
مواضيع وابحاث سياسية


من الصعب أن تجد هوية واضحة بين كلّ السوريين، فهناك الدم الذي يسيل يومياً منذ واحد وعشرين شهراً، وهو يحكم هوية السوريين اللحظية لغاية إسقاط النظام، في الانتماء لسوريا كوطن، كهوية أولى، أو سوريا كبلد عربي كهوية ثانية، أو هوية الإمارة الإسلامية لسوريا، وهو ما تسعى إليه بعضُ القوى التي تقاتل على الأرض.

بتخصيص الحديث عن كُرد سوريا، نجد أنّ لأزمة الهوية بالنسبة لكرد سوريا أكثر من عامل، أوّل تلك العوامل؛ الانتماء لماضي الوطن الذي اقتطعته اتفاقية سايكس بيكو، وثانيها مواقف المعارضة السورية التي لم تكن مسوّغة في كلِّ محفل ، بل إنّ القسم الأعظم من الكرد كان يعدّ هذه التصريحات بمثابة طلبات من دول إقليمية، لتهميش قضيتهم كموقف الرئيس السابق للمجلس الوطني السوري برهان غليون الذي أوضح فيما بعد أن كلماته تلك تحمل معنىً آخر يفهمه هو وحده بشكل صحيح ، وكذلك موقف المرشد السابق للإخوان المسلمين محمد علي البيانوني، حيث أنكر غليون والبيانوني عبرهما أصالة الوجود الكردي في سوريا، وقللا نسبتهم السكانية بأقل من إحصائيات نظام الأسد نفسه، وهو الأمر الذي جعل الكرد في سوريا على خوف من الانتماء للهوية السورية كهوية أولى دون شروط بالإضافة إلى تصريحات شخصيات معارضة كثيرة ومنها أيضاً ردّ الشيخ معاذ الخطيب، رئيس الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية على رسالة رئيس المجلس الوطني الكردي في سوريا فيصل يوسف، وذلك حول طلب تغيير اسم الجمهورية العربية إلى الجمهورية السورية، إلى جانب المطالب الكردية الأكثر إلحاحاً، كالاعتراف بهم كثاني قومية في البلاد، مع الإقرار بخصوصيتهم، والتي أبلغ فيها الخطيب، فيصل يوسف عدم مقدرتهم على تلبيتها إلا بعد استفتاء دستوريّ وبرلمانيّ حرّ، متناسياً أنّ الدستور الذي يتكلم عنه الخطيب، ويحكم به الأسد الذي لا يعتبر كرد سوريا أصلاء في وطنهم، قد وضعه حزب البعث والذي يضم فيما يضمّ المادة 49 التي تحكم بالإعدام على جماعة الإخوان المسلمين، وهنا لا بد للكردي السوري أن يسأل: مسألة الاعتراف الدستوري به من قبل المعارضة لم تقرّ منذ بداية الثورة في سوريا، فكيف ستحقق لهم المعارضة أي مطلب آخر.

ولذلك يحلم كرد سوريا بكيان سياسي خاص بهم، وهذا سرّ الهوية الثانية لكرد سوريا التي تتلخص في الانتماء إلى كيان كردي سوري، دون معالم واضحة، سواء أكانت طبيعة هذا الكيان ضمن إدارة ذاتية، أم لامركزية سياسية، أم فيدرالية كما يرفع الشارع الكردي في سوريا مؤخّراً في مظاهراته.

هذا البعد وهذه الهوية بالنسبة لكرد سوريا جاءا ردّاً على تصريحات شخصيات سورية كبيرة في المعارضة تنفيهم من الخارطة، وتحولهم تارة لجاليات، وتارة أخرى لأقلية ضمن مناطقهم، فبدا كورد سوريا ضائعين بين أكثر من هوية، أوّلها الانتماء السوري الذي يتخوّفون منه، بسبب طابع المعارضة الذي يصرّ على الاقتداء بموروث "حزب البعث" ومن ضمنه الإصرار على صفة "العربية" على اسم "الجمهورية السورية"، وهو مالم يكن كذلك قبل مجيء البعث إلى السلطة، وما لا تتنازل عنه المعارضة السورية، وهو ما حدث خلال مؤتمر الإنقاذ في اسطنبول، إذ استبدلت اليافطة التي دوّن عليها اسم الجمهورية السورية باسم الجمهورية العربية السورية بعد ساعتين من الاجتماع.

الهوية الثالثة لكُرد سوريا، هي الهوية الكردستانية التي لا تبرح ذاكرتهم، كما أي كردي في أي أرض كردية خارج سوريا، و التي تقارن حيناً "بإسرائيل وكيان عدواني" يزعم الكرد إقامته على أرض احتضنتهم، ويقارن حيناً آخر بفلسطين التي تكللت أخيراً بصفة عضو مراقب في الأمم المتحدة، على اعتبارهم يمتلكون مقومات دولة على أرض تاريخية خذلتهم فيها كل الدول، وقسّمت أرضهم التاريخية بين أربع دول، لئلا يجتمعوا يوماً تحت اسم كردستان كدولة، وبعد كل تصريح، ينكمش كرد سوريا أكثر على بعدهم القومي، ممّا لاشك فيه أن إصرار المعارضة السورية على عدم احتواء كرد سوريا، سيزيد من انتمائهم لخصوصيتهم الكردية ككيان سياسي مستقلّ، ومن هويتهم الكردستانية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تونس: البدأ بترحيل مهاجرين أفارقة الى بلدانهم، فما القصة؟ |


.. هجوم إلكتروني على وزارة الدفاع البريطانية.. والصين في قفص ا




.. -سابك- تستضيف منتدى بواو الآسيوي لأول مرة في الرياض


.. السياحة ثروات كامنة وفرص هائلة #بزنس_مع_لبنى PLZ share




.. المعركة الأخيرة.. أين يذهب سكان رفح؟ | #على_الخريطة