الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


درس هيكل بعد انتهاء الحصة

أحمد سوكارنو عبد الحافظ

2013 / 1 / 11
مواضيع وابحاث سياسية


محمد حسنين هيكل يعتبر من أكبر رموز الصحافة المصرية ومن اكبر كتابها وهو يعتبر الصحفى المصرى بل العربى الوحيد الذى تنشر مقالاته فى كبريات الصحف العالمية خاصة فى المملكة البريطانية (مثل التايمز والصنداى تايمز والايكونوميست)، وهو الكاتب الوحيد الذى تنشر كتبه أدوار النشر العالمية (مثل دار كولينز الذى يعد أكبر دار نشر فى لندن). ولعل بعض كتبه نشرت بالانجليزية قبل ترجمتها إلى لغات أخرى (وثائق القاهرة عام 1971 وترجم إلى 21 لغة وخريف الغضب 1983 والذى ترجم إلى 30 لغة). وكلنا يتذكر حين ادخله السادات سجن طرة فى أواخر الثمانينيات هبت الصحافة العالمية للدفاع عنه والمطالبة بالإفراج عنه. ورغم أن هيكل أو الأستاذ (كما يطلق عليه تلاميذه) تولى وزارة الإعلام فى السبعينيات إلا أنه لم ينس أنه صحفى أو جورنالجى (كما يحلو له أن يصف مهنته). اللافت للنظر هو أنه فى آخر حوار له أجرته معه الصحفية اللامعة لميس الحديدى يوم الخميس 10 يناير على قناة سى بى سى قدم الأستاذ لنا درسا لن ينساه المشاهد اليقظ وكم كنا نتمنى لو جاء هذا الدرس منذ عدة شهور قبل بدء عمل الجمعية التأسيسية للدستور التى انتهت من عملها خلال شهور قليلة وتم إقرار الدستور فى استفتاء فى ديسمبر المنصرم لكن الدرس أتى بعد أن دقت الأجراس معلنة انتهاء الحصة وانصراف التلاميذ، كل إلى حال سبيله. والسؤال الذى يسنح فى الذهن: ما هو ذلك الدرس الذى أتى فى عير موعده؟

فى حوار هيكل مع لميس الحديدى وتحديدا فى الفقرة الأخيرة تطرق الكاتب الكبير إلى أمر مهم يتعلق بقانون الصحافة أو الإعلام المزمع إعداده ليقول إن رئاسة الجمهورية طالبت انضمامه للجنة المنوط بها إعداد هذا القانون وقام أعضاؤها بزيارته فى منزله حيث رحب بهم الأستاذ وعبر عن اعتذاره عن عدم الانضمام لهذه اللجنة لأنه أصبح طاعنا فى السن (الأستاذ من مواليد 1923م) ولم يعد قادرا على بذل الجهد وأنه يعتبر صاحب مصلحة بحكم انتمائه للمهنة التى يسعى القانون إلى تنظيم شئونها. ولو افترض –والكلام مازال للأستاذ— أنه شارك فى صياغة مشروع القانون الذى سوف يعرض على مجلس الشعب القادم فإن أعضاء المجلس سوف يمارسون حفهم المشروع فى مناقشة القانون فقرة فقرة وسوف يحذفون ويضيفون وبالتالى فإن المنتج النهائى ربما يأتى بأمور لا تتفق وقناعاته الشخصية والمهنية ولن يستطيع عندئذ أن يفعل شيئا سوى الصراخ والعويل، وهى وسائل لن تأنى بنتائج من شأنها تغيير الواقع. ببساطة هذا هو الدرس الذى نستخلصه من هذا الجزء الأخير من الحوار التلفزيونى.

لا شك أن هذا درس كنا نتمنى أن تعمل به وتستوعبه القوى السياسية التى شاركت فى الجمعية التأسيسية للدستور وكان ممثلوها لاعبين أساسيين فى المناقشات والمداولات واللجان النقاشية وحملت الأوراق توقيعات بعضهم. لقد وافقت هذه القوى السياسية والثورية على المشاركة وهم على علم تام بآلية اتخاذ القرار وهى الآلية التى تعتمد على التصويت وفى هذه الحالة فإن أغلبية أعضاء اللجنة من ذوى التوجهات الإسلامية سوف يفرضون إراداتهم ولن يستطيع الليبراليون فرض رؤيتهم حين يحدث خلاف حول مادة من المواد. وإذا نظرنا إلى الدستور الجديد الذى يحتوى على 236 مادة فإننا ندرك أن المواد الخلافية تأتى فى الجزء الأخير من مواد الدستور كالمادة 219 التى تفسر المادة الثانية. لعل الأعضاء من غير الإسلاميين اعتقدوا أن التوافق هو أساس عمل هذه اللجنة غير أنهم فشلوا فى انتزاع ضمانات لتحقيق هذا التوافق. وحين شعروا أنهم غير قادرين على عرقلة تمرير بعض المواد الخلافية سارعوا بالانسحاب. لقد حدث هذا بعض أن أضفوا نوعا من المشروعية والشرعية على عمل اللجنة. ولم يمض بضعة أيام على الانسحاب حتى انتهت الجمعية من عملها وقامت بتسليم مشروع الدستور للرئاسة فى الأول من ديسمبر.

ولعل كل ذلك يبين أن درس هيكل جاء بعد فوات الأوان أو ربما تعلم الأستاذ الدرس من تجربة تلاميذ الجمعية التأسيسية. وفى جميع الأحوال تعلمنا درسا من الأستاذ مفاده أن الإنسان يجب أن يتعلم ممن تجارب الحياة ولا يكرر أخطاء الماضى.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بعد الجامعات الأميركية.. عدوى التظاهرات تنتقل إلى باريس |#غر


.. لبنان وإسرائيل.. ورقة فرنسية للتهدئة |#غرفة_الأخبار




.. الجامعات التركية تنضم ا?لى الحراك الطلابي العالمي تضامنا مع


.. إسرائيل تستهدف منزلا سكنيا بمخيم البريج وسط قطاع غزة




.. غزة.. ماذا بعد؟ | جماعة أنصار الله تعلن أنها ستستهدف كل السف