الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


منزلقات الأصولية

سلامة كيلة

2005 / 3 / 23
الارهاب, الحرب والسلام


عملية إنتحارية في الحلّة أودت بأكثر من مائة مواطن عراقي. العملية جرت في مكان لا وجود لقوّات الإحتلال الأميركي فيه، و لا للجيش أو الشرطة. و لقد كان مغلقاً ليومٍ سبق العملية، لأنه سوق تجاري. لهذا خرج آلاف المواطنين بعد العملية في مظاهرة إتهمت الحكومة و قوّات الإحتلال بتدبيرها.
لكن المفاجأة كانت حينما أعلن في عمّان عن " إستشهادي " قام بالعملية بإسم تنظيم أبو مصعب الزرقاوي.
هذه الصورة باتت تتكرّر في العراق، ليبدو أن كل عمل إنتحاريّ يودي بمواطنين عراقيين هو من صنع " جهاديّ عربي "، خصوصاً بعدما أصبحت هذه العمليات تجري ضد الشيعة لكونهم شيعة فقط ، أي أنها تجري ليس ضد حزب أو جهة مرتبطة بقوّات الإحتلال، و في سياق ينطلق من أساس طائفيّ، و في " معركة " قديمة إستندت غالباً على فتوى إبن تيمية. بمعنى أن " الحرب " هنا تطال المواطنين و ليس قوّات الإحتلال، و تستند في الغالب إلى دافع طائفيّ، رغم أن عنوان المعركة هو مقاومة المحتلين. و تؤدي إلى فوضى تخيف المواطنين أنفسهم، و تمنعهم من التعبير عن إحتجاجاتهم و رفضهم الإحتلال.
و هذه الصورة تشي بما هو خطر، حيث يوضع الجهاديون العرب في إطار سياسة ( رغم أنها منافية للسياسة ) تعزّز منطق التدمير و التفكيك الطائفي و إرهاب المواطنين. و مَن يدقّق في طبيعة عمل المقاومة العراقية يلاحظ البعد عن المنحى الطائفي، و التركيز على قوّات الإحتلال. ليوضع " المجاهدون " العرب بالتالي في خدمة مشروع طائفي تدميريّ و ليس في سياق الحرب ضد الإحتلال، خصوصاً و أن الميل الطائفي العراقي مستبعد.
لماذا يؤدي كل هذا الحماس للموت إلى هذه النهاية؟
لا أتحدث عن " مؤامرة " رغم إحتمالية ذلك، لكن أشير إلى الوعي السياسية، أو الأدق اللاوعي السياسي، الذي يقود إلى غياب الوعي بطبيعة الصراع، و من ثَمّ الإنزلاق إلى نشاط يعاكس الهدف الأساسيّ. حيث أن تحويل طبيعة الحرب إلى حرب دينية يقود ليس إلى مقاومة الإحتلال، بل إلى فتح معركة طائفية تقود إلى التحالف مع الإحتلال كما كان الأمر في أفغانستان، تحت شعار " الإيمان ضد الإلحاد ". و بالتالي تضيع كل معالم الصراع، و يدمّر العراق ، و يحقّق الإحتلال أغراضه.
إن التعامل مع السياسة كفتاوى فقهية يعيد إنتاج الصراع القديم، الذي بات من الماضي و بات معيقاً للتطوّر، و مدمّراً. حيث على ضوء فتوى لإبن تيمية تخاض حرب راهنة، رغم أن كل المعطيات قد إختلفت، و أن المشكلات الراهنة تفترض رؤية جديدة. فالحرب ضد الدولة الأميركية لا ينبع من كونها مسيحية ( في بعيدة عن ذلك ) بل من كونها تنهب العالم و تسيطر على مصيره، و تحتل و تمنع الأمم من أن تتطوّر. لكن النظر الأصولي لا يرى سوى " مسيحيّتها " ، و على أساس ذلك تحالف معها في الحرب ضد " الإلحاد " السوفييتي ( و أكثر من ذلك ) تحت شعار تحالف الإيمان ضد الكفر.
إن تخلّف الوعي السياسي و سطوة الفتوى يقودان إلى عكس ما تريد المقاومة العراقية، و يشوّهان القتال ضد الإحتلال.
السياسة كفتاوى فقهية تقود إلى عكس السياسة. لهذا إذا كان من الضروري إخراج الدين من السياسة، فإن تنظيم المقاومة يحتاج إلى رؤية سياسية بإمتياز.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مبيعات سيارات تسلا الكهربائية في تراجع مستمر • فرانس 24


.. نتنياهو ينفي معلومات حول إنهاء الحرب قبل تحقيق أهدافها




.. رئيس أركان الجيش الإسرائيلي: نتمسك بتدمير البنية التحتية لحم


.. شركة تبغ متهمة بـ-التلاعب بالعلم- لجذب غير المدخنين




.. أخبار الصباح | طلب عاجل من ماكرون لنتنياهو.. وبايدن يبرر سوء