الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المجتمع الجزائري من العولمة إلى العلمانية

بوحزام نوال نعيمي مليكة

2013 / 1 / 11
العولمة وتطورات العالم المعاصر


لقد سعى المجتمع الجزائري كغيره من المجتمعات إلى التقدم والدخول في السياق الحداثي من أجل مواكبة العصر وبغية هذا جعله يصدم بظاهرة خطيرة أطلق عليها تسمية العولمة mondialisation أو كما يسميها البعض بـ"الأمركة"،فحسب المفكر الفرنسي "REGIS DEBRI" أن هذه الأخيرة أي العولمة ما هي إلا ذروة للحداثة والتي كما يراها المفكر المغربي "محمد عابد الجابري" أنها نظام عالمي أو يراد لها أن تكون كذلك تشمل مجال المال والتسويق والمبادلات والاتصال كما تشمل أيضا مجال السياسية والفكر والإيديولوجيا،والتي تهدف إلى نشر إلى نشر الديمقراطية وحقوق الإنسان والحرية بين الجنسين بحجة الانفتاح على العالم الخارجي.والتي من إفرازاتها تقليص دور الثقافات وجعلها ثقافة كونية واحدة من خلال جملة من القيم والمعايير الجديدة التي تعطي الأولوية للعقل البشري والعقلانية التكنولوجية فتعمل بالضرورة على إقصاء السلطة الدينية.
إن المتتبع للمبادئ التي تطرحها العولمة يقر بحتمية وجودية بعض مظاهر العلمانية ليس بمفهومها الشائع الذي يعني فصل الديني عن السياسي،بل من خلال رفض أي سلطات من الدين التدخل في حياة الفرد أي أن الدين ينتهي بمجرد خروج الفرد من مكان العبادة.إذا ما أردنا قياس العلمانية على المجتمع الجزائري باعتباره مجتمع مسلم لوجدنا من الصعب تحقيق ذلك لأنه يتبنى الإسلام بمثابة دستور أي دين دنيا ودولة،هذا الالتحام إنما تجلى منذ عهد النبي عليه الصلاة والسلام والخلفاء من بعده إلى يومنا هذا.وبهذا يمكننا القول أن المشروع العلماني داخل المنظومة السياسية للمجتمع الجزائري لم يتخذ كخيار ولم يسعى حتى في تطبيقه،لكن إذا ما رجعنا إلى الفضاء الاجتماعي للمسنا أن الفرد الجزائري من خلال بعض الممارسات الاجتماعية عبر حياته اليومية بعض مؤشرات العلمنة وكبرهنة على ذلك سوف نتطرق إلى مجموعة من الوقائع والسلوكات التي تظهر عند الفرد،ونجدها على عدة مستويات بما في ذلك المستوى الإقتصادي،والاجتماعي الأخلاقي،وأيضا الثقافي.
_ المستوى الإقتصادي: إن ضعف المستوى المادي للفرد والأسرة الجزائرية وانتشار البطالة تعد من أهم المحفزات التي دفعت بالفاعل الاجتماعي إلى التعامل مع بعض المحرمات الدينية كالربا وهذا من خلال التعامل مع البنوك سواء CNEP فبمجرد فتح حساب في هذا البنك نجد زيادة ورفع من قيمة المبلغ الذي قام الفرد بوضعه كذلك L ANSEJ عن طريق تبني مبدأ العلاقة الارتباطية بين مدة التسديد والمبلغ المستحق،فبالرغم من وعي الفاعل بتحريم هذا الأمر من خلال جملة من النصوص والآيات القرآنية وهذا من خلال قوله تعالى:"وأحل الله البيع وحرّم الربا" إلا أنه يمارسها بكل بساطة،كما نلاحظ ظاهرة الرشوة بصورة جلية جدا في المجتمع الجزائري حيث أنها طغت على العديد من المؤسسات والقطاعات،حيث تم إخراجها من دائرة المحرمات والتقديس من خلال قوله صلى الله عليه وسلم:"لعن الله الراشي والمرتشي" وإدخالها في المجال الدنيوي بترميزها بمصطلحات كالقهوة والهدية وذلك لتبرير أفعالهم.
_ المستوى الاجتماعي والأخلاقي:يتمظهر هذا المستوى في فشو العلاقات العاطفية والاختلاط بين الجنسين والحرية الجنسية التي ارتبطت بفتح المجال أمام المثليين،وعلى المستوى الأخلاقي التربوي نجد الغش في الامتحانات،فالظاهرة الأولى تعد من أبرز إفرازات العولمة خاصة في بعدها المعلوماتي،فتكنولوجيا الاتصال قد ساهمت في انتشارها بما في ذلك الهاتف النقال وشبكة الأنترنت أضف إلى ذلك الأفلام،فمن الناحية الدينية يعتبر هذا النوع من العلاقات الذي يجمع بين الرجل والمرأة خارج إطار الزواج حسب الفقهاء والمفسرين هو من المحرمات ولكن بالرغم من معرفة الشباب لهذه المحرمات نجد إقبال وممارسة لهذا الفعل بجرأة وهذا في حد ذاته تجسيد للعلمانية،وإذا انتقلنا إلى البعد الأخلاقي التربوي نرى ظاهرة الغش من مظاهر العلمانية فمع إقرار النبي عليه الصلاة والسلام ونهيه عن ذلك في قوله:"من غشنا فليس منا" إلا أننا نلاحظ حضور هذا الفعل في مختلف المؤسسات التربوية وبهذا يعمل على إقصاء سلطة النص الديني المؤسس.
_ المستوى الثقافي:يعتبر الإقبال على الملاهي الليلية وما يرتبط به من ظاهرة شرب الخمر من أهم ميزات تطبيق وتفشي العلمانية في مجمعنا الجزائري،مع التذكير وجود عدة نصوص دينية تثبت تحريمها ففي قوله تعال:"إنما الخمر والميسر والأصنام...رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه" "ولا تقربوا الصلاة وانتم سكارى" هنا نجد إقرار واضح بتحريم الخمر لكننا نلاحظ ان الفاعل يعمل هنا على الفصل بين الحكم الديني وسلوكاته وممارساته الاجتماعية اليومية وكأنما يتجسد في مجتمعنا مقولة "ما لقيصر لقيصر وما لله لله" والتي نجدها تتقارب إلى حد ما مع المثل الشعبي القائل "شوية لربي وشوية لقلبي" فهنا نجد أن الفرد يعمل على تقسيم الحياة الاجتماعية إلى دينية ودنيوية فالأولى تخص تأدية العبادات والشعائر،أما الثانية فبالرغم أن الإسلام مصدر وأساس ونظام حياتنا إلا أن الفاعل في حين ممارسته لفعل ما نجده يفصل ويقصي الأحكام والنصوص المقدسة،وإذا رجعنا إلى ثان مظهر من كظاهر العلمانية في بعدها الثقافي نجد بعض الاحتفالات والطقوس غير الإسلامية فهي دخيلة على مجتمعنا وهذا نتيجة عمليات التثاقف والتزاوج بين الثقافات الذي هو من أهم شعارات العولمة كالاحتفال برأس السنة الميلادية والإحتفال بعيد القديس فالنتين فمع العلم بتعدد الخطابات الدينية التي تنص على عدم ممارسة هذا الاحتفالات (خالفوا اليهود والنصارى) نشهد في الآونة الأخيرة طغيان مظاهر الاحتفال وهذا إنما يعود إلى اضمحلال ثقافتنا واستبدالها بثقافة غربية علمانية والتي أدت بدورها إلى تراجع السلطة الدينية وبالتالي خلفت لدينا ارتباك على مستوى الهوية الدينية الإسلامية.
وفي الأخير إذا ما تتبعنا هذه المظاهر التي سبق ذكرها لخلصنا أن المجتمع الجزائري يتجه بصورة حتمية نحو العلمانية الخالصة خاصة في بعدها الاجتماعي مع التقيد وإصرار الفاعل الاجتماعي بالمحافظة على القيم الإسلامية وعدم التصريح بعلمانية ممارساته وهذا كنتيجة لمبادئ والفلسفة التي حملتها العولمة في جل خطاباتها كالفلسفة الليبرالية والبراغماتية والفردانية التي تبيح للفاعل ممارسته دون تفيد أو سلطة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - d
fg ( 2013 / 1 / 12 - 09:30 )
تحية الاختان نعيمة و مليكة

الواقع ان هذا الامر سيتم اذا لم تتسلط عليه يد الظلام لتعيده الى حضيرة الماشية مرة اخرى ، فالجزائر عرفت نفس الظواهر بعد الاستقلال لكن سماح الدولة لدخول الأظلام للمدارس والجامعات ادى الى ردة حضارية قضت على كل الميزات التي استفدنا منها من فرنسا الاستعمارية

لو نظرنا للهجمة التي تمت على التسامح الذي يبديه الجزائريون بالاحتفال بأعياد الميلاد ، لادركنا ان هذا الامر مرجح ان لا يدوم ، فالظلام في الجزائر يعمل بكد على سحق اي بادرة حداثة او تسامح او عقلانية في الشعب

في انتظار مواضع اخرى

اخر الافلام

.. اطفال الشطرة يرسمون لغزة


.. غانتس يهدد بانسحاب حزبه من حكومة الائتلاف ما لم يصادق نتانيا




.. مراسلتنا: استهداف موقع الرمثا الإسرائيلي في مزارع شبعا |#الظ


.. السعودية تشترط مسارا واضحا نحو إقامة دولة فلسطينية مقابل الت




.. الجيش الإسرائيلي يواصل تصعيده ضد محافظات رفح والوسطى وغزة وا