الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


إصلاح لأنظمة التقاعد أم تكالب آخر على حقوق العمال وعموم المأجورين؟

كريم اعا

2013 / 1 / 11
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي


المتتبع لمسارات الحكومات المتتالية على تسيير الشأن العام المغربي لابد وأن يقف على ملاحظة أساسية، وهي كالتالي: كلما اشتد الخناق على مسيري هذه الحكومات من قبل الحركة الشعبية الطامحة إلى العيش بكرامة، ومن قبل حفنة الرأسماليين الذين وضعوا هؤلاء في دفة الحكم، إلا وظهر للعيان أي طبقة تخدم هذه الحكومات، وأية مصالح تذوذ عنها. إنها باختصار مصالح ملاكي رأسمال والأراضي.
ولعل قضية ما يسمى بإصلاح صندوق المقاصة، أو قضية الإصلاح المزعوم لأنظمة التقاعد خير دليل على ذلك.
في القضية الأولى يتضح بجلاء مدى ميكيافيلية الحاكمين ولجوئهم إلى أساليب التضليل قصد إتمام مسلسل التراجع النهائي عن دعم الدولة الطبقية للقطاعات الاجتماعية وضرب ما تبقى من تدخل لها في دعم الكادحين والفقراء حفاضا على سلم اجتماعي مزعوم. فتحت يافطة توجيه الدعم لمن يستحقه، يحاول الحاكمون شرعنة ضرب القدرة الشرائية للمواطنين البسطاء ورميهم لماكينة "حرية الأسعار" الجهنمية. فإذا اتفقنا أن هؤلاء الأغنياء يستفيدون من الدعم على غرار الفقراء، فهذا حق يفرضه انتماؤهم لوطن واحد، وإذا كانت غيرة الحكومة على الفقراء والبسطاء فما عليها سوى فرض ضريبة على الثروة تسترجع به ما يستفيد منه هؤلاء من صندوق المقاصة، بدل الكذب على الذقون والقول أن هذا الإجراء إقرار للحق والمساواة.
لن أنسى البتة ما كنا ضحيته ونحن طلاب بالجامعة. فتحت ذريعة تقديم المنحة لأبناء الأسر الفقيرة والمحتاجة، وحرمان أبناء الميسورين منها، تم ضرب حق المنحة للجميع، وتم تكريس واقع مرير لازال الطلبة يؤدون ثمنه اليوم. وصرنا نسمع عن أبناء الأعيان والميسورين الممنوحين، مقابل حرمان أبناء الكادحين من هذا الحق، وخصوصا مناضلي الحركة التلاميذية منهم.
إنه فخ جديد، يتخذ لبوس التقية والورع، ولا شك ستتعبأ كل أجهزة الدولة التنظيمية والإعلامية لشرعنة هذا التراجع. ولنا في برنامج التغطية الصحية للفقراء خير دليل.
إنهم يزرعون الوهم حتى لا تحمل الجماهير الشعار الصحيح وهو استرداد الأموال المنهوبة ومحاكمة ناهبي المال العام، والقطع مع سياسة البدخ والثراء الفاحش، في أفق القضاء على الاستغلال والاضطهاد.
أما الإصلاح المزعوم لأنظمة التقاعد، فنظرة صغيرة على مآل ذلك بماما فرنسا يجعلنا نفهم ما ينتظر العمال وعموم المأجورين.
إنهم يطرحون سيناريوهات متعددة تصب كلها في ضرب حقوق الشغيلة، والأكيد أنها ستجد جميعها طريقها للتنفيذ واحدة تلو الأخرى.
سيرفعون سن التقاعد ليصل 65 سنة، ثم سيقولون أن السكتة القلبية لم تتجاوز، ليأتي بعدها رفع قيمة الاقتطاعات من الأجرة لفائدة صناديق التقاعد ، وصولا إلى خفض قيمة المعاش. وفي الأخير سيعرضون أرصدة المعاش في البورصة للمضاربة، وسيفتحون المجال لمصاصي دمائنا للمتاجرة بها وتكديس الثروات على حسابنا.
فرنسا جربت رفع سن التقاعد، وهاهي تقول أنه إجراء لم يحمل حلا سحريا. فهل نكون نحن أفضل حالا من ماما فرنسا التي تفتخر بشفافية تدبيرها المالي؟
إنها خيارات الرأسماليين للحفاظ عل امتيازاتهم ودفع المضطهدين والمستغلين لتأدية فاتورة أزمة النظام القائم.
بعد إنهاء مسلسل الخوصصة الذي مررته "حكومة التناوب"، يأتي الدور على "الحكومة الملتحية" لتقر آخر التراجعات وتقدم لأسيادها خدمة جليلة لم يكونوا ليحلموا بها. ولا عجب في ذلك فهم جزء من نظام تختلف أدوار فاعليه وتتوحد نتيجتهم: التمتع بخيرات الوطن على حساب خالقي الثروة الحقيقيين.
لقد تمكن النظام من تجريد الجماهير من آليات المقاومة، واستطاع تكسير الثقة في الفعل النضالي الجماهيري وفي مشروع التغيير الثوري. وهو بذلك كسب جولة في صراعه مع العمال وعموم الأجراء والكادحين، ولا شك سيذهب بعيدا في هجوماته المعلنة وغير المعلنة.
إن شعبا أنجب الشهداء وقدم ولازال يقدم المعتقلين سيتجاوز حالة التفرقة التي يعيشها وسينتج، وفي مقدمته مناضلاته ومناضليه النوعيين، البديل الثوري الذي سيحمل بلدنا لمستقبل يغيب فيه الاستغلال والاضظهاد، وتحترم فيه كرامة الإنسان وتتفتق عبقريته.
لن تنفعنا المهاترات ولا الملاسنات، بل الفعل الواعي والفعل الواعي والفعل الواعي.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - يا شغيلة اليد والفكر وكومونيوا العالم اتحدوا
فؤاد محمد محمود ( 2013 / 1 / 12 - 15:10 )
الرفيق كريم
فاليعيش الفعل الواعي
اعانقكم

اخر الافلام

.. البرازيل.. سنوات الرصاص • فرانس 24 / FRANCE 24


.. قصف إسرائيلي عنيف على -تل السلطان- و-تل الزهور- في رفح




.. هل يتحول غرب أفريقيا إلى ساحة صراع بين روسيا والغرب؟.. أندري


.. رفح تستعد لاجتياح إسرائيلي.. -الورقة الأخيرة- ومفترق طرق حرب




.. الجيش الإسرائيلي: طائراتنا قصفت مباني عسكرية لحزب الله في عي