الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


اقتل أولاً ثم ادفع لاحقا -2500 دولار ثمنك يا عراقي

كهلان القيسي

2005 / 3 / 23
حقوق الانسان


اقتل أولاً ثم ادفع لاحقا -2500 دولار ثمنك يا عراقي
Awadh al-Taee and Steve Negus
الفايننشل تايمز البريطانية
ترجمة كهلان القيسي

دوت اطلاقتان من سلاح رشاش في شارع مزدحم في غرب بغداد تردد صداهما من خلال جدرانِ السفارةِ الأسترالية وإحدى فنادقِ المدينةِ الرئيسيةِ.

بعد ثواني قليلة مرت قافلة مسرعة مبتعدة عن المكان مكونة من ثلاثة عربات تَعُودُ إلى شركة أمنِ خاصّةِ، تقل أجانب يَعْملُون في الانتخابات العراقية.

على جانب من الشارع كانت هناك سيارة مدنية اخترق الرصاص سقفها وزجاجها الأمامي, وسائقها ملقى على بعد خمسة أمتار منها مصاب في بطنه وجنبيه كان يلفظ أنفاسه الأخيرة وعلمنا انه توفي في المستشفى في نفس اليوم. السائق الآخر، الذي كَانَ يَقُودُ السيارةِ مَع أطفالِه، وَقفَ مذهولاً في الشارعِ، بعد أن أصابت رأسهَ رصاصة إصابة طفيفة

مشاهد مثل هذه، التي شوهدت َ مِن قِبل مراسلِ الفايننشل تايمز عودة الطائي في يناير/كانون الثاني 23، تتكرّرُ نفسها مراراً وتكراراً في العراق. في حيِّ الكرادة البغدادي فقط و طبقاً للشرطةِ المحليّةِ، تجري حادثةَ قتل واحدة في الأسبوع على الأقل مِن قِبل أمّا شركات الأمنِ الخاصّةِ أَو الجيشِ الأمريكي.

تحت التهديدِ المستمر مِنْ المهاجمين الانتحاريين الذين يَقُودونَ سياراتَ مُجَهَّزةَ بمادّة متفجّرةَ، فان جنود الإتلاف والمقاولين يتبعون (قواعدَ منطقةِ القتل) لحِماية أنفسهم: يُحذّرونُ السواقُ الذين يَقتربونَ منهم، لكن إذا لم ينفع ذلك يطلقون الرصاص مباشرة. ، ونتيجة الإجراءاتِ المتبعة لحِماية هويّاتِ هؤلاء ألقتله الذي قَدْ يُقود التعرف عليهمُ للانتقام منهم فان غوائل الضحايا لا تْعرفَ ما الذي حَدثَ، ناهيك عن عدم خضوع هؤلاء القتلة للعدالة العراقية أو غيرها. الحل في هذه الحالةِ هو بعد مفاوضاتِ مع شركةِ الأمنَ تؤدي إلى إرضاء عائلة الضحيّةَ في النهاية. هذا إذا استطاعت عائلة الضحية الوصول إلى الجاني.



بينما أعداد كبيرة من حياةِ العراقيين تزهق كُلّ شهر بهذه الطريقة، لكن أن يقتل غربي بهذه الطريقة فهذا أمر مختلف. وهذا مثال للعالمِ لمُلاحظةِ الحقيقةِ الوحشيةِ في شوارعِ بغداد. في 4مارس/آذار، إطلاق النار على عنصر الاستخبارات الإيطاليِ نيقولا Calipari، الذي كان برفقة الصحفية الإيطالية التي أطلق سراحها، قد أثار عاصفة من الاستنكار العالمي والتي جعلت القادةِ الأمريكيينِ يعيدون التفكير في شروط الحماية والأمان لأفرادهم في العراق. أما قضية Calipari الذي قُتِلَته القوات الأمريكيةِ، فما زالَتْ ظروفَ غامضة و مُتَنازَع عليهاَ.

الضحيّة الغير مسلّح الذي قتل في 23 يناير/كانون الثّاني هو عبد الناصر عباس الدليمى عمره 29. أعزب، يعملَ في محطةِ الكهرباء عبر النهرِ لمساعدة أمِّه، وأختاه، واثنين مِنْ أطفالِ أَخِّيه الأكبر سنّاً الذي فقد في حربِ الكويت عام1991. وحسب ما أفادت به الشرطة فهو عندما تم إطلاق النار عليه كان يبحث عن بانزين لسيارته -، لان أكثر العراقيين مجبرون لشِراء البانزين في السوق السوداء بسبب نَقْص الحاد في المضخاتِ. وهم لم يَجدوا أي أسلحةِ يحملها في جسمِه، ولا في سيارتِه.

في مثل هذه الحوادثِ، فان الضحايا ليس عندهم حقوق قانونية ضد الجاني. طبقاً للأمر رقم 17، الذي شرّعَ مِن قِبل سلطة الائتلاف الأمريكية بعد فترة قليلة من الاحتلال، لذا فان أفراد الجيش والأكثر من ذلك المقاولين والمرتزقة الذين يَعْملون في العراق لا يُمْكن أنْ يخضعوا لقانون المحاكمِ العراقيةِ.

في بعض الأحيان الجيش الأمريكي وشركات الأمنَ يقومون بدفع تعويضَ بشكل شخصي، والذي يَعتبرُه بعض مسئولي وزارةِ داخلية العراقية قانونا يشكل إهانة وطنية. على أية حال، قَدْ يدفع إلغاء هذا القانون( 17) بعض المقاولين والمنظماتَ الأجنبيةَ القليلة الذين مازالوا يَعْملون في العراق للانسحاب.

إن قيمة العراقي تساوي صفرِ: العراقيون أَو الأجانب، لهم الحقَّ في الأمنِ الشخصيِ مكفولا بالقانونِ، وفي الوقت الحاضر السلطات قرّرتْ بأنّه يَجِبُ أَنْ يكُونَ الأجانب فقط هم من يتمتع بهذا الحق.

بعد عمل بَعْض التحقيقاتِ التي تَلت إطلاق النار 23 في يناير/كانون الثّاني، قامت شركة الأمن المتورطة في الحادث بالاتصال بصحيفة الفايننشل تايمز وطلب مدير هذه الشركة واسمه المستعار “جون" والذي طلب عدم ذكر اسمه لان ذلك يعرضه إلى خطر حقيقي من الانتقام.

في باديء الأمر جون لم يكن مدركَ بأنّ السّيدِ الدليمي كَانَ قَدْ ضُرِبَ، ولَمْ يُصدقْ بأنّ شركتَه أطلقتْ أيّ اطلاقات التي يُمْكِنُ أَنْ تَقْتلَه. وقال في رسالة بالبريد الالكتروني " إن العربة التي أُطلقتْ عليها النار "شَقّتْ طريقها بالقوة من بين السيارات للإقتِراب مِنْ قافلتِنا بسرعةِ، "

وقالَ جون ان قافلة سياراتهم حاولتَ تَفادي سيارة الضحية مِنْ خلال تحذيرها بالأضوية المتوهّجةِ وبالإشاراتَ اليدوية، ثمّ رَمى قنينة ماءِ وإطلاق شعلة ضوئية، ثمّ أطلاقَ النار على المحرّكِ وعلى الجانبِ الفارغِ للسيارةِ لتَعطيلها ثم رأى رجال أمنه إن السيارة توقفت، و خروج سائقِ منها ، قَبْلَ أَنْ يستدروا حول الزاوية وتَركوا موقع الحادث و سَمعوا إطلاق نار آخرَ، لكن لا يُريدُ التَخمين حول ما الذي حَدثَ.

عائلة السّيدِ الدليمي إعتقدتْ في باديء الأمر بأنّ الحرّاسَ المسلحين في البناياتِ المُحَصَّنةِ على طول الشارعِ، مثل الجنود الإستراليينِ في السفارةِ القريبةِ، هم من أطلقَ الطلقةَ القاتلة التي مزّقتَ معدتِه. (الجيش الإسترالي قال بأنّه لَمْ يُشتَركْ في حادثةِ إطلاق النار في 23 يناير/كانون الثاني). لَكنَّهم أفادوا في النهاية بأنّ القافلةَ يَجِبُ أَنْ تَتحمّلَ المسؤولية لإطلاق النار.

مثل نظرائِها في العراق، شركةُ جون لديها وسيطِ، تم الاتّصالَ به خلال الشرطةِ المحليّةِ، لكي يَسْتَطيع التَفَاوُض مَع عوائل الضحايا في مثل هذه الحوادثِ. على أية حال، مر أسبوعان تقريباً بعد إطلاق النار، لا عائلةَ السّيدِ الدليمي ولا السيد مازن حكمت فائق ، السائق الثاني الذي ضُرِبَ، يَستطيعُون أَنْ يُحدّدُوا مكان ذلك الوسيطِ. لكنهم حَصلوا على حروف فقط من اسم شركةِ جون، لكن اخبروهم بأنه بأنّه يعمل خارج المنطقةِ الدوليةِ المُحَصَّنةِ في مركزِ بغداد، والتي هي من المستحيل وصول كُلّ العراقيون اليها.



بناء على طلب كل الأطراف، ساعدت الصحيفة عائلةَ السّيدِ الدليمي وشركة الأمنَ بِاتصال مَع بعضهم البعض. في هذه الحالاتِ، كمية التعويضِ تعتمد على كل حالة على حده. إنّ الجيشِ الأمريكيِ يدفع مبلغ مقطوع وهو 2,500$ دولار أمريكي- أي ما يساوي راتب يومين لرجل أمن غربي، أَو راتب سنتانِ لموظف حكومي عراقي متوسط الدخل. العديد مِنْ شركاتِ الأمنِ (لَيستْ بالضرورة شركة جون) تَستعملُ هذه القاعدة. وسخر باشمئزاز شرطي عراقي في الكرادة بالقول “هذا سعرُ المواطنِ عراقيِ، ؟؟؟


في الحقيقة ,إن " الفصل "- ديّة قتيل - تُدْفَعُ في أغلب الأحيان عندما يَقْتلُ عراقي عراقياً، خصوصاً في المناطق الريفية . ممثلو قبيلةِ الضحيّةَ يَجْلسونَ مَع قبيلة القاتل ويُناقشونَ بَينَهم كمية التعويضِ. في هذه النزاعاتِ، فان ال 2,500$ سَيَكُونُ دفع مقبول جداً بين العراقيين أنفسهم.

على أية حال، بينما يحتكم العراقيون أنفسهم إلى النظامِ العشائريِ للتحكيمِ في غيابِ نظام قضائي فعال، لكن عندما يكونُ الأجانب طرفا في العمليةَ فأنها تُصبحَ إهانة فعلية فبينما جلسات التحكيمِ العشائريةِ تجرى في أغلب الأحيان في خِيَمِ من الطرازِ البدوي بكُلّ البهاء وأعراف المجتمعِ العراقيِ التقليديِ. لكن محاولة احد من عائلة ضحية عراقية قتلت مِن قِبل أجنبي لكي يكتشفوا من القاتل ولكي يطالبوا بالتعويض يتوجب عليهم الوقوف بمهانة لساعاتَ خلف السلك الشائكِ للقواعدِ العسكرية ومراكزِ شرطة، وعليهم تحمّلُ الإستجواب

، "قالَ قريب السّيدَ المَميتَ الدليمي بشكل ساخر "ألفين خمسمائة دولار. "خمسة وعشرون مليون لا تدْفعَ ثمن شعرةَ في رأسهِ. أنا لدي تجربةُ في القتال، وأصدقائي عَرضوا المُحَارَبَة مَعي. إن شاء الله، نحن سَنَعْملُ مثال منهم."








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حملة اعتقالات إسرائيلية خلال اقتحام بلدة برقة شمال غربي نابل


.. بريطانيا.. تفاصيل خطة حكومة سوناك للتخلص من أزمة المهاجرين




.. مبادرة شبابية لتخفيف الحر على النازحين في الشمال السوري


.. رغم النزوح والا?عاقة.. فلسطيني في غزة يعلم الأطفال النازحين




.. ألمانيا.. تشديد في سياسة الهجرة وإجراءات لتنفير المهاجرين!