الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


غضب الطبيعة والاحتلال الاسرائيلي

عتريس المدح

2013 / 1 / 12
القضية الفلسطينية


في الايام الماضية وخاصة منذ يوم الثلاثاء الماضي الموافق 8/01/2013 ضرب شرقي المتوسط منخفض جوي عميق أشبه ما يكون بعاصفة شتوية زادت سرعة الرياح فيها عن 80كم /الساعة اضافة الى المطر الغزير الذي أدى الى فياضات وسيول جارفة لم تشهد مثلها منطقة فلسطين مثيلا منذ فترة طويلة لاتقل عن 25 سنة ، وما نجم عن هذا الوضع كان كارثة بكل ما للكلمة من معنى.
قد يكون الامر طبيعيا، لو كان هذا قد حصل في بلاد أخرى، وقد يكون طبيعيا لوحصل هذا حتى في فلسطين لو أن السلطة الفلسطينية هي التي تمسك بزمام الامور، لكن ذلك لم يكن طبيعيا، فما هو غير الطبيعي بذلك.
لامهد لكم الامر على النحو التالي، اتفاق أوسلو أفرز سيطرة امنية وادارية مقسمة على النحو التالي، قسم الاراضي المحتلة الى أقسام A,B,C,E, E1… تدير السلطة الفلسطينية بموجبه أمور السكان امنيا و أداريا في منطقة A رغم أن لاسرائيل بموجب اتفاق أوسلو الحق في الدخول الى هذه المناطق تحت أي ذريعة مهما كانت واهية، وتتقاسم السلطة مع الاحتلال الاسرائيلي المسؤولية الادارية والامنية في مناطق B وفق بروتوكول خاص يوزع المسؤوليات الادارية والامنية حيث يكون لاسرائيل نصيب الاسد في الملاحقة الامنية في هذه المنطقة، أما مناطق C فهي تخضع بكافة جوانبها الامنية والادارية لسلطات الاحتلال الاسرائيلي، هكذا تحكم وتدار مناطق السلطة الفلسطينية، فما علاقة ذلك بغضب الطبيعة والمنخفض الجوي والعاصفة المطرية وهبوب الرياح، أريد أن اورد لكم بعض المشاهد التي نجمت عن هذا الوضع.
المشهد ألاول من مدينة قلقيلية والتي يحيط بها جدار الفصل العنصري (جدار خرساني بارتفاع يزيد عن خمسة أمتار بمعظمه وبالذات في المناطق المكتظة بالسكان، بينما يكون الجدار من سلك شائك لنفس الارتفاع تقريبا في المنطق البعيدة عن السكان الفلسطينيين، والجدار بكافة أنواعة مزود بكل ماوصلت اليه التكنولوجيا الخاصة بالجوانب الامنية) ، المقام على أراضي المواطنين الفلسطينيين ويحيط هذا الجدار بمدينة قلقيلية من كافة الجهات ولا يترك لاهالي هذه المدينة سوى عنق زجاجة عبارة عن ممر ضيق ، شارع رئيسي يستعمله الناس للسفر الى المدن الفلسطينية الاخرى،وتقع الاراضي السهلية المنخفضة للمدينة داخل الجدار من الجهة الغربية حيث الجدار الاسمنتي الذي عمل مثل سد مائي حبس مياه الامطار داخله لدرجة تحولت منطقة بأكملها يسكنها ما يزيد على الخمسة آلاف من الفلسطينيين الى بحيرة غرقت البيوت فيها وارتفع منسوب المياه داخلها الى أكثر من متر.
المشهد الثاني في الجنوب الشرقي لمنطقة طولكرم مباشرة يقع حاجز عسكري اسرائيلي يتحكم بكامل المنطقة وبحركة المواطنين الداخلين والخارجين من منطقة طولكرم الى القرى المنتشرة بالمنطقة ( قرى الكفريات : قرية كفر سور ، وقرية الراس ، وخربة جبارة وقرى كفر جمال وكفر زيباد وكفرعبوش وجيوس ) والى مدينة قلقيلية، ويحاذي هذا الحاجز العسكري واد اسمه وادي التين تتجمع المياه المنحدرة من سفوح الجبال المنتشرة في المنطقة في مجراه لتحملها الى داخل ألاراضي المحتلة لعام 1948 أي الى اسرائيل، ويتقاطع قرب الحاجز طريقان على شكل صليب، لكن أحدهما يمر على المنسوب العالي ليخدم المستوطنين الاسرائيليين الذي سرقوا جزءا من أراضي القرى المحيطة و أقاموا عليها مستوطنات لاقيمة زراعية أو صناعية لها، وممنوع على الفلسطينيين استخدام هذا الطريق لدرجة أن اهالي قرى مثل قرية سفارين وقرية بيت ليد يستخدموا طريقا آخر يكلف من الوقت زمن نصف ساعة بدلا من ثمان دقائق باستخدام هذا الطريق، والطريق الاخر المتقاطع مع شارع المستوطنين ينخفض تحت هذا الشارع من خلال عبارة مياه بعمق خمسة أمتار تقريبا ويحاذي بمنسوبه واد التين، سوء الطالع أوقع بعض المواطنين الفلسطينيين القادمين من والى مدينة طولكرم في داخل حصار من المياه التي ارتفع على الطريق السفلي الى ما فوق الشارع بارتفاع متر عبر سيل هادر وعاتي من المياه المتدفقة والتي حاصرت سيارات المواطنين الفلسطينيين، لدرجة أن أحد الشبان الفلسطينيين وهو محامي ويبلغ من العمر 28 وعشرون ربيعا وحين حاول الخروج من سيارته جرفته المياه ولم يعثر على جثته الا بعد يومين وعلى بعد 150مترا من المكان، أما باقي الناس الذين اعتصموا فوق ظهور سياراتهم فقد بقوا محجوزين لمدة ست ساعات حتى جائت آلية اسرائيلية و أخرجتهم من المكان، بينما عجز الدفاع الوطني الفلسطيني والذي كان على الجانب الاخر من الوصل اليهم.
المشهد الثالث، فتاتات تعملان بشركة تأمين لقيتا مصرعها غرقا قرب حاجز عسكري اسرائيلي آخر وعلى بعد أمتار منه في شرق بلدة عنبتا المحاذية لطولكرم حيث يحاذي هذا الحاجز واد آخر اسمه وادي الشعير كما ويقال له وادي الزومر، احدى هاتان الفتاتان كانت آخر كلماتها عبر الموبايل تصرخ وتستنجد بوالدها الذي يبعد أكثر من خمسة عشر كيلو متر عنها ليأتي لانقاذها ( لا أدري ان كان سيستطيع والدها النوم بعد ذلك، أو ان كان سينسى صوتها المدوي في اذنيه) ، وجدت جثة احدى هذه الفتيات على بعد خمسة كيلو مترات من المكان والاخرى ابعد من ذلك بقليل.
لم يصب في هذه الاثناء أي من المستوطنين، ولم تغرق لهم سيارة واحدة
أفيدكم بأن المناطق بين المدن الفلسطينية خاضعة خضوعا كاملا لسيطرة الاحتلال الاسرائيلي، ولا يسمح للفلسطينيين القيام بأية أعمال صيانة للطرق المهترئة فيها كما لايسمح لهم العمل على تنظيف الوديان من العوائق التي تسد طريق المياه ، ولا يسمح للفلسطينيين اقامة أية مشاريع في هذه المناطق الا بعد التنسيق مع الاحتلال الاسرائيلي والذي غالبا لايستجيب الى أي طلب سوى لطلبات اقامة محطات تنقية المياه (تدفع تكاليفها أوروبا) على هذه الوديان والتي بنتائجها لا تخدم سوى دولة اسرائيل حيث تصب هذه الوديان داخل ألاارضي المحتلة لعام 1948.
يا ترى من المسؤول عن هذا كله، هل هو أوسلو أم الاحتلال الاسرائيلي الذي جمد أوسلو و أعاق تقدم المفاوضات أم قصور السلطة الفلسطينية أم من؟
لربما تستطيعون الاجابة لوحدكم ، أتذكر في هذه الايام قولا لاحد الرفاق من أيام الكلية في العام 1977 الذي كان يحاول أن يكتب شعرا أو لربما نثرا
حيث قال
جلست أنا والرب على قارعة الطريق
نحتسي القهوة
مرت بنا دورية ( الدورية هي سيارة عسكرية اسرائيلية)
صرخ الجنود
ارفعوا ايديكم
أسرعت برفع يدي
أما الرب فقد انطلق الى محرر دير ياسين رجل الدين
طرده الحراس
صاح أنا ربكم الاعلى
صرخوا به ارفع يديك ليس لديك خيار
فرفع يديه وانهمرت دمعة من عينيه
لتحدث في مخيمي طوفان.

فهل هذا غضب الطبيعة، أم خيرات الاحتلال الاسرائيلي








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - سؤال واحد !
رعد الحافظ ( 2013 / 1 / 12 - 14:51 )
الزميل عتريس المِدَح / تحيّة طيّبة وبعد
سأبصم بالعشرة موافقاً على كلّ ما ورد في مقالكَ الإنساني هذا
لكن لي بالمقابل سؤال وحيد
هل غرق بغداد الأخير ( في حالة سمعتَ عنهُ ) وهل حال مخيمات اللاجئين السوريين في مختلف دول الجوار السوري ( العراق , الأردن , لبنان ... وربّما حتى تركيا )
لهُ علاقة أيضاً بالإحتلال الإسرائيلي لفلسطين ؟
ملاحظة / سؤالي لا يعني من قريب أو من بعيد دفاعاً ولو بمثقال ذرّة من خردل عن الإحتلال أينما كان
ولأغلق الباب على المتاجرين بالوطنيّة ومرادفاتها أقول مقدماً
ألا لعنةُ الله والناس أجمعين على الإحتلال وأذنابهِ وكلّ من يُدافع عنهُ أينما كان
لكن القضيّة عندي / سلبياتنا نحنُ وإنساننا نحن وثقافاتنا نحن , قبل التعليق على الشماعات حتى لو كانت حقيقية وليست وهميّة !
تحياتي ثانيةً


2 - الزميل العزيز رعد الحافظ
عتريس المدح ( 2013 / 1 / 12 - 16:44 )
كل التحية لك وأحترم واوافق بشكل كلي على ملاحظتك، واذا ما لاحظت ببداية المقال هنالك اشارة واضحة في الفقرة الثانية من المقال، من فضلك لاحظها لو سمحت وهي (قد يكون هذا طبيعا في فلسطين لو ان السلطة هي التي تمسك بزمام الامور) اليس في ذلك ما يشير الى أنه في عالم العرب أن آخر ما تفكر به السلطات هو المواطن.
شكرا لملاحظتك ويبدو كان يجب توضيح ذلك بشكل اكبر

اخر الافلام

.. الجامعات الأميركية... تظاهرات طلابية دعما لغزة | #غرفة_الأخب


.. الجنوب اللبناني... مخاوف من الانزلاق إلى حرب مفتوحة بين حزب 




.. حرب المسيرات تستعر بين موسكو وكييف | #غرفة_الأخبار


.. جماعة الحوثي تهدد... الولايات المتحدة لن تجد طريقا واحدا آمن




.. نشرة إيجاز بلغة الإشارة - كتائب القسام تنشر فيديو لمحتجزين ي