الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


في بيدر الدخن

عادل علي عبيد

2013 / 1 / 13
الادب والفن


في بيدر الدخن
عادل علي عبيد
نملة أعياها التسلق ، وهي تشق سبيلها الداعر ، تتسابق .. تحث الخطى . الدخُن الأملس يضحك على أقدامها المنزلقة ، رفيقاتها اللواتي خضن المخاض السهل ، يتسابقن على عذّ المسافات ... أعياها البحث .. وهي تصيح بلا جواب ، الدُخن شاهد على كدها ، وملكة القرى تتحرى الوجوه .. وهي ترنو إلى الجائزة .. تزيد من وعودها الجائرة ، التلال الوهمية المذهبة راحت تستجلي التماعات القشور .. وهي تبارك شموخ الطين أمام الناطحات التي تبوس العنان ، الطوافات التي مرت بها .. المدن التي أغلقت أبوابها ، القرى المتهادية على هفاف السنابل ، والقشور التي تتحدى الانعكاس .. تزيد من كدها من إصرارها في بلوغ المسافات . القدرة المشفوعة بالتردد ، والإرادة المنقسمة ، عوالم من جبال وسهول ووهاد .. الانقسامات التي تنهل منها ، فيض من كبوات ، المشهد المستبد المشتبك يضحك عليها .. وهي تكثر من الكبوات ... السقطات التي لا ترحم . المغارات التي مرت بها ، وأشكال الرؤوس.. امتزجت بين البراءة ورجس الشياطين .. الخيال الخطيئة ، وأوثان النفس ، تمر عليها .. شريطا من ذكريات لا ترحم . القصص والرؤى والشطحات .. أغنية من سراب بعيد . حبيبات الدخن التي لا تستحي ، تكثر من ضحكاتها ، وتلك السيقان الخائبة التي تتسلق لتعود إلى نقطة البداية القلقة .. تغوص في العباب المصفر ، والسنابل المجنونة ، التأملات التي ترسمها ، صورا لا تعرف النهايات ، تتأرجح في رحابها ، تزيد من التقصي في اللاشيء . أشكال الأرض الدحوية والمنبسطة والمتعرجة ، لا تعرف للحق طريقا .. وهي تحث خطاها المحملات بالخيبة . الهاجس الذي يرادف سيقانها المتلاشية يصرخ : لا أمان للشواطئ . تمنت كل شيء ، حتى ذئاب البراري واسود الغاب وضباع القفار ، ولكن .. الصوت الخارج منها .. وركام الأمل المنبثق يرسم لوحة للصمود المنتكس .
تتدثر بجسدها الغضّ ، الحساب الذي ينتظرها يزيد من لوعتها ، مشاعر الإثم التي هيمن على روحها ، البهاء واللمعان اللذان أثقلا عينيها ، مدنا من سراب مشتعل . لطالما استشعرت خطاها ذلك الرقيب الذي يقف وقورا خلف مدن الانعكاس ، ترتد خطاها من جديد .. ولكن حبيبات الدخن المنزلق وهي تتكئ على بعضها ، لا تحترم الإيثار .. يزيدها ذلك النفور الغريب . الإعياء والملل الذي أصاب الحبيبات الواهنة .. التي لا تصمد ، يزيد من ملحمة الانقسام ، وأسطورة الهزيمة ... العوالم المتقلبة .. المدن المتداعية .. القرى المتهالكة .. عالم من سراب مهادن .
ترتد الأرض بمن فيها ، لتعلن عن خيبتها من جديد ، وذلك الفردوس الذي ينأى بلا رحمة . الأمل الفاتر حلّ بها ، يتحين من عيون الأمل المؤجل ... لكنها تزيد من تسلقها للجبال الصفر وهي تحمل سر الموت .. الإشراق الذي يحيطها ، والنور الذي أعلن انتشاره ، واللمعان المحتضر ... كل الأشياء مبيتة متوارية ، ترصد خطواتها المتخبطة ، وهي تزيح جدار الاصفرار ، . جدار الموت الذي يسبق الوهن . الأصوات التي تكالبت عليها تحثها على الهزيمة . . توغل في الوهن والفتور .. في الانشطار .. لكنها تعيد أسطورة الكد والجد ، تزاحم مملكة النحل ، ومواطن الجرذان .. صوت منها يقول :
سأكون سيدة العشق
واحجب عن عالمي حكايات الخنوع
الدروب التي خلفتها
والمسافات الكأداء
عالم من الإشراق
الأجيال التي تتطلع اليّ
وأنا استعيد الحاضر
سيدة النمل ..
البيادر المتزحلقة ببعضها
ستنجلي يوما ..
أثوابها التي تتحدى خيوط الشمس
ستحترق لا محالة
سيكون النور ..
سيعود ..
وتعود قرى النمل عامرة بالعمل
والسنابل التي تتحرى بعضها
سترسم لوحة للخلود ..
لا محالة
لكنما الفضاء الذي يشخص بلا استحياء ، ينتصب بشموخ ، متجاهلا ذلك الكد الذي يزاحم المستحيل . في خلوتها المزدحمة ، وتأملاتها الصاخبة ، ثمة بريق ، يقود إلى فسحة كاذبة . السبل المعبدة بالوحشة ، والحركات المتوثبة التي تستحضر البعيد ، تغازل الشمس وهي تتوارى خلف غمامات الأمل . السنابل المتعرية من بنياتها ، ترصد المشهد المتهادي ، وهي تغالب محنتها بالجهد الملح . الطرق المنسوخة التي خلفتها ، كالأمل المبدد ... هناك بين ثورة الاصفرار بان خيط من نور ، لعله آخر مراحل الموت ، الغشاوة التي ترتسم أمامها ، فيض من عوالم منتكسة .
.... اخيرا .. ها هو النور قد بان ، وتلك هي فسحة الأمل المشتعلة ... بيدر الدخن الذي عاد كالأسطورة يزيد من مشيتها .. وهي تعود حاملة حبة دخن ... او بقايا فتات .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بل: برامج تعليم اللغة الإنكليزية موجودة بدول شمال أفريقيا


.. أغنية خاصة من ثلاثي البهجة الفنانة فاطمة محمد علي وبناتها لـ




.. اللعبة قلبت بسلطنة بين الأم وبناتها.. شوية طَرَب???? مع ثلاث


.. لعبة مليانة ضحك وبهجة وغنا مع ثلاثي البهجة الفنانة فاطمة محم




.. الفنانة فاطمة محمد علي ممثلة موهوبة بدرجة امتياز.. تعالوا نع