الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الصقور

نبيل محمد سمارة
(Nabil Samara)

2013 / 1 / 13
الادب والفن


من بعيد بدت الشمس وهي تميل نحو الافق كبرتقالة ناضجة . ولم يكن الرجل قد سار بعد في الطريق الذي رسمه منذ بداية الرحلة . ذلك ان النوم حاصره وهو في الخان يجهز عربته . ويغسل الحصان , ويسد ضهرة الذي امتلأ بالقراد وبحشرات اخر بدت له غريبة تماما. وهو اذ يقف الأن, يحدق في الشمس التي اخذت تهتز وترتعش , انما ليقيس المسافة التي قرر _ قبل بدء الرحلة _ ان يقطعها الى قريته في ساعتين فقط وتساءل : هل سأحصل قبل مغيب الشمس ؟وقد بدء له ذلك صعبا سيما والطريق زلقة, والسماء تنذر بمطر جديد.
صهل الحصان وهز ذيله ,وانتفضت بقعة صغيرة من جسده . فعرف الرجل ان ثمة حشرة لسعته . مس ظهر وطبطب على رأسه , اصلح من وضع اللجام, واذ تأمل الطريق امامه .وقد تمددت مخترقة قلب الصحراء كنهر طويل انقبض صدره .وخطرت له ايام كان يقطعها _ في الصحو _ في ساعة واحده فقط . ساعة بما فيها التوقف قليلا لقضاء حاجة او لاطعام الحصان او لتأمل الصقور وهي ترفرف في الاعالي وتنفض كقذيفة على الفريسة الجريحة . وغالبا ما تكون الفريسة فأرا بريا ضغما او ثعلبا صغيرا او افعى تحتضر وكان الرجل يتوقف لحظات مراقبا صقرا ذا ذنب مرقط وهو ينقض على الفريسة. ويتساءل في سره ما اذا كانت الصقور ستجد طعاما لو خلت الصحراء من الفئران البرية أو الافاعي او الثعالب الصغيرة . لكنه لا يلبث أن يتأمل جسد الحصان اذ يخب امام العربة . يمخر بهدوء , محركا مؤخرته على نحو متموج . حركة تجعل نظرات الرجل مشدودة الى ضهر الحصان احيانا ينتفض فجأة . فاتحا عينه كمن استيقظ من نوم عميق ويهمس في سره : هل نمت فعلا ؟ ذلك انه سمع من بعض أن لتلك الحركة الهادئة الرتيبة _ رغم الاستهانة بها _فهي اقرب الى المخدر في الكأس . وقد أمن الرجل بعدها على ذلك بحرارة حين غفا ذات مرة وفوجئ بالحصان يتجه في طريق مغاير طريق يفضي به الى واد سحيق مما جعل الرجل يحدق مذعورا في الوادي الذي اصبح عل حافة صخوره المسننة . لحظتها أقسم الا ينظر ال مؤخرة الحصان ولا ال جسده اذ يسير , بل سيظل ماسكا الرسن بيدين قويتين , فاتحا عيونه . بيد أنه ينسىى قسمه وتظل عيناه مثبتتين عل مؤخرة الحصان حتى يصحو على زعيق الصقور او صهيل الحصان . فينفض من رأسه النعاس . مراقبا الصقور اذ هي تهوي كسهم ال اسفل . وتنطلق ال اعلى . يتأملها مبهورا , مندهشا من تناسق الحركة . ودقة التصويب . ذات يوم فوجئ بصقر يغوص ال فريسته , وكانت فأرا بريا . وردد الرجل هامسا : ان الفأر ميت لا محالة . واختبأ في جحر صغير , وهمس الرجل مذهولا : لكنها تخطئ احيانا....








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. نون النضال | خديجة الحباشنة - الباحثة والسينمائية الأردنية |


.. شطب فنانين من نقابة الممثلين بسبب التطبيع مع إسرائيل




.. تونس.. مهرجان السيرك وفنون الشارع.. إقبال جماهيري وأنشطة في


.. دارفور.. تراث ثقافي من الموسيقى والرقص




.. #لطيفة مش عايزة يتعملها فيلم عن قصة حياتها.. أعرف السبب ?? #