الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


وفسر الماء بعد الجهد بالماء

حميد غني جعفر

2013 / 1 / 13
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


وأخيرا طلع علينا السيد المالكي بدعوته إلى الانتخابات المبكرة وبهذا فهو يفسر الماء بعد الجهد بالماء وذالك لأن هذه الدعوة هي ليست – فكرة المالكي – إنها مطلب الشعب بكل قواه الوطنية الديمقراطية ومنظمات المجتمع الوطني وكل الشبيبة الواعية التي أطلقتها القوى الديمقراطية في شباط – 2011 – في ساحة التحرير وكل المدن العراقية ، إثر تشكيل حكومة المحاصصة الطائفية التي جاءت بعد مخاض عسير – تسعة أشهر من الصراعات والمهاترات على اقتسام المغانم ، بعد الانتخابات الأخيرة في – 2010 – والقانون الظالم الذي استندت إليه بسرقة أصوات الناخبين وتحويلها إلى الكتل أو القوائم المهيمنة ... نعم أقول المهيمنة ولا أقول الكبيرة لأنها ليست كبيرة ... فالكبيرة – من وجهة نظري – هي القوى أو الكتل ذات العمق والامتداد التاريخي في ساحة النضال الوطني ولها جذورها العميقة في المجتمع ، ولها فكرها وبرنامجها السياسي وقاعدتها الجماهيرية العريضة وتضحياتها الجسام في دروب النضال ، تلك هي السمات الأصيلة والمميزة للقوى أو الكتل الكبيرة ، أما الكتل أو القوى على الساحة اليوم لا تمتلك أي من هذه السمات أو المواصفات التي ذكرناها ، إذن لا يمكن تسميتها بالكبيرة فهي طارئة على ساحة النضال الوطني في العراق – بعد 2003 – ومن هنا فإن هذا القانون الظالم واعتماد المحاصصة الطائفية المقيتة ، ومع أن المالكي قد أكد أكثر من مرة – خلال فترة المخاض العسيرة – بأن هذا التأخير هو في صالح الشعب لأنه سيأتي بحكومة قوية ، لكن واقع الحال كانت حكومة ضعيفة وعرجاء فقد خلت من أهم وزارتين تتعلق بأمن وسلامة البلاد ومواطنيها وهي وزارتي – الدفاع والداخلية – ولا زالت – إذ أن اعتماد المحاصصة الطائفية والقانون الظالم للانتخابات قد فتحت الأبواب على مصا ريعها أمام الوصوليين والانتهازيين واللصوص والمختلسين والبعثيين والإرهابيين الذين لا صلة لهم إطلاقا بالسياسة أو العمل السياسي ولا بمصالح الشعب ، وبمختلف الأساليب والأشكال من تزوير للشهادات إلى المحسوبية والمنسوبية إلى بيع وشراء المقاعد ، حكومة وبرلمان بهذه التشكيلة من الخليط غير المتجانس لا يمكن بأي حال من الأحوال أن تخدم مصالح الشعب والبلاد أو أن تتقدم خطوة واحدة إلى الأمام ، وهذا ما أدركته بيقين تام – ومنذ البداية - كل القوى الوطنية الديمقراطية الحريصة على مستقبل الشعب وعلى مسار العملية السياسية ومعها منظمات المجتمع المدني وكل الشبيبة الواعية وقد تجسد ذالك بصرخة الشعب المدوية في ساحة التحرير وكل مدن العراق في شباط – 2011 – مطالبين بإصلاح العملية السياسية ونبذ المحاصصة الطائية وإجراء الانتخابات المبكرة وبمحاربة الفساد والمفسدين ، إذن فالانتخابات المبكرة هي ليست فكرة المالكي ، فهو الذي جابه بقوة بالقمع البوليسي مطالب الشعب هذه وبإطلاق الرصاص على المتظاهرين و استشهد العديد منهم وجرح آخرين واعتقال البعض الآخر ، وبدلا من استجابة المالكي وحكومته العتيدة لمطالب الشعب العادلة والمشروعة فقد أرسل البلطجية من أتباعه لضرب المتظاهرين والاعتداء عليهم بالسكاكين والهراوات وأيضا قام شركاءه علاوي والمطلك بإرسال أتباعهم لطرح شعارات سقيمة لا تمت للقضايا الوطنية بصلة والصدريون أيضا منحوا الحكومة ستة أشهر لتنفيذ مطالب الشعب فكان هذا الموقف هو مساعدة للحكومة أكثر منه لمصالح الشعب ، فكانت مزايدات رخيصة وإبراز عضلات بين المتصارعين وكان الهدف من كل ذالك هو الالتفاف على المطالب المشروعة للشعب وحرف مسار وأهداف التظاهرة الوطنية ،فأين كان المالكي وحكومته العتيدة – قبل عامين – عن مطلب الشعب وقواه الديمقراطية ؟ ولماذا ركب رأسه ولم يستجيب لمطلب الشعب هذا ؟ وكان جوابه على هذه المطالب العادلة للشعب وقواه الديمقراطية يعبر عن الغرور إذ عزى تلك المطالب هو فشل هذه القوى في الانتخابات مع أنه وشركاءه الذين سرقوا أصوات هذه القوى المخلصة وحولوها إليهم ولم يفشلوا في الانتخابات ، والفاشل الحقيقي في الانتخابات المالكي بالذات وكل شركاءه لأنهم لم يحققوا لشعب ما وعدوا به وغير قادرين إطلاقا على تحقيق شيء لهذا الشعب الذي خدعوه وظللوه بشعاراتهم الطائفية والمذهبية اللاوطنية ،هذا من جهة ومن الجهة الأخرى ، فالقوى الوطنية الديمقراطية وهي ترى الحكومة لم تتقدم بخطوة واحدة باتجاه خدمة مصالح الشعب والبلاد وحرصا منها على مصالح ومستقبل البلاد – ولم تستجب لمطالب الشعب – قدم الحزب الشيوعي العراقي مذكرة رسمية إلى الرئاسات الثلاث في أواخر العام الماضي – 2011 – وشرح فيها سوء وتردي مجمل أوضاع البلاد والمخاطر المحدقة جراء صراعات المتصارعين وطرح فيها الحل الأفضل والأسلم للخروج بالبلاد من أزمتها الخانقة بالدعوة إلى عقد مؤتمر وطني عام لكل القوى السياسية المؤسسة للعملية السياسية بما في ذالك القوى – خارج الحكومة والبرلمان – والجلوس إلى طاولة حوار صريح وبناء في طرح كل النقاط الخلافية بين الكتل المتصارعة مع إبداء تنازلات متقابلة حرصا على مسار العملية السياسية ومستقبل التجربة الديمقراطية وقد تبنى هذه الدعوة المخلصة – كما هو معروف – السيد الطالباني وبذل جهدا مضنيا لتقريب وجهات النظر بين المتصارعين تمهيدا لعقد المؤتمر ومع أن جميع الكتل النافذة قد وافقت على هذه الدعوة ، إلا أنهم لا زالوا إلى يومنا هذا يتهربون من عقد المؤتمر خصوصا بغياب رئيس الجمهورية ، ولم يصغوا لصوت العقل والحكمة ولا زالوا في صراعاتهم ومهاتراتهم يعمهون دون أدنى شعور بالمسئولية أو أي حس وطني الأمر الذي يؤكد بعدهم عن المصالح الوطنية العليا ، وهذا فشل آخر للمالكي وحكومته العتيدة فهو يتهرب من المؤتمر ، ليعود إلى ما دعت إليه القوى الديمقراطية قبل عامين – الانتخابات المبكرة – بعد أن شعر بالنار تحرق قدميه – فهو في أزمة خانقة تستفحل يوما بعد آخر بفعل الصراعات داخل قائمته – التحالف الوطني – أولا – من حيث الضغوطات والمشاكسات المستمرة من التيار الصدري إضافة إلى كتل أخرى في التحالف ذاته إلى جانب احتدام الصراعات التناحرية – على المغانم – مع القائمة العراقية – علاوي ورهطه – وأيضا مع التحالف الكردستاني ثم المظاهرات الأخيرة في الرمادي والتي شملت عدة محافظات أخرى ولا زالت مستمرة وهي تشكل مخاطر كبيرة على أمن وسلامة البلاد ومواطنيها لما تحظى به من دعم وتمويل من دول إقليمية عديدة والبعث المقبور وتنظيم القاعدة الإرهابي ، كل هذه المخاطر لم يجد المالكي من مخرج منها ... إلا بالهروب إلى أمام من هذه الأزمة الخانقة ويعبر عن فشله وعجزه التام عن حلول لمعالجتها ... بطرح العودة إلى انتخابات مبكرة كمحاولة لكسب الوقت ليس إلا ... ذالك لأن المالكي يعلم جيدا انه لم يبقى من عمر حكومته الفاشلة أكثر من سنة وستة أشهر ، ومثل هذه الفترة غير كافية في التهيئة والإعداد لانتخابات مبكرة لما تتطلبه من مستلزمات ضرورية يجب أن تسبق الانتخابات المبكرة ، ولعل أبرزها هو تعديل قانون الانتخابات وتشريع قانون الأحزاب وإجراء تعداد سكاني عام وتعديل سجل الناخبين وهذا يتطلب وقتا ليس بالقصير خصوصا وأن الصراعات والمهاترات تتفاقم وتشتد بين المتصارعين يوما بعد آخر وبلغت حد الاستعصاء بحيث من الصعب في هذا الوقت توفير أو تهيئة المستلزمات المطلوبة ، ومن هنا فإن الحل الأفضل والأكثر منطقية وواقعية هو الإسراع والتعجيل بعقد المؤتمر الوطني والجلوس إلى طاولة الحوار الصريح والهاديء والبناء ، استجابة لدعوة القوى الديمقراطية ودعوة السيد رئيس الجمهورية ،ليعبروا بذالك عن صدق الوطنية والشعور بالمسئولية إزاء مصير الشعب والبلاد ... وليأخذ السيد المالكي العبرة والدرس من التأريخ من منطلق الحرص على شعبه ووطنه ، الذي اكتوى بنار الحروب والمحن بفعل نزعات التفرد والتسلط ... فسقوط ثورة تموز الأولى كان بفعل هذه النزعات التسلطية والتفرد بالقرار إذ لم يستجيب الزعيم الشهيد قاسم لنصائح أخوانه من الضباط الأحرار الشرفاء – شركاءه بالثورة – كما لم يستجب أيضا لنصائح القوى الديمقراطية الحريصة على الجمهورية فكانت الكارثة والمجزرة الرهيبة في الثامن من شباط 1963 والضحية هو الشعب العراقي الذي دفع الثمن غاليا بنهر من الدم لم يجف إلى اليوم ، وكذا الطاغية المقبور صدام العفلقي – مع الفارق بطبيعة الحال بين التجربتين – فهذا المجرم بحروبه الطائشة وديكتاتوريته القمعية الفاشية الشمولية لم تجلب للبلاد إلا الدم والدمار والخراب وهدم كامل للبنى التحتية ثم احتلال البلاد وضياع الاستقلال الوطني وكان الشعب أيضا هو الضحية ... فرفقا بشعبكم ...وما هو ذنب الشعب في أن يدفع دمه جراء صراعاتكم على الكراسي ويعيش البؤس والفاقة والحرمان .
وأخيرا أن تجربة السنوات العشر أكدت بكل وضوح ... عدم كفاءة هؤلاء المتصارعين وعدم جدارتهم في إدارة شؤون الدولة والمجتمع وبعدهم تماما عن أي حس وطني أو أي ارتباط بتربة هذا الوطن الغالي ...وخير لهم أن يرحلوا ...ليريحوا العباد والبلاد من شرورهم وشرور الطائفية المقيتة التي مزقت وحدة شعبنا إلى هويات طائفية ومذهبية وقومية وعشائرية ما كان يعرفها قبل مجيء هؤلاء مرتزقة السياسة ... فالشعب قادر على استعادة وحدته وتلاحمه وهويته العراقية الأصيلة من خلال قواه الوطنية المخلصة ذات الطاقات والكفاءات والنزاهة والإخلاص .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إيران :ماذا بعد مقتل الرئيس ؟ • فرانس 24 / FRANCE 24


.. إيران تعيد ترتيب أوراقها بعد مصرع رئيسها | #التاسعة




.. إسرائيل تستقبل سوليفان بقصف مكثف لغزة وتصر على اجتياح رفح


.. تداعيات مقتل رئيسي على الداخل الإيراني |#غرفة_الأخبار




.. مدير مكتب الجزيرة يروي تفاصيل مراسم تشييع الرئيس الإيراني وم