الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


اوباما للبيع

مفيد بدر عبدالله

2013 / 1 / 14
مواضيع وابحاث سياسية


مثلما لنا ثقافتنا وطباعنا، لنا مسمياتنا المحلية البعيدة عن ما هو متعارف عليه عالميا ، فنسمي الأشياء بما نشتهي وكأننا نخترع ( ماركات ) جديدة تستسيغها ألسنتنا، السيارات من بين من طالتها رياح التغيير، بعضها استبدلت أسماءها بأسماء حيوانات مثل البطة، والأرنب، وأخرى بأسماء أمراض مثل انفلونزا الطيور وجنون البقر، أما سيارة "الدودج" الفخمة الأمريكية المنشأ والتي أثبتت مقاومتها للطرق البعيدة بين محافظاتنا فتسمى "اوباما "، هذا الاسم شاع كثيرا في السنوات الأخيرة، وعرفه الكثيرون، أما أنا فلم أعرفه إلا قبل أيام، حين لفتت نظري قطعة مثبتة على أحد المنازل مكتوب عليها " اوباما للبيع "، أثارت تلك العبارة دهشتي وذهولي، وتصورت أن من كتبها مجنون فكيف لاوباما أن يُعرض للبيع؟ وإن وصلت القضية لبيع اوباما فلماذا لم يُعرض من قبله للبيع الكثير من الرؤساء ممن لم يحققوا لشعوبهم ما حققه اوباما لشعبه الذي اختاره للمرة الثانية وبمحض إرادته، دون أية ضغوط أو تزوير مثلما يحصل في كثير من البلدان ومنها العربية.
قد يكون اوباما غير محبوب في كثير من بلدان العالم ومنها العربية، لكنه محبوب من أفراد بلده وهو يحرص على ديمومة هذا الحب، أما في بلدان أخرى ومنها بعض البلدان العربية يحرص الحاكم على إرضاء الدول الأخرى والكبرى منها على وجه الخصوص أكثر من شعبه، فيتحدث عنه إعلامه وكأنه الرجل المنقذ وفلته من فلتات القدر، وما أن ينتهي حكمه حتى تتكشف مجازره و أرصدته داخل بلده وخارجها، فتنطق الألسنة الخرساء، وتبدأ مرحلة اختيار الجديد والانتقال للديمقراطية التي لم تفهمها إلى اليوم الكثير من الشعوب وسياسييها.
فنحن العرب تمنعنا نفسنا الأبية من الإقرار بهزيمة الانتخابات، فقبل إعلان نتائجها بساعات يكتب كثير من المرشحين خطابين احدهما يشيد بنزاهة الانتخابات ودقتها لفوزه، ويشكر القائمين عليها، وخطاب آخر يطعن بنزاهة الانتخابات ويتهم القائمين عليها بالتزوير ليقرأه في حال هزيمته، وان حصلت الحالة الثانية يبدأ بالطعن والمعارضة، ومعارضتنا على طريقة " حب وكول واكره وكول " ألفاظ تصل حد الشتائم أحيانا ويتشبث بكل ما يحقق له هذا المراد، أما المواطنون فأكثر ما يتحكم بخياراتهم الانتخابية العاطفة والانتماء والذاتية، بعضهم يعلن صراحة سأنتخب فلان لأنه " منا وبينا " أو " يفيدني " بمعنى يفيده هو وليس بلده، ولا تعنيهم حتى الإنجازات التي يتهرب منها السياسيون فجل خطاباتهم لا تتحدث عن أمجاد تُصنع اليوم، بل الحديث بأغلبه عن الماضي المجيد ومآثر الأجداد ودولتهم وثقافتهم التي امتدت لتصل أسبانيا والصين، يتحدثون قادتنا العرب كثيرا عن هذا في الوقت الذي تحيط الأساطيل وحاملات الطائرات بلدانهم من كل جانب ويعقدون المعاهدات الأمنية لحمايتهم، أصبح الماضي الشيء الوحيد الذي يشعرهم بالفخر، فما أصعب الحديث عن الحاضر!! حاضرنا الذي أصبحنا فيه بلدان مستهلكة لكل شيء ونقتبس من الاخرين كل شيء، وأعظم ما حققنا من إنجاز هو التسميات، وآخرها تسمية سيارة الدوج الأمريكية " اوباما " كونها فخمة ومتينة، وإذا أصبحت السيارات تسمى بأسماء الرؤساء، فلماذا لا تسمى السيارات الرديئة والمتهالكة منها بأسماء الرؤساء الذين لا يعرفون غير القمع و الدكتاتورية ونعرضها بأبخس الأثمان أو مجانا لتستوعب عقولنا عبارة " اوباما للبيع " أن حملناها على ظاهرها .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. نائب رئيس الوزراء السلوفاكي: روبرت فيكو سينجو من محاولة الاغ


.. فايز الدويري: فصائل المقاومة استدرجت قوات الاحتلال إلى مناطق




.. تصاعد ألسنة الدخان الكثيف من محيط حي الزيتون والصبرة بغزة جر


.. جدل في روسيا بعد تعيين أندريه بيلاوسوف وزيرا للدفاع




.. -GPT-4o- نموذج للذكاء الاصطناعي بمميزات واقعية أكثر تعرف إلي