الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


خيار سلطة آل الأسد أم خيار الشعب السوري ؟

عبدالله تركماني

2013 / 1 / 14
مواضيع وابحاث سياسية


تقف سورية اليوم أمام مفترق طرق: سلطة تدفع الأمور نحو الحرب الأهلية، وشعب يقاومها ويرفضها. السلطة تأخذ سورية إلى خراب شامل، والثورة تعمل لإخراجها من مأساتها المديدة، وإدخالها إلى عالم مفتوح على الديمقراطية والحرية والكرامة. ولن تختتم هذه السيرورة من دون فتح باب السياسة وإغلاق باب القتل اليومي، بما يحقق هدف الثورة الرئيسي في الانتقال من نظام الاستبداد الحالي، بكل رموزه ومرتكزاته، إلى النظام الديمقراطي.
إنّ مصير سلطة آل الأسد لن يختلف عن مصير أنظمة الاستبداد العربية الأخرى، في تونس ومصر وليبيا واليمن، لأنها عاجزة عن قهر إرادة الثورة والتغيير لدى جموع الشعب السوري، التي تعرف أّن تراجعها عن مطلب إسقاط هذه السلطة يعني أنها ستعود إليهم بنزعة انتقامية كبرى، وأنّ فرصة أخرى للثورة والتغيير قد لا تتاح لها بعد عدة عقود أخرى.
إنّ سورية، بكل تاريخها وأهميتها الجيو استراتيجية، لا يمكن أن تستمر تابعاً لإيران أو مرتعاً للفساد وساحة للقمع، ولا سجناً كبيراً يموت فيه الأحياء وهم واقفون على طوابير الخبز. والشعب السوري سيكون على موعد حاسم في تاريخ ثورته، بقدر ما تكون قواه السياسية والعسكرية على قدر المسؤولية في الدفاع عن الأهداف العليا للثورة في الحرية والكرامة، وبقدر ما يتنبه العرب والمجتمع الدولي إلى خطورة معادلة بشار أو الدمار، فسقوط الطاغية سيحمي سورية والمنطقة كلها من ثمن فادح.
ومما يعزز خيار الشعب السوري أنّ سلطة آل الأسد تشعر أنّ الركون إلى عامل الوقت لم يعد في مصلحتها، وأنّ التوغل في أساليب القتل لم يعد يجدي نفعاً. وهنا لا يغيب عن بالنا احتمال حصول تغيير في موقف بعض أطراف هذه السلطة، فالفشل في إخماد الثورة، وحالة الإنهاك للقوى العسكرية والأمنية، وتسارع التدهور الاقتصادي، وتصاعد حدة الضغوط العربية والدولية الراغبة في مخرج سياسي، يمكن أن تفضي إلى تبلور قوى من داخل تركيبة النظام نفسه تزداد قناعة بعجز الحل الأمني وبضرورة المعالجة السياسية، وتتنطح بداية ربما للمنازعة والمشاركة في اتخاذ القرارات ثم المبادرة عند اللزوم لإنقاذ ما يمكن إنقاذه. فلم تعد بعيدة لحظة سقوط أوهام العقل الأمني، ولنقل لحظة إدراكه، بلا جدوى هذا العنف والتنكيل البربري وبأنه قد يزيد التكلفة والأثمان، وربما يؤخر موعد الخلاص، لكنه آتٍ على أية حال.
وقد تكون المفارقة أنّ هذه السلطة التي تستقوي بأبناء الطائفة العلوية الكريمة تستشعر الخطر على نحو خاص من هذه الطائفة، إذ من المؤكد أنّ انخراط نسبة بارزة منها في الثورة سيعني سقوط سلطة آل الأسد عاجلاً. ومن هنا ليس مستغرباً أن يُوجَّه جزء أساسي من دعاية الإعلام الرسمي لاستلاب الطائفة وإثارة المخاوف الوجودية لدى أفرادها. وقد يكتشف الأخوة العلويون، في وقت قريب، أنّ ابتلاءهم بهذه السلطة هو أكبر مصيبة حاقت بهم في العصر الحديث، فالديكتاتورية التي تدّعي حماية الطائفة لا تفعل في الواقع سوى الاحتماء بها، ونسب سيئات الديكتاتورية إليها، هذا فضلاً عن محاولة إفساد الطائفة ذاتها.
لقد اتسم خطاب الوريث بشار الأسد بالذاتية والغرور والعنجهية والتسلط، بعد طول إقامة آل الأسد المديدة في هيكل السلطة المغلقة، بما جعله يعتقد خطأً أنه أغلق تماماً حركة التغيير التاريخية بمفاتيح القوة الساحقة التي يمتلكها، متناسياً أنّ الشعوب المقهورة تصابر ولا تسامح، تنتظر ولا تنسى، وتتفجر لاحقاً لكرامتها وحريتها كالبراكين الثائرة.
إنّ التطور الأهم الذي نعتقد بأنه الأقرب إلى التحقق، والأكثر قدرة على التأثير في مسار الثورة السورية، هو التحولات في القاعدة الاجتماعية لسلطة آل الأسد، التي جهد منذ بداية الثورة لطمأنتها إلى سرعة وانخفاض كلفة عملياته، الأمر الذي حدث نقيضه عملياً، وتنقلت قواته من هزيمة إلى أخرى، متكبدة خسائر متصاعدة، وصار مطلب من يدفعون بأبنائهم للقتال إلى جانبه، بإيجاد مخرج للأزمة الوجودية التي ورطهم فيها، أكثر إلحاحاً يوماً بعد آخر.
وتشير بعض المعطيات إلى أنّ اعتقاداً بدأ يبرز لدى مؤيديه، بخاصة من الطائفة العلوية، بأنّ بشار الأسد في دفاعه عن مصيره الشخصي والعائلي مستعد للتضحية بآخر فرد منهم بلا أية مبالاة، وأنّ استمراره في القتل اليومي للشعب السوري ليس بدافع حمايتهم، ولا لثقته بالنصر كما يزعم، بل لشعوره بالخوف من لحظة الحقيقة، التي سيواجهها بمجرد انتصار الثورة، وحينها ستنجلي حقيقة الأوهام الكبيرة التي ركبت رأسه.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. سيناريوهات خروج بايدن من السباق الانتخابي لعام 2024


.. ولادة مبكرة تؤدي إلى عواقب مدمرة.. كيف انتهت رحلة هذه الأم ب




.. الضفة الغربية.. إسرائيل تصادر مزيدا من الأراضي | #رادار


.. دولة الإمارات تستمر في إيصال المساعدات لقطاع غزة بالرغم من ا




.. بعد -قسوة- بايدن على نتنياهو حول الصفقة المنتظرة.. هل انتهت