الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حالة إنتظار...لحالة إنتصار..

فاطمة مصالحة

2013 / 1 / 14
مواضيع وابحاث سياسية


" في يوم الإنتصار كل هالوجع والألم الي بتحسي بيه وبتعاني منه..,بيكون زي البلسم وله طعم ولذه..,ولا كأنه كان .."
بهذه الكلمات حاولت أم الأسير أم جبر وشاح, عام 1991 أن ترفع من معنوياتي وتهون علي آلام الجسد,على أثر التعذيب الذي تعرضت له من قبل ضابط المخابرات أبو الأسد وجنوده.
حينها تعاليت على الألم, وغمست كلماتها من جروحي و جسدي الملون بكدمات حمراء وزرقاء وخضراء,وأخذت أنتظر لحظة النصر..., منذ ذلك الوقت لم تراودني لحظة شك لحكمة تلك العجوز أو بهتان لكلماتها, كانت جملتها أيقونة لروحي تدفعني للإيمان بقوة أني سأعيش تلك اللحظة وأشهدها.
في عام 2006كان مشهد الظفيرة, التي تتراقص خلف جسد أختي الصغيرة, لتشاركها سعادتها, وهي تركض بثوبها المطرز, لتلاقيني ببشارة أندحار وهروب قوات الأحتلال من جنوب لبنان.
- "لبنان تحرر..المقاومة إنتصرت.."
حينها أوقفتني في منتصف دربي إلى البيت بتساؤلها
- "أحنا حننتصر زيهم؟ ,ونحرر بلادنا؟؟!"
حاولت أهرب من سؤالها,بتساؤلي عن سبب لباسها لثوبها المطرز لترد علي:
- لبسته عشان أدبك مع الي دبكو في شوارع لبنان على التلفزيون.
طفلة لم تتجاوز العاشرة من العمر, عايشت بكل كيانها حالة إنتصار المقاومة اللبنانية , وتريد مني أن أزرع لها الأمل, الذي حاولت أن تزرعه أم جبر في الإنتفاضة الأولى بمخيلتي.
أخذت بيد الصغيرة لنكمل درب العودة للبيت, وأنا أحاول أن أشرح لها أن الشعوب التي تناضل لابد أن تنتصر , لكن إنتصار المقاومة اللبنانية له ظروفه, التي تختلف عنا, رغم تقاطعنا بالإحتلال ,فنحن بحاجة لقيادة صادقة مع قناعاتها وتمتلك قرارها بيدها,ولا ترتهن لتجاذبات المصالح الأقليمية ,ولا تلهيها ملهاة السلطة عن أهداف شعبها ومطالبه, ولا تفسدها المراكز والمواقع السياسية وتنسلخ عن شارعها,وأن لا تندفع للمساس بقيم المجتمع الوطنية والانسانية, من أجل أن تسود على سلطة أوجدها الأحتلال, لتنوب عنه في ترويض شعبنا,وأن لا تحول مشروعنا الوطني لمطية تركبها لترث الوطن وتستغل تضحيات أبنائه, وأن لا تتلاعب بمصير شعبنا وتضحياته وتحوله لحقل تجارب .
وأن تكون فلسطين, فقط فلسطين البوصلة الوحيدة التي تحكم توجهاتهم, ومسلكياتهم, وقناعاتهم, وتكتيكم و رؤيتهم, ومشاعرهم وكلماتهم ,وعليهم ان يكونوا صادقين مع شعبهم, وأن لا يكتفوا بترديد الشعارات لخداع شعبهم, نريد قيادة توازي تضحيات شعبنا, لا أكثر ولا أقل, لكي نحقق نصرنا بتحرير الوطن وكنس مغتصبيه .
لم أعرف مدى أقتناع الصغيرة بشرحي لها, لكن أكد أنتصار المقاومة في لبنان يقين بأننا حتما لمنتصرون.
لكن عايشت أنا والصغيرة ,حالة تغني بانتصارين,بعد حربين على مدينة غزة, التي سلخت بأرادة وطنية مقاومتية عن الوطن, لتكون استثمار سياسي بأمتياز لمن أجبروها على الأنسلاخ...!
خرجت المدينة من حربين, الأولى ما زال جرحها ينزف من خاسرتها ولم يداوى ,لأن النزيف حالة أعلامية جيدة ,للأستثمار والسيادة بأسم مواجهة الحصار, والثانية بحالة غامضة لوقف أطلاق النار,ضمن ضمانه مصرية ,يبدو انها تعرف من اين يؤكل الكتف ,لذلك جسد غزة المضرج بدمائه سيتم معالجته بأدوية هجينة التصنيع, هدفها التخدير لتهجينها, لتعيش حالة الإنتظار بهدف الأرتزاق,وليس الإنتصار..!
ومن المؤسف أن يمر الغزين بحربين, وهم يعيشون الأنقسام السياسي, والجغرافي, والأجتماعي, واغشى أن يكون ثقافي أيضا... !!
يبدو أن تعريف مفهوم الإنتصار أصبح حكرا لدموغجية البقاء في السلطة, وليس إيجاع العدو وأجباره على التنازل,وتحقيق أهداف لشعبنا على الصعيد السياسي الوطني.
لن أقلل من قيمة حالة المقاومة, التي تحاول أن تواجه المحتل, وتكيل له الضربات, نعم انجزنا هدف بأن نثبت للمحتل, بأن صواريخنا التي تشاركنا بها مقاومة أقليمية,تضرب عمق دولة الاحتلال, ولن يكون لهم أمن طيلة أن الوطن مغتصب.
لكن ان ترتهن المقاومة لقيادات سياسية, كل همها تجير دماء شعبنا, وتجير جهد أبنائه المقاومين ,لصالح مشروع ضيق باهت وطنيا ,هذا الذي يجعلنا بعيدين عن حالة النصر,التي تحلم بها الصغيرة وشعبها.
ولكي يكون الإنتصار حقيقي علينا أن نوحد شعبنا, وأن نتعالى على مصالحنا الفئوية الضيقة, ونخرج شعبنا من اتون الانقسام وأن نكون جديرين بقيادة شعب, أثبت أنه ينتظر الموت في سبيل كرامته,وعلينا أن نعمل شعب وقيادة وتنظيمات ومؤسسات, على توحيد الطاقات والجهود من أجل مواجه العدو ومخططاته بأن تدفع غزة بأتجاه الوطن البديل سيناء ,والضامن الأمين على مصالحه, من أجل تسهيل مخطط السياسي شمعون بيرس بشرق أوسط جديد.
لا يمكن لمقاومة ترتهن لمهادنة العدو بأن تحقق النصر لشعبها, ولا يمكن لقيادة سياسية تعتد بعدد الشهداء كرصيد لها, أن تتشرف بنصر, ولا يمكن لشعب يتعاطى مع الموت كأنه قدره المنتظر, بأن يستحق نصر.
لذلك علينا أن نفعل العقل لكي يقود عواطفنا باتجاه التوحد والالتئام المجتمعي والوطني, ونتعالى على جرحنا, و نرتص في خندق العمل من أجل أن يكون لشهداء رصيد مستقبل مشرف, وأن لا نخسر تضحياتهم في المضاربة في بورصة الأسثمار, بهدف رفع أسهم أحزابنا في سوق التجارة الشعبية.
نود أنتصار يدفع العدو لتراجع عن ألتهامنا مع وجباته الإنتخابية, نود انتصار نخطو به خطوة لو واحدة بأتجاه مشروعنا الوطني التحرري الانساني,نريد أنتصار لا يرهننا لأي تجاذب سياسي خارجي, سواء عربي أو اسلامي أو دولي,نريد أنتصار يرهن فقط شعبنا بأهدافه وتضحياته, لكي في المواجه القادمة يلبي النداء, وأن لا يكون شعب قدره أن يخوض تجارب الملهاة والمأساة..!
لذلك ينتظر شعبنا كما ننتظر بأن يعيش لحظةإنتصار, وعدت بها عجوز مازالت تنتظر في مخيم البريج, وهي تطرز بأبرتها ثوبها لكي تلبسه حين عودتها لقريتها (بيت عفا), التي طردت منها قبل 65عاما,حين زياتي الأخيرة لها كانت محبطة من واقع ان ندعي المقاومة والنصر, ونحن نعيش أنقسام, وأكدت أن المنتصر العدو من أنقسامنا وآلامنا ...








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. لماذا تحظى سيارة بيك أب بشعبية كبيرة؟ | عالم السرعة


.. -بقنابل أمريكية تزن 2000 رطل-.. شاهد كيف علق حسام زملط على ت




.. عودة مرتقبة لمقتدى الصدر إلى المشهد السياسي| #الظهيرة


.. تقارير عن خطة لإدارة إسرائيلية مدنية لقطاع غزة لمدة قد تصل إ




.. قذائف تطلق من الطائرات المروحية الإسرائيلية على شمال غزة