الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الحرية والمخال الكاذب

مجاهد عبدالمتعالي
كاتب وباحث

(Mujahid Abdulmotaaly)

2013 / 1 / 14
اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم


يقول بلسان حاله: من حقي أن أقف أمامكم باسم الحرية التي تؤمنون بها، وألزمكم بمذهبكم فيها أيها الأحرار الأغرار، فكيف تحولون دون ممارستي الحرية في مقاومة أفكاركم التي تسمونها "حرة"، ودليلي السجون التي أودعكم فيها، والمشانق التي أهز حبالها أمام أعينكم إن خالفتم مبادئكم في الحرية ؟!!.
تصمت وتستعيد في ذهنك المثل القديم الذي يكشف السلوك الاجتماعي للعبيد في فترة الرق القديمة، إذ يقول المثل: (العبد إذا جاع سرق، وإذا شبع نكح) أي أن ثنائية النضال الوحيدة عند العبيد ترتكز على هذين العنصرين الجوع والشبع، وارتدادات الثورة عندهم ستكون باتجاه السرقة، أما ارتدادات الرضا فستكون باتجاه النكاح.
بعد هذه الالتفاتة لـ (علم اجتماع العبيد/الرقيق) تسأل نفسك هل هناك بيئات يتشكل فيها نفس الارتدادات وسلوكات التعبير؟ هل هناك ارتدادات أخرى يتميز بها الأحرار، بخلاف جناية السرقة وتنفيس الغريزة لدى المستعبدين؟
بالنسبة للبيئات التي يتشكل فيها نفس الظروف، فمن الممكن تشكل نفس الأنماط، عندما تتكرر نفس البيئة الاجتماعية الضابطة للسلوك الجمعي في سياقات خاصة، تقضي على روح المبادرة الفردية التي يتميز بها الأحرار، وترحب فقط بكل مبادرة تلتمس في ثناياها خاتمة (تقبيل اليد للسيد المطاع)، فمن خلال هذا السيد وبه فقط يستطيع العبيد تكوين ذات خاصة بهم، دون الحاجة لاقتراف (المحرم) في (قمار) الحرية، والسيد المطاع هنا عندما يجد من عبيده من يفكر خارج إطار الرق، فإنه يدرك تلقائياً فوائد التخلص منه بالبيع أو المكاتبة، قبل التأثير على بقية العبيد، هذا إن كان (دكتوقراطي) أما إن كان دكتاتوراً/مستبداً خالصاً يستمتع بحياة السادومازوخية المتبادلة بينه وبين عبيده، فإنه سيرى في قوانين الاستعباد القديمة عن (شراء العبد والعصا معه) مرشداً في بناء المحابس واختيار الجلادين من بقية العبيد.
هل هناك من يؤمن ببيع العبيد وشراءهم في وقتنا الحالي؟ نعم.... الرأسمالية المتوحشة في العالم تؤكد لنا كل يوم أنها النخاسة الأولى، فنراها وقد حرصت على خلق بيئات استهلاكية يصنعون من خلالها معابدهم الخاصة/شركاتهم العالمية، لتصبح فردوساً خاصاً، لا يشاركها فيه إلا أولى العزم من سدنة وكهنة المعبد الرأسمالي، فإن قامت ثورة حرة هنا أو هناك، رأيت هؤلاء الكهنة والسدنة يحفون بها من كل جانب ليعيدوها إلى رشدها وصوابها الاستهلاكي، فلا تغامر بالإنتاجية المستقلة، أو التنمية المستدامة، بل يخلقوا لها شعارات وكلمات جديدة لا تحمل معناها، بقدر ما تحمل واقعاً استهلاكياً جديداً بشروط جديدة تشبه سؤالنا للطفل: هل تريد تفاحة مقشورة أم بدون قشر؟!!.
هل مجتمعات العالم الثالث بمنأى عن الرأسمالية المتوحشة؟ بل هم الطريدة الألذ عبر بني جلدتهم المافيوزيين/مصاصي الدماء، ومنظوماتهم الكمبرادورية، أما شعوب العالم الثالث التي تشكلت بفقه اجتماعي بائد لأجيال آمنت بصاحب (الصرة والسيف) فقد رأت في جيلها الجديد مغامرة (السرقة والنكاح) ليؤكدوا لأنفسهم قبل مستعبديهم، أنهم ليسوا أهلاً للديمقراطية، فكيف يخرج العبيد من الرسن، وهم يصفونه عند كل سائل: بالقلادة الجميلة، والتعويذة المباركة.... ثم يقتربون من أذنك هامسين: هذه تعويذة من سيدنا ضد "الحرية ولعنتها... كفانا الله شرها" تنصرف وأنت ترى أشكال العبيد من حولك تحوقل، لأنك قلت: ليس كل مؤنث بالضرورة تنطبق عليه أحكام الحجاب أوالنقاب عندكم، فالشمس مؤنثة، والحرية كذلك، فيشيرون بأصابعهم للسماء، لترى الشمس وقد احتجبت بسحابة مليئة بالمطر، فتنظر إليهم مرة أخرى، لترى الحرية وقد احتجبت عن عقولهم بسحابة لا تحمل الماء، ولكنها تجيد المخال الكاذب، رغم أنها خواء، إلا من سياط العذاب، فكيف يرجون منها المطر، وهي لا تجيد سوى الرعد والبرق، تريد التهام حقول العبيد المثمرة، فتقرر أخيراً أن لا جدوى، لتنصرف عنهم، وينصرفون عنك تاركين نساءهم وراءهم، وقد اجتمعوا لصلاة الاستسقاء، فتسمع إمامهم يتلو قوله تعالى (إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم) فتهمس مكرراً على نفسك: صدق الله العظيم... صدق الله العظيم.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. -غادرنا القطاع بالدموع-.. طبيب أمريكي يروي لشبكتنا تجربته في


.. مكتب نتنياهو: الحرب لن تنتهي إلا بعد القضاء على قدرات حماس ع




.. وزير الخارجية السعودي يتلقى اتصالًا هاتفيًا من نظيره الأميرك


.. حرب غزة: بنود الخطة الإسرائيلية




.. الجيش الأميركي: الحوثيون أطلقوا صاروخين ومسيّرات من اليمن |