الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حديقة مفتقدة

حوا بطواش
كاتبة

(Hawa Batwash)

2013 / 1 / 14
الادب والفن


(صور من القرية)

"ماما،" جاءني صوت ابنتي ذات الخمس سنوات."دعينا نذهب الى حديقة الألعاب."
اليوم كان يوم عطلة، والوقت بعد الظهر، والبنات بقين في داخل البيت طوال النهار، وزياد غائب عن البيت منذ الصباح الباكر بسبب انشغاله ببعض أعمال الصيانة في بيت والدته، وبيتنا لم يعُد يتّسع للبنات.
"إننا نحتاج السيارة حتى نذهب إلى هناك،" قلت لها، "والسيارة مع أبيك."
عبس وجهها وبدت ملامحها كأنها على وشك البكاء. أسرعت لمواساتها: "سنذهب مشيا الى بيت جدك وجدتك، فما رأيك؟"
"لا أريد. أريد أن أذهب الى حديقة الألعاب!" تذمرت باكية، ولم تفدني كل محاولاتي لإرضائها بأي مشوار بديل. حديقة الألعاب يعني حديقة الألعاب!
فكّرت قليلا. ثم وجدت الحل. اتّصلت بصديقتي حنين وسألتها إن كانت تود الذهاب بالبنات الى حديقة الألعاب. فقالت: "اهه، فكرة حلوة. من زمان لم نكن هناك." من حسن حظي، أو حظنا، وافقت. والجميل في الأمر أن سيارتهم الطويلة ستتسع لنا جميعا.
حديقة الألعاب لم تكن بعيدة على الإطلاق. كانت في القرية اليهودية القريبة، وكانت حديقة جميلة، معتنى بها، كبيرة، مليئة بالألعاب المحببة على الأطفال ومحاطة بالعشب الأخضر من كل الجوانب. كان المكان مريحا وظريفا حقا.
استولت الفرحة على البنات فركضن الى الألعاب ببهجة وسرور. جلسنا أنا وحنين على مقعد خشبي نتأمّل البنات في فرحتهن.
"هذه الحديقة من حظنا،" قالت حنين، "ماذا كنا سنفعل من دونها؟"
"أطفالنا يحتاجونها لإفراغ طاقاتهم. خسارة أننا لا نملك مثلها في قريتنا."
"طوال حياتنا لم نملك مثلها في قريتنا، حتى في صغري كان أبي يأتينا الى حديقة الألعاب القديمة التي كانت في الجانب الآخر من هذه القرية. واليوم نحن نأتي ببناتنا."
"كأن شيئا لم يتغيّر من حينها."
"لا شك أنه تغيّر الكثير، ولكن... ما زلنا نفتقد حديقة الألعاب."
"تعلمين؟ إنني أفتقد تلك الحديقة لدرجة أنني كلما مررت بقرية يهودية ولمحت في كل حي فيها حديقة ألعاب، مهما كانت صغيرة، تنجذب عيناي إليها غصبا عني، وأشعر بالغيرة كما لم أشعر بها من قبل. فلماذا لا يفرح أولادنا بحديقة ألعاب صغيرة مثل أولادهم؟ لماذا يجب أن نأتي إلى قريتهم؟"
"سمعت أنهم يخططون لبنائها قريبا، ولكن الأمر بحاجة لميزانية والمجلس المحلي طوال حياته على الحضيض!"
"الله يعين. سننتظر ونرى."
وبعد أن أشرف الوقت على المساء وقمنا لترك المكان، رأيت امرأة تأتي الى الحديقة قبالتنا، بدت أنها من سكان القرية، أصحاب المكان، ومعها عربة فيها طفل صغير، بينها وبينه شبه كبير، يمسك لعبة بيده. رأيتها تصوّب نحونا نظرات تعجب مضطربة، كأنها تستغرب مناظرنا الثقيلة في هذا المكان... مكانها.
معها حق، فكرت بيني وبين نفسي، وما ذنبها أننا لا نملك حديقة مثل حديقتهم؟

كفر كما/ فلسطين
11.1.13












التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مقابلة فنية | المخرجة ليليان بستاني: دور جيد قد ينقلني إلى أ


.. صانع المحتوى التقني أحمد النشيط يتحدث عن الجزء الجديد من فيل




.. بدعم من هيئة الترفية وموسم الرياض.. قريبا فيلم سعودي كبير


.. المخرج السعودي محمد الملا يتحدث لصباح العربية عن الفيلم الجد




.. الناقد الفني أسامة ألفا: من يعيش علاقة سعيدة بشكل حقيقي لن ي