الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الحرب الفرنسية على القاعدة في مالي، وتأثيراتها الخطيرة

محمد أغ محمد

2013 / 1 / 14
الارهاب, الحرب والسلام


أما قبل:
من الواضح أن فرنسا لم تكن تستعجل الحرب، لأنها منهكة اقتصاديا، وعسكريا، وفي فترة يجب عليها أن تأخذ الدروس من حرب العراق، وأفغانستان، وليبيا.... كما أن الأفارقة على جهلهم بتضاريس الصحراء أنهكتهم الصومال، وساحل العاجل، والمشاكل المتراكمة في غرب افريقيا، وقد تكون الجماعات الإسلامية على معرفة تامة بذلك الضعف، ولهذا تلعب على الوتر الحساس، ففاجأت العالم بالخطة الجديدة.!
الزحف المفاجئ على مالي: الرسالة:
ظاهريا تبدو ملاحقة الحركة الوطنية الأزوادية شبرا شبرا أحداثا غير مرتبطة بالتوجه نحو الشمال، لكن لو ربط المحللون بينها، وتذكروا إجراء تعديلات متزامنة على هياكل التنظيم، وتصريحات القادة بنواياهم الرامية إلى تطبيق الشريعة على مالي كلها لو تذكروا ذلك لفهموا أن تلك الأحداث مترابطة، وتسير لا على "العبثية" بل على "خطى مرسومة"، وأنهم لا تعنيهم منطقة أزواد وحدها بقدر ما تعنيهم الدولة الفقيرة التي أضعفها الانقسام الإثني، والعرقي، والسياسي، والتمرد، والانقلاب، ولاستوعب الجميع الرسالة العاجلة، والتي تكشف عن (مقدار القوة، واستعراض العضلات، ومدى الجرأة، وإمكانية السيطرة الكاملة على دولة مالي في غضون أيام قليلة، وانتزاع الاحترام من مالي، ودول غرب افريقيا بالقوة)، ولا ننفي أن يكون من أهداف الزحف أيضا هو "تجريب مدى استعداد فرنسا للمشاركة في الحرب، وتوصيل إشارة خاطفة نحو موريتانيا، والنيجر، وبوركينا بضرورة التأدب مع جيرانها الجدد"!
هي دلالات بعضها واضحة، ويبقى البعض طي الكتمان إلا أن فرنسا تلقت جيدا ما يعنيها في الرسالة، ووجب عليها الرد في نظرها.


الرد الفرنسي العاجل:
لم تتمالك فرنسا نفسها، حتى وقعت في فخ يبدو للمحلل أنه مقصود من قبل أنصار الدين، فإن فرنسا أكد الجميع عدم استعدادها للحرب على الأقل قبل شهر 9 من العام الجاري، لكن مبررات عديدة تراها الحكومة الفرنسية كافية للإقدام على هكذا مغامرة!، كالتصدي لتنامي القاعدة، ومخاوف أن تسيطر على دولة كاملة، وحماية رعاياها في العاصمة المالية، وأن القاعدة نفسها أعلنت الحرب أكثر من مرة على فرنسا، لكن هل كل هذا يكفي لكي تزج فرنسا نفسها في أتون حرب قد تكون وقودها هي ورعاياها لا في العاصمة فحسب، بل في دول الجوار أيضا؟ وما رأي منظمات حقوق الإنسان في الرد على الاعتداء الإسلامي ضد الدولة، باعتداء جوي على الإنسان! إلا إذا كانت فرنسا ترغب في العودة إلى مستعمراتها من جديد، تحت أي عذر ولو كان أوهى من بيت العنكبوت، وهو رد أقل ما يوصف به أنه غير محسوب النتائج أبدا، وأن تأثيراته السياسية، والأمنية، والإنسانية لا تعد، ولا تحصى.
تأثيرات الحرب على القاعدة في مالي:
بغض النظر عما يقال من أن الغرب إذا أراد احتلال دولة ما، فإنه يضخم من حجم التهديدات الإسلامية لمصالحه، إلا أن هذا التدخل الفرنسي السريع يطرح أسئلة خطيرة، لن يجيب عليها مبرر محاربة الإرهاب، لأن التأثيرات التي يستتبعها هي أكبر من الإرهاب العالمي كله! فإنسانيا سيموت الحجر، والشجر، والبشر معا، ويلقى كل حتفه دون معرفة الجاني، والمجني عليه، وترتفع ظاهرة الهجرة، والنزوح، ومن خلال النازحين سيتسلل كل إرهابي مطلوب، مما يلقينا في المخاطر الأمنية، لأن الأمراض التي يراد استئصالها ستتسلل إلى أجساد دول مجاورة، وتشكل نفسها، كما أن ميلشيات "جاندوكوي" سوف تستغل المظلة الجوية، لتقتنص البيض، وتنتقم، ولا نظن أن الطوارق في الحركة الوطنية لتحرير أزواد، وفي دول الجوار، والعرب أيضا لن يبقوا مكتوفي الأيدي، وأشقاؤهم يتعرضون لأنواع الإبادة، مما يفجر المنطقة مرات عديدة.
إن أهم المخاطر التي ستنجم عنها مواجهات ضد القاعدة طويلة الأمد يكشف عنها كثرة الأطراف المتناحرة، والقوات غير المتكافئة، ولئن كانت فرنسا تعتمد على ترسانتها الجوية، فإن الأفارقة الذين سينزلون على الساحة سوف يتم اقتناصهم بكل سهولة على أيدي الجميع، وهم لا يعرفون طبيعة المنطقة الصحراوية، فبينما تقصف القوات الجوية المدنيين، والإسلاميين، فإن الجنود على الأرض تتم إبادتهم بيسر، مما يسجل في التاريخ مأساة بشرية لم يشهد لها نظير!!!
وستنعكس الحرب بدون شك سلبا على إيجاد حل سريع لقضية الأزواديين التاريخية، وهم لن ينسوها أيضا، مما يعني المزيد من التعقيد، والضبابية على مستقبل المنطقة برمتها، وإلى مسلسل من مشاكل لا خاتمة لها!.
الخاتمة
كلما أعدنا النظر في تحليل الأزمة المالية الأزوادية، اكتشفنا أنه لا حل سوى حل الحوار، والتزام الهدوء، وفي هذا السيناريو التي ألقتنا فيه جماعة أنصار الدين، ووجدت تفاعلا مريبا من فرنسا فقد ضيعتا معا العديد من الفرص، ولن يكون هناك ناجح بمنطق السلاح في الوقت العاجل، والمؤكد أن الخاسر الأول، والأخير هو الشعب الأزوادي المغلوب على أمره، والواقع تحت نيران الأقوياء من كل جانب، ثم دول الجوار، خاصة الضعيفة كموريتانيا، والنيجر، وبوركينا، ومن ثم الدول ذات المصالح في المنطقة الساحلية، لذلك على العالم التريث، ووضع ألف حساب لما ستؤول إليه الأمور، ومحاولة إيجاد شريك وطني داخلي، أزوادي، لعله يخفف من تفاقم الأزمة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تشاد: المرشحون للانتخابات الرئاسية ينشطون آخر تجمعاتهم قبيل


.. رويترز: قطر تدرس مستقبل مكتب حماس في الدوحة




.. هيئة البث الإسرائيلية: تل أبيب لن ترسل وفدها للقاهرة قبل أن


.. حرب غزة.. صفقة حركة حماس وإسرائيل تقترب




.. حرب غزة.. مزيد من الضغوط على حماس عبر قطر | #ملف_اليوم