الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أسماك الطائفية وحيتانها

ساطع راجي

2013 / 1 / 14
مواضيع وابحاث سياسية


لا صفة توجه لها الشتائم هذه الايام في العراق مثل صفة "الطائفية" التي تبدو كراهيتها المعلنة واحدة من الاشياء القليلة التي يتفق عليها العراقيون، لكن كراهية الطائفية ليست شعورا واضحا وثابتا كما هي في الكلام، فالكثيرون ممن يلعنون الطائفية إنما يقصدون "طائفية الاخرين" بينما يعتبرون انفسهم فوق شبهة الطائفية رغم الاسماء والشعارات والرايات والحكايات التي يستخدمونها في إعلامهم وتظاهراتهم، وأعني طرفي الازمة العراقية الراهنة.
رافضو الطائفية من الساسة انما يكذبون على انفسهم وعلى جماهيرهم ويخدعونهم حينما يعلنون رفضهم للطائفية لأن لا أحد ممن يشغلون منصبا او يحتلون موقعا ظاهرا أو مستترا في ادارة البلاد إلا وكان للطائفية الفضل الاول عليه ولولا هذه الطائفية لما رأينا هؤلاء الذين يشتمونها يديرون بلادنا ويتحكمون بمؤسساتها ودرابينها، لكن هذه اللعبة لاتدور في غفلة تامة من الجمهور بل ان الجمهور هو من صار يتغافل ويخدع نفسه أيضا، صار يشتم الطائفية لكنه يعني طائفية أعدائه لا طائفيته هو التي يراها الحق الذي لا غبار عليه، بل ان هذا الجمهور صار لايتردد في أن يكون أسماكا عمياء أحيانا بفعل المشاعر الطائفية ويذهب مباشرة الى ظلمة بطون حيتان الطائفية، الحيتان ذاتها التي تشتم الطائفية.
علينا كمواطنين أن نسأل أنفسنا فعلا الى أي حد نحن طائفيون؟، لماذا نتناسى ظلم وفساد وخداع قادتنا لنا حتى لو هدموا بيوتنا على رؤوسنا فقط لأنهم من أبناء طائفتنا؟، لماذا نضحي من أجلهم ونتعرض للقتل والتهجير والاذلال والاعتقال بينما لايقدمون هم على أية تضحية من أجلنا؟، لماذا نتظاهر من أجلهم عندما يتعرضون هم او المقربون منهم أو مصالحهم للاذى فقط لأنهم من أبناء طائفتنا بينما لايفعلون هم شيئا لإنقاذ كرامتنا او ابنائنا ولو بالتنازل عن مواقعهم احتجاجا على هدر حقوق ابناء طائفتهم؟، لماذا نقاتل ليحصل ابن الطائفة على موقع قيادي في الدولة بينما هو لايفعل شيئا لانقاذنا من البطالة؟، لماذا نتظاهر لنحافظ على موقع ووظيفة إبن الطائفة الذي تنكر لاصواتنا ثم لم يبذل اي جهد للحفاظ على مصالحنا؟، لماذا نشتم إبن الطائفة ونتهمه بالفساد والفشل والظلم ولكننا نرفض اتهام الاخرين له بالفساد والفشل والظلم؟، سيقول كل الطائفيون انهم لم يفعلوا شيئا مما قلته هنا نصرة لشخص بل دفاعا عن مكون واسع ومع ذلك ينفجر سؤال آخر، لماذا لانتذكر مظلومية وبؤس "مكوننا" الا عندما تتعرض مصالح أشخاص بعينهم للخطر، ثم نتناسى تلك المظلومية وذلك البؤس بعدما يضمن هؤلاء الاشخاص مصالحهم.
الطائفي لايعترف بطائفيته وعلى الاغلب هو لايدركها لكن يمكن إكتشافه بسهولة عندما يتحول الى سمكة عمياء تدخل الى جوف الحوت بارادتها وفي الظلمة تبقى تتخبط بين شعور الغضب بسبب الخديعة وشعور الرضى لأنها في بطن حوت من طائفتها.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تونس: البدأ بترحيل مهاجرين أفارقة الى بلدانهم، فما القصة؟ |


.. هجوم إلكتروني على وزارة الدفاع البريطانية.. والصين في قفص ا




.. -سابك- تستضيف منتدى بواو الآسيوي لأول مرة في الرياض


.. السياحة ثروات كامنة وفرص هائلة #بزنس_مع_لبنى PLZ share




.. المعركة الأخيرة.. أين يذهب سكان رفح؟ | #على_الخريطة