الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الشعب السوري بين عنوسة النظام واغتراب النعارضة

هدى سليم المحيثاوي

2013 / 1 / 15
مواضيع وابحاث سياسية


الشعب السوري بين عنوسة النظام واغتراب المعارضة
لسوء حظه, يعيش الشعب السوري بين طرفين يتمترس كل منهما في الضفة المعاكسة من النهر للآخر فلا يجمعهما حديث أو تفاوض ولا أية محاولة لدرء الخطر عن سوريا التي ينهش كيانها الهدم والتدمير باضطراد تتسارع وتيرته. فبينما يغرق الشعب في دمه تطفو على السطح طموحات كل من الطرفين بتحقيق أحلامهما ,وأحيانا أوهامهما لتكون المحرك الأساسي لسلوكهما ناسيين أو متناسيين مايعانيه الشعب من برد وجوع وتشرد ؛هذا الشعب الذي كان يعاني قبل الثورة من إجرام النظام وسياسته في التجويع والتخويف. والذي انقلب أمله بالتغيير الثوري إلى خيبة أمل بكل من وعده بالدعم ومساندة في ثورته داخلياً وخارجياً,محلياً وإقليمياً, عربياً ودولياً كما لو أن العالم لا يريد لثورته هذه أن تنجح ..
فالحرب الشرسة التي يشنها النظام على شعبه .ربما نجدها نتيجة طبيعية لاكتئاب العنوسة ,الذي يبدأ مع سن الأربعين وهو عُمر النظام .وهكذا فإن النظام السوري العانس كالمرأة العانس " لم يعد يجد شريكا له حتى وإن كان يرغب بالزواج ".النظام السوري اليوم هو تلك العانس التي تحاول أن تلملم آخر ملامح الجمال لديها لتبدو وكأنها مازالت مرغوبة وإنَ بإمكانها أن تُحِب و تُحَب, ولكن لن يُصلح العطار ما أفسد الدهر فكيف يُصلح ما أفسده هذا النظام !!هذه المقاربة النفسية للنظام بالعانس تجعله وككل عانس حاقد وبشكل لاشعوري على كل البدائل الأخرى التي تتفوق عليها وهذا الحقد يدفعها بإسقاط كل ماهي فيه على الآخرين لتتجاهل كل من يزيد شعورها بالعنوسة .ولكم كان الأسد محقا في خطابه ,عندما أكد انه لم يجد شريكا مناسبا وأن كل المنافسين له هم ليسوا بنظره أكثر من إرهابيين أو سلفيين. أوليست هذه هي أخلاق العانس المفلسة والتي تنكر عنوستها بإسقاط الصفات النفسية وبالعدوانية .النظام السوري العانس يريد أن يقول أنه لازال جميلا وقادراً على الإنجاب والتوريث بلا شك , بل يريد أن بقول أنه الوحيد الصالح للحُكم وإدارة البلد. لا وبل رفع شعار مقاونة, كان يوماً في مواجهة اسرائيل ,يصبح اليوم في مواجهة الإرهاب . وبما أن الثورة هي الخيار الأقدس حيث انتظر السوريون أربعة عقود لتمثل هذا الخيار وعدم التراجع عنه ,أبدى الشعب السوري شجاعة على مستوى هذا الخيار بعد أربعين عاما من الخوف .ولكن كم هي كبيرة خيبة هذا الشعب , عندما يرى أن من يمثلون الثورة سياسيا لا يرقون إلى مستوى تضحياته وتطلعاته . فمابين انشغالات المعارضة بالحصول على الاعترافات الدولية من دول أثبتت أنها لا تقل دناءة عن روسيا أو إيران وذلك نتيجة مصالحها المرتبطة بالأسد ومابين غرق الشعب السوري بدمائه تضبع البوصلة وتخيم المخاوف فوق سوريا .أن عدم اكتراث النظام بآلام الشعب السوري بل والتلذذ بمعاقبته ماهو إلا دليل نفسي على اكتئاب العنوسة التي بلغها .أما المعارضة فهي ومن خلال سعيها وتوسلها للدعن الدولي فقد خسرت اعتراف الشعب السوري بها بعد ان أدرك أنها لم تتمكن من ملامسة معاناته أو من تقديم العون المادي أو المعنوي له على عكس الشريعة الشعبية التي اكتسبها مقاتلو الجيش الحر :الممثل الداخلي والحاسم للثورة .فهؤلاء لم يكتفوا بالدور العسكري وتحقيق السيطرة الميدانية وإنما أظهروا ما أظهروه من روح وطنية عالية رغم الأخطاء والتجاوزات التي تظل هامشية برأيي. فقد عملوا على محاولة تأمين الطعام والمواد الأولية التي يحتاجها أفراد شعبهم فاحتفظوا بسوريتهم وواجبهم الإنساني والإخلاقي ,إلى جانب الواجب الذي تبنوه بمواجهة نظام الأسد ,بنفس سلاحه.لماذا لم يكن الإئتلاف الوطني على هذا المستوى من الإبداع ؟ وإذا كان قد فشل فلماذا لايرجع ممثليه إلى سوريا ليكونوا بجانب الشعب كمواطنيين وليس كسياسيين ..إني أرى أنه كما سعى النظام لتغطية وجهه الإجرامي بغطاء الممانعة والمقاومة ,يسعى الإئتلاف لتغطية عجزه عن مساندة وتنفيذ المهمة التي شُكِل من أجلها ببعض الخطابات البلاغية التي لايمكنها أن تُضمِد الجروح السورية .
إذاً مع كل هذه المظاهر من الشرخ والقطيعة إن كان بين النظام والثورة من جهة أو بين الشعب وممثليه من جهة أخرى أو حتى بين أطياف الشعب السوري من موالين للنظام ومقدسيين للثورة من جهة ثالثة , فإننا بحاجة إلى طرف ثالث تكون قدرته على الرؤية أسلم و أوضح .نحن بحاجة إلى حزب أو حتى للإتلاف نفسه شرط أن يتبنى تطلعات الداخل أو يتواجد مع أفراده .عليه أن يعيش مع مأساة الشعب لا أن يتركهم ويهرب بجلده .الطرف الثالث الذي أقصده هو المحتوى للمثقفين ونشاطاتهم بحيث يخرج بها من النطاق الفردي إلى العمل المشترك بعد أن غيبته كل أنواع الأسلحة. فمن المهم وبعد كل التلونات التي اصطبغت بها الثورة أن ترفع هذه الفئة رأسها وتحتل موقعها الذي سيوازن بين ماتحتله الجهات الإسلامية المتطرفة من جهة وبين الموقع الذي يحاول الموالون للنظام التمسك به والخفاظ عليه .إذن لابد من وجود عمل ثقافي بصفة رسمية, بعيدة عن الفردانية من جهة,وعن الولاء لأي جهة إن كانت طائفية أو دولية أو المصلحة الشخصية والرغبة بالسلطة.يمكن لمثل هكذا إطار أن ينطوي تحته الكثيرين ممن لم يجدوا لهم دور في العمل المسلح .هكذا يكون الولاء الأعلى لسوريا وسوريا فقط .فإذا استطاع الالتزام بهذا الهدف ,فإنه سيتمكن من الجمع بين كل من الأطراف ليختزل البعد بينهم على أمل انتقال سلمي للمواطن السوري إلى دولة تتسع للجميع . وإن كنا نشاهد أن الثورة المضادة في كل من تونس ومصر ,جاءت أعنف وأشد من الثورة ذاتها فمن المتوقع ,في ظل غياب إطار جامع للسوريين ,أن تكون الأخطار في سوريا أشد ضراوة خاصة إذا مااستمر الجميع بالتمسك الصارم بوجهة نظره بعد سقوط النظام وتناسي البلد المشترك للجميع. نحن الآن وأكثر من أي وقت مضى بحاجة إلى من يرى من خلاله أفراد الشعب عزاء للآلام التي تحملوها ,وللآمال التي بنوها على الثورة بعد كل ماعانوه ولاقوه من تشرد ونزوح وبرد وجوع ..
في سوريا نحتاج مسيحا,لايحب العلو ,يخلصنا من آلامنا ولايبشر بالقيامة ,لايغير إيقاعه إلا ليسمع صوت .. شعبه








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تزايد اهتمام المغرب وإسبانيا بتنفيذ مشروع الربط القاري بينهم


.. انقسام داخل إسرائيل بشأن العملية العسكرية البرية في رفح




.. الجيش الإسرائيلي يصدر مزيدا من أوامر التهجير لسكان رفح


.. تصاعد وتيرة الغارات الإسرائيلية على وسط قطاع غزة




.. مشاهد لعاصفة شمسية -شديدة- ضربت الأرض لأول مرة منذ 21 عاماً