الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


متى نرى خوسية موخيكا الفلسطيني

عطا مناع

2013 / 1 / 16
حقوق الانسان


بقلم – عطا مناع
ما بين الفقر والوعي الطبقي بون شاسع، ولطالما كان الفقر المسلح بالفقر المحرك الرئيسي للتغيير والانقضاض على الطبقات التي تسيطر على خيرات الشعوب، فمع ظهور الحضارة ولد الصراع الطبقي بين السواد الأعظم من الطبقات الفقيرة والطبقة المسيطرة على وسائل الإنتاج والمدعومة من الدولة والمؤسسة الدينية، وعملت هذه الطبقة على إحلال الإيمان بالغيبيات واستخدام ما توفر لها من وسائل للسيطرة على الطبقات المقهور سواء باستخدام سياسة العصا المتمثلة بالبوليس والسجون وكل ما يتوفر للدولة، وبما أن هذه الوسائل لا تكفي لكبح جماح التكوين الطبقي فقد استندت للبعد الثقافي والقيمي كوسيلة ناجعة للانقضاض على الشرائح المؤهلة لإحداث التغيير وهذا مربط الفرس.
قد لا احتاج للتسلح بالأمثلة والأرقام والدراسات البحثة لإثبات أن المجتمع الفلسطيني يئن تحت ظاهرة غير مسبوقة من الفقر جراء اتساع الهوة بين طبقات الشعب، والخطير في ظاهرة الفقر هذه هو التحالف الغير مقدس ما بين الرأس المال بإشكاله المختلفة الذي يفترض أن يكون رأس مال وطني وبين الطبقة الممسكة بزمام البلد الذي تتنازع علية قوى دولية وعربية لتفريغ القضية الفلسطينية التي لا زالت تدور في فلك حركات التحرر الوطني من مضمونها .
أن ينقسم المجتمع ما بين غني حتى التخمة وفقير يكاد يطبخ الحجارة هو أمر خطير، والأخطر أن تسود سياسة الاستهلاك والتكسب وشراء الذمم من خلال السيطرة على الفرد بالوظيفة التي تدفعه لرفع شعار" المهم يسلم راسي" معتقداً انه باعتناق هذه الفلسفة سيسلك طريق السلامة متناسياً أن فلسطين تحت الاحتلال من رأسها إلى أخمص قدمها، وان ما يطرح من قبل المتنفذين ما هو إلا سراب والدليل على ذلك التأكيدات التي تلقاها شعبنا الفلسطيني من قبل رئيس الحكومة سلامة فياض بأننا على أبواب المأسسة وان هذا الشعب جاهز لتجسيد الدولة، هذا النهج الذي شكل للبسطاء من أبناء الشعب إبرة مورفين لكنهم سرعان ما اكتشفوا وبالاستناد للواقع المعاش ديماغوجية هذا الخطاب الذي سقط أمام الحقيقة التي تقول أن السلطة الفلسطينية تعجز عن دفع رواتب جيش الموظفين لديها.
من ضمن ما أثار إعجاب الكثيرين فلسفة الحياة التي اعتمدها رئيس وزراء الاوروغواي خوسية موخيكا الذي يصنف كأفقر رئيس دولة في العالم، ويقدر راتب السيد موخيكا بحوالي 12 ألف و500 دولار وهو مبلغ يكفي أن يعيش في بحبوحة اقتصادية لكنة قرر أن يتبرع بحوالي 90% من راتبه للفقراء ولصالح الأعمال الخيرية وابقي على مبلغ 1250 دولار للعيش منها كما قرر أن يسوق سيارة "فولكس فايجن"، ويعتقد الرئيس خوسية موخيكا أن هذا المبلغ يكفيه خاصة أن الكثير من أفراد شعبة يعيشون بالفقر ولا يتوفر لهم القليل للعيش.
مثال خوسية موخيكا ليس بالفريد فكان الرئيس الراحل جمال عبد الناصر يعيش كمواطن عادي لدرجة على راتبه الذي لم يتجاوز آل 395 جنية و60 قرش و7 مليم، وحسب معلومات رسمية للجهات التي حصرت ثروة عبد الناصر بعد وفاته فلم يترك وراءه شيئا سوى بعض البدلات والأحذية واسهم معنوية في بعض الشركات الوطنية، وسجلت اللجنة أن الرئيس الراحل كان قد توجه للبنك للحصول على قرض بهد تزويج واحدة من بناته .
الأمثلة كثيرة في هذا المجال، ونحن لسنا بحاجة للقول أن الواقع الفلسطيني الاقتصادي وصل لنقطة الصفر على صعيد الطبقات الشعبية، ما ساعد في اتساع رقعة الإحباط واليأس لدى الطبقات الأكثر فقراً في المجتمع وبالتحديد التي تقطن في المخيمات وفي هذا لدي حديث خاصة أن المجتمع الفلسطيني فقد توازنه جراء السياسات الحكومية التي تحرض شرائح المجتمع على بعضها البعض معتقدة أنها بهذا النهج العقيم ستسيطر على الحال الراهنة التي عبرت عن نفسها قبل أشهر بحراك ضد سياسة الحكومة الاقتصادية المتحالفة مع البنوك ورأس المال والشركات الكبيرة التي تمتص دم المواطن دون رقابة.
ما سبق يضع حكومتنا في مأزق أخلاقي، كيف تقبل حكومتنا أن يعيش شعبها الفقر المدقع لدرجة أن بعض العائلات لا تستطيع أن توفر قوت يومها ما يضطر أرباب الأسر الفقيرة للتسول على أبواب المؤسسات سواء الرسمية أو المدنية التي تخلت عن واجبها في مساعدة الفقراء، وقد يقول قائل أن الحكومة تشغل السواد الأعظم من الشعب وان الرواتب وحدها تصل لحوالي 150 مليون دولار، لكنني أتساءل وعلى لسان المواطن .... هل أصبح دور الحكومة جمع التبرعات والتسول أمام أبواب الحكومات العربية والأجنبية لتوفير الرواتب؟؟؟؟ وهل هناك عدالة اجتماعية حتى على صعيد الوظيفة؟؟؟؟ هل هناك موظفين لا يستطيعوا العيش من رواتبهم؟؟؟؟؟ ماذا عن بعض الموظفين الكبار الذين لم يكتفوا بالراتب ليمارسوا السطو في وضح النهار على حقوق الشعب؟؟؟؟ هل العلاج متوفر للفقراء؟؟؟؟؟ أين الفقراء من التعليم وهل أصبح التعليم طبقيا بمعنى من يملك يتعلم ومن لا يملك في ستين داهية؟؟؟؟ هل أصابنا العمى تجاه القطط السمان التي تنهش لحم الشعب وتتلاعب به؟؟؟؟؟ كم مليونير وكم مدير عام وكم تفريغ غير مبرر وكم مساعدة غير عادلة تقدم يومياً أو أسبوعيا لان هذا صاحب فلان وهذا ابن عم علان؟؟؟؟ لماذا لا تسود العدالة في هذا المجتمع ويخرج علينا كبار الموظفين من نواب ومدراء عاميين ووزراء لضربوا لنا مثلاً محترماً ويحتذوا برئيس الاوروغواي خوسيكا موخيكا؟؟؟؟ أليس علينا أن نعيش كشعب تحت الاحتلال بعيداً عن البذخ وصرف السيارات والعلاوات وبدل السفريات؟؟؟؟
إن الشعب الفلسطيني لا زال يرزح تحت وطأة الفقر ولا أبرء الاحتلال الإسرائيلي المسئول الأول عن الأوضاع التي نعيشها، لكن ألا نتحمل المسئولية نحن الفلسطينيين الذين اعتقدنا أننا أصبحنا نضاهي الصين في مؤسساتنا ووزرائنا ونوابنا وبذخنا؟؟؟؟ متى تصحوا الحكومة وتعلن للشعب أن من حق كل مواطن أن يأكل؟؟؟؟؟ الم يسمعوا بذلك الرجل الذي يقول لزوجته اذهبي واحضري مئة شيكل؟؟؟؟ الم يستطيعوا أن يقرؤا الحالة الصعبة التي قادتنا لاسؤء أنواع الرذيلة؟؟؟؟؟؟ اليوم سمعت من احد المسئولين أن احدهم وهو مسئول مؤسسة إعلامية وراتبه يفوق الخيال لا سقف له يتقاضى راتب بحكم أنة أسير؟؟؟؟؟ والمشكل أن هناك الآلاف من الأسرى المحررين الذي لا يجدون قوت يومهم؟؟؟؟ أين العدالة في ذلك هل من القانوني أن يحصل البعض على أكثر من راتب؟؟؟؟؟؟ هل يحق للسلطة الفلسطينية أن تتعامل مع الفلسطينيين من منطلق ضيق أم أنها المسئول الأول عن معيشتهم من منطلق المساواة في الظلم عدالة والموت مع الجماعة رحمة.
هي أبجديات تتعاطى فيها حركات التحرر الوطني والشعوب التي تطمح للعيش بكرامة، لكن من يعلق الجرس ويخرج عن السرب واضعاً خلف ظهره كل هذا الوخم الذي نعيش معتقداً بمثل الرئيس خوسية موخيكا، أم أن هذا الرجل لم تلده امة بعد.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - اللي استحوا ماتوا
عتريس المدح ( 2013 / 1 / 16 - 15:30 )
لم يقف الحد عند افقار الشعب، بل وصل الامر الى حد العيش ببذخ واسراف كبير على قفا هذا الشعب،الوزراء وآخرون من مدراء عاميين لا يتنقلوا الا بمواكب وسيارات دفع رباعي ومع ثلاث او اربع سيارات مرافقة مع حد ادنى من أربع حراس شخصيين ومرافقين، في المقابل الكثير من المناضلين تركوا اسرهم بلا معيل بسبب السجون والكثير من أفراد عائلاتهم لا يجدون ما يكفي للمعالجة والتعليم والصحة والسكن، المطلوب من الشعب أن يهز أكتافه بعنف زلزال لعل أوراق الخريف تسقط عن الغصون والفروع

اخر الافلام

.. عراقيون كلدان لاجئون في لبنان.. ما مصيرهم في ظل الظروف المعي


.. لدعم أوكرانيا وإعادة ذويهم.. عائلات الأسرى تتظاهر في كييف




.. كأس أمم أوروبا: لاجئون أوكرانيون يشجعون منتخب بلادهم في مبار


.. أزمة اللاجئين في مصر: مطالب بدعم دولي يتناسب مع أعباء اللاجئ




.. هغاري: الجيش الإسرائيلي سيواصل العمل من أجل خلق الظروف لاستع