الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مصائر مذهب كارل ماركس التاريخية

فلاديمير لينين
(Vladimir Lenin)

2022 / 3 / 15
الارشيف الماركسي


كتب لينين مقال »مصائر مذهب كارل ماركس التاريخية« بمناسبة الذكرى الثلاثين لوفاة كارل ماركس.
الاربعاء 23 مارس 2005

إن الرئيسي في مذهب ماركس، هو أنه أوضح دور البروليتاريا التاريخي العالمي، بوصفها بانية المجتمع الاشتراكي. فهل أكد مجرى الأحداث في العالم بأسره صحة هذا المذهب منذ أن عرضه ماركس؟
لقد صاغ ماركس هذا المذهب للمرة الأولى في عام 1944، و«البيان الشيوعي»، الذي كتبه ماركس وانجلس، والذي صدر عام 1848، يعطي عن هذا المذهب عرضا كاملا منهاجيا، هو خير عرض لهذا المذهب حتى اليوم. ومذ ذاك ينقسم التاريخ العالمي بوضوح إلى ثلاث مراحل رئيسية: 1) من ثورة 1848 إلى كومونة باريس (1871)؛ 2) من كومونة باريس إلى الثورة الروسية (1905)؛ 3) ابتداء من الثورة الروسية.
لنر إلى مصائر مذهب ماركس في كل من هذه المراحل.
1) في بداية المرحلة الأولى، كان مذهب ماركس أبعد من أن يكون المذهب السائد. فلم يكن سوى فرع أو تيار من فروع أو تيارات الاشتراكية، الكثيرة جدا. أما الأشكال التي كانت سائدة في الاشتراكية، فقد كانت الأشكال التي تتقارب، من حيث الجوهر، مع «الشعبية» عندنا: عدم فهم الأساس المادي للتطور التاريخي، العجز عن اكتناه دور وأهمية كل من طبقات المجتمع الرأسمالي، تمويه الطبيعة البرجوازية للتحولات الديموقراطية بمختلف التعابير الاشتراكية المزيفة حول «الشعب»، و«العدالة»، و«الحق» الخ..
وقد جاءت ثورة 1848 تسدد ضربة قاتلة لجميع هذه الأشكال الصاخبة، المبرقشة، اللاغطة، لاشتراكية ما قبل ماركس. ففي جميع البلدان، أظهرت الثورة مختلف طبقات المجتمع قيد النشاط والعمل. وجاءت مذبحة العمال من جانب البرجوازية الجمهورية في أيام حزيران (يونيو) 1848، بباريس، تحدد نهائيا الطبيعة الاشتراكية للبروليتاريا وللبروليتاريا وحدها. فإن البرجوازية الليبرالية قد خشيت استقلال هذه الطبقة أكثر مما خشيت الرجعية أيا كانت بمئة مرة. وقد زحفت الليبرالية الجبانة أمام هذه الرجعية. واكتفى الفلاحون بإلغاء بقايا الإقطاعية وانتقلوا إلى جانب النظام؛ ونادرا ما ترجرجوا بين الديموقراطية العمالية وبين الليبرالية البرجوازية. وتكشفت جميع المذاهب التي تقول باشتراكية لاطبقية، وبسياسة لاطبقية، عن ثرثرة باطلة.
وكانت كومونة باريس (1971) خاتمة هذا التطور من التحولات البرجوازية. وفقط لبطولة البروليتاريا، تدين الجمهورية برسوخها، أي هذا الشكل من تنظيم الدولة، التي تتجلى فيه العلاقات بين الطبقات بأقل المظاهر تمويها.
وفي جميع البلدان الأوروبية الأخرى كان التطور أشد غموضا وأقل اكتمالا، إلا أنه أدى إلى نشوء مجتمع برجوازي كامل التطور نفسه. وفي أواخر المرحلة الأولى (1848 - 1871)، مرحلة العواصف والثورات، ماتت اشتراكية ما قبل ماركس؛ وولد حزبان بروليتاريان مستقلان: الأممية الأولى (1864 - 1872) والاشتراكية-الديموقراطية الألمانية.
2) تمتاز المرحلة الثانية (1872 - 1904) عن المرحلة الأولى بطابعها «السلمي»، بانعدام الثورات. فقد انتهى الغرب من الثورات البرجوازية، ولما ينضج الشرق لهذه الثورات.
ودخل الغرب في مرحلة التحضير «السلمي» لعهد التحويلات المقبلة: ففي كل مكان تشكلت أحزاب اشتراكية، أساسها بروليتاري، أخذت تتعلم استخدام البرلمانية البرجوازية، وإصدار صحافتها اليومية، وإنشاء مؤسساتها التثقيفية، ونقاباتها، وتعاونياتها. وأحرز مذهب ماركس انتصارا كاملا وأخذ يمتد ويتسع. وببطء، ولكن برسوخ، تطور انتقاء وحشد قوى البروليتاريا، وإعدادها للمعارك المقبلة.
إن ديالكتيك التاريخ يرتدي شكلا يجبر معه انتصار الماركسية في حقل النظرية أعداء الماركسية على التقنع بقناع الماركسية. وقد حاولت الليبرالية، المهترئة في داخلها، أن تستأنف نشاطها تحت ستار الانتهازية الاشتراكية. وقد فسروا مرحلة إعداد القوى للمعارك الكبيرة بأنها عدول عن هذه المعارك. وكانوا يقولون أن تحسين أوضاع العبيد بغية النضال ضد العبودية المأجورة ينبغي أن يجري بطريقة يتنازل فيها العبيد عن حقوقهم في الحرية لقاء فلس واحد. وكانوا يدعون بجبن إلى «السلام الاجتماعي» (أي إلى السلام مع العبودية)، والى الإقلاع عن النضال الطبقي، الخ.. وكان لهم أنصار عديدون جدا بين البرلمانيين الاشتراكيين وبين مختلف الموظفين في الحركة العمالية وبين المثقفين «المحبذين».
3) وكان الانتهازيون لما ينتهوا من تمجيد «السلام الاجتماعي» وإمكانية اجتناب العواصف في ظل «الديموقراطية» حتى تفجر في آسيا ينبوع جديد من العواصف العالمية الكبيرة. فبعد الثورة الروسية، قامت الثورة التركية، والإيرانية، والصينية. وإننا لنعيش اليوم بالضبط في عصر هذه العواصف و«تأثيرها بالاتجاه المعاكس» في أوروبا. وأيا كان مصير الجمهورية الصينية العظيمة، التي تستثير اليوم لعاب شتى أضراب الضباع «المتمدنة»، فما من قوة في العالم تستطيع أن تعيد الإقطاعية القديمة في آسيا، ولا أن تكنس من على سطح الأرض النزعة الديموقراطية الباسلة لدى الجماهير الشعبية في البلدان الآسيوية وشبه الآسيوية.
إن المماطلات الطويلة لخوض نضال حاسم ضد الرأسمالية في أوروبا قد دفعت إلى أحضان اليأس والفوضوية بعض الناس الذين قليلا ما يهتمون بشروط تحضير النضال الجماهيري وبشروط تطويره. وإننا لنرى الآن إلى أي حد من صغر النفس وقصر النظر يبلغ هذا اليأس وهذه الفوضوية.
إن ما ينبغي أن نستمده من كون آسيا التي تعد ثمانمئة مليون إنسان قد انجذبت إلى غمرة النضال في سبيل نفس المثل العليا الأوروبية، ليس اليأس، بل الشجاعة.
إن الثورات الآسيوية قد بينت لنا نفس ما تتصف به الليبرالية من ميوعة وخساسة، نفس الدور الاستثنائي الذي يضطلع به استقلال الجماهير الديموقراطية، نفس التمايز الدقيق بين البروليتاريا وبين البرجوازية من كل شاكلة وطراز. إن من يتحدث، بعد تجربة أوروبا وآسيا، عن سياسة لاطبقية وعن اشتراكية لاطبقية، إنما لا يستحق غير وضعه في قفص وعرضه إلى جانب كنغر أوسترالي.
وعلى اثر آسيا، أخذت أوروبا تتحرك ولكن على غير الطريقة الآسيوية. لقد ولّت إلى الأبد المرحلة «السلمية»، مرحلة 1872 - 1904؛ فإن الغلاء ووطأة التروستات يؤديان إلى تفاقم النضال الاقتصادي تفاقما لا سابق له، تفاقم هز العمال الإنجليز بالذات، الذين أفسدتهم الليبرالية أكثر من سائر العمال. وأمام أنظارنا، تنضج أزمة سياسية حتى في أكثر بلدان البرجوازية واليونكر ]] اليونكر، طبقة من كبار ملاكي الأراضي النبلاء في روسيا. (الناشر)[[ «عصمة»، أي في ألمانيا. إن جنون التسلح والسياسة الإمبريالية يجعلان من أوروبا الحالية «سلاما اجتماعيا» يشبه بالأحرى برميلا من البارود. ناهيك بأن تفسخ جميع الأحزاب البرجوازية ونضوج البروليتاريا ما ينفكان في اطراد دائم.
منذ ظهور الماركسية، جاءت لها كل من المراحل الكبيرة الثلاث من التاريخ العالمي بتأكيدات وبانتصارات جديدة. ولكن المرحلة التاريخية المقبلة ستحمل للماركسية، بوصفها مذهب البروليتاريا، انتصارا أروع أيضا.
«البرافدا»، العدد 50، 1 آذار (مارس) 1913
التوقيع: ف . ا








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - تلخيص رائع للتاريخ
سعاد خيري ( 2009 / 7 / 31 - 10:10 )
ومدخل للعصر المختلف نوعيا بفضل الثورة العلمية التكنولوجية الذي يفرض تطورا نوعيا في نهج ووسائل واساليب الكفاح لتحرير البشرية


2 - خطأ في التاريخ
مصطفى محمد غريب ( 2009 / 7 / 31 - 10:14 )
هناك خطأ في التاريخ الذي ذكرتموه في مقدمة المقال صاغ ماركس ليس في عام 1944 كما ذكر بل في عام 1844 للعلم رجاء


3 - هل تنطبق تلك الاقوال؟
محمد البدري ( 2010 / 5 / 12 - 02:01 )
بعد قراءة الفقرة -إن ديالكتيك التاريخ يرتدي شكلا يجبر معه انتصار الماركسية في حقل النظرية أعداء الماركسية على التقنع بقناع الماركسية. وقد حاولت الليبرالية، المهترئة في داخلها، أن تستأنف نشاطها تحت ستار الانتهازية الاشتراكية. وقد فسروا مرحلة إعداد القوى للمعارك الكبيرة بأنها عدول عن هذه المعارك. وكانوا يقولون أن تحسين أوضاع العبيد بغية النضال ضد العبودية المأجورة ينبغي أن يجري بطريقة يتنازل فيها العبيد عن حقوقهم في الحرية لقاء فلس واحد. وكانوا يدعون بجبن إلى «السلام الاجتماعي» (أي إلى السلام مع العبودية)، والى الإقلاع عن النضال الطبقي، الخ.. وكان لهم أنصار عديدون جدا بين البرلمانيين الاشتراكيين وبين مختلف الموظفين في الحركة العمالية وبين المثقفين «المحبذين».- خفت ان تكون المقولة الاخري ان الاسلام شجرة لا تروي الا بالدم صالحة لتحقيق الاشتراكية في القرن التاسع عشر.


4 - وكأن لينين يتكلم عن شيوعيي بريمر
طلال الربيعي ( 2016 / 10 / 3 - 01:11 )
وكأن لينين يتكلم عن شيوعيي بريمر بقوله:
-كانوا يدعون بجبن إلى «السلام الاجتماعي» (أي إلى السلام مع العبودية)، والى الإقلاع عن النضال الطبقي-


5 - PnjUylkkORMcvHfErz
Nunubjbi ( 2016 / 10 / 5 - 07:45 )
comment2,


6 - ojfycp
xy57zk ( 2017 / 6 / 21 - 10:15 )
Annoniaembemn
ii6mwwjho0z5lq7kbi


7 - عيد ميلاد سعيد ماركس!
طلال الربيعي ( 2021 / 5 / 5 - 07:33 )
ولكن اليوم هو ذكرى ميلاد ماركس وليس وفاته
One of his beloved daughters - Eleanor - wrote in 1883 about his life and work as follows:
https://www.facebook.com/photo?fbid=3927169477330436&set=gm.4201807309839822


8 - هل هناك ماركسيون في الحوار المتمدن؟
طلال الربيعي ( 2021 / 5 / 5 - 18:27 )
التعليقات 5-13 لا معنى لها ولكنها تحصد يا للغرابة اعجابا بعشرات الأصوات. الا ان الكل يصمت بمناسبة عيد ميلاد ماركس. ولا ادري هل هناك ماركسيون في الحوار المتمدن ام ابتلعهم كلهم حوت يونس!؟


9 - مقاله تافهة بلغة سوقية واطئه بتقييمات يجيدها رجال
الدكتور صادق الكحلاوي ( 2021 / 5 / 6 - 05:16 )
الشقاوات الجهله بوضعه -حركات-اسيا البائسه تماما خاصة قبل اكثر من 110 سنه وتقييمات لطبقات وبلدان اوربيه باستخفاف والكاتب من بلد ضارب بالتخلف والهمجية الان وخاصة قبل اكثر من قرن-وبعد الفشل الذريع لدولة-العنجهية-الاسيوية وقائدها الجزار ستالين وتسميتها بدولة اشتراكية -الفقر- والادقاع والحرمان الكامل من الحرية لكل مواطنيها -عدا الكي جي بي-وقد اظهر القرن الاخير الفشل الكامل لكل-تنبؤاته-الشقاواتيه وقد استطاعت اوربا الغربية بالرغم من ابتزاز الهتلرية والستالينية وتوريط شعوب مسالمه مسكينة جائعة كالشعب الفيتنامي لتنفيذ ستراتيجية دولة هولاكو السوفيتيه-اقول اثبتت الحياة فشل كل تلك التقييمات و-التنبؤات- وان طيب الذكر بليخانوف مات ومر على موته اكثر من قرن ولم تتحقق امنيته ذات المعنى التاريخي العميق-اي دخول روسيا الى نادي المجتمعات الاوربيه لتتخلص من الحجم الهائل من دنس العبودية والاقطاعية والتخلف الروسي المتوحش وباءن يحقق الانقلاب التشريني البولشفي على الاقل الدخول لاوربا -اي التطور الاقتصادي العلمي والثقافي الذي تحقق في الغرب-يجب علينا ان نبتعد عن نقل عبوديتنا الاسلاميه الى عالم السياسة بجعل الرموز


10 - جحوش الرجعية الهولاكية غزت الحوار المتمدن
طلال الربيعي ( 2021 / 5 / 6 - 12:01 )
للأسف ان جحوش الرجعية الهولاكية في المنطقة قد غزت الحوار المتمدن لارجاع عجلة التاريخ الى الوراء.


11 - الرائع ماركس : عيد ميلاد سعيد
سائس ابراهيم ( 2021 / 5 / 6 - 18:51 )
-للأسف ان جحوش الرجعية الهولاكية في المنطقة قد غزت الحوار المتمدن لارجاع عجلة التاريخ الى الوراء-. ه
أتفق معك تمام الإتفاق يا سيد طلال الربيعي. سدنة الوهم والفاشية الإسلامية يعوون كالذئاب الجائعة ضد نبي الإنسانية الحقيقي، الفذ كارل ماركس وليخسأ السفلة. ه
تحياتي الحارة لك ولأصحاب المداخلات 1 وَ 2 وَ 3. ه
ابراهيم

اخر الافلام

.. مواجهات بين الشرطة والمتظاهرين في تل أبيب وسط مطالبات بإسقاط


.. نقاش | كيف تنظر الفصائل الفلسطينية للمقترح الذي عرضه بايدن؟




.. نبيل بنعبد الله: انتخابات 2026 ستكون كارثية إذا لم يتم إصلاح


.. بالركل والسحل.. الشرطة تلاحق متظاهرين مع فلسطين في ألمانيا




.. بنعبد الله يدعو لمواجهة الازدواجية والانفصام في المجتمع المغ