الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المُتَلصَّص-3

محمود عبد الغفار غيضان

2013 / 1 / 18
الادب والفن


المُتَلصَّص-3

8- خطيب
دون أي تهيئة مسبقة لمستمعيك... اعتدتَ أنْ تأتي من المدينة الكبيرة لتخطب الجمعة في المسجد العتيق. كان تدينك مفاجئًا كلحيتك الكثيفة وعلامة الصلاة التي نَبتتَ في جبهتكَ بحجمٍ طبيعيٍّ كنتَ في حاجة تامةٍ إليه. كونك ابن أكبر عائلات القرية منحك ميزة إضافية فوق المنبر.... تمرُّ الأسابيع مع صدى خطبك عن العدل والحلم والرحمة... وفي غضبةٍ مفاجئةٍ مع أكثر المساكين غُلبًا... توعدته وكل أسرته بالحرق!!! بكل أدبٍ مِن نقطة جلوسٍ جعلتني جانبك تمامًا فور تجمَّع المارة على صدى كلماتك البشع... وبكل عَشمِ العمومةِ الخالصة... ذكرتُكَ ببعض ما قلتَه عن العفو عند المقدرة... فردَّ كائنٌ ارتدى في طرفة عينٍ كلَّ ملامحك واستخدمُ بمهارةٍ نبرات صوتك بأن هذا العبد ابن العبد خادم جدَّكَ العمدة لا يستحق الحياة!!! لعلك تفهم الآن.... كلما جلت ببصرك يمنة ويسرة وأنت في الموضع الذي يعلو رؤوس الجميع بالمسجد كي تقطف نظرات الإعجاب بحلو منطقك وجلاء صوتك كلما خطبتَ... لماذا لم تلمح عيناك وجهي بعدها قط.. معذرة! أظنك لم تدرك غيابي مطلقًا... فهذا الافتراض الأهوج قام على أنَّ وجوه الجالسين حول منبرك لم يكن آباؤهم يومًا ما مِن عبيدِ جَدَّك الكبير!!

9- كنتم خمسة سادسكم أنا
نائمًا كنتُ جانبكم على المصطبة الشرقيةِ لبيتنا قبالة دكان أبي دون اختيار... أيقظتني جلبة قعودكم على المصطبة المطلة على الشارع الجانبي... ميزتكم بأصواتكم.. كنتم في حالة انبساطٍ مدهشة... ولا أدري لماذا قرب الفجر في تلك الحالة اخترتم الحديث عن أمور مُفجعة؟ عن ذلك الذي ضُبط يُعرَّي محارمه، وتلك التي لم يعد لديها ما تبيعه... نزعتم عن القرية بغلظةٍ فجَّة كل أردية الاحتشام... كل أخباركم كانت مؤكدة... فأنتم أبطال حواديتٍ في جلسة تنافس لا شرف فيه على الإطلاق... سأغفر لأحدكم تأكيده أني غارقٌ في النوم ولا حاجة للقلق... سأغفر لكم كل إزعاجٍ نلته تلك الليلة... سأغفر لكم جرحِ كل الصور الطيبة لكثيرين أحببتُ... لكني لا أملك حقًّا أية قدرةِ لأغفر لكم استيداعي كَمًّا مِن الأسرار يجب أنْ تظل مدفونة بمساحةٍ لم تكن تناسبها أبدًا بذاكرتي الصافية آنذاك.

9- يا أمي!
كانَ يجبُ أنْ تدخري للزمن بعض خيوطٍ غزلتِ بها كُلَّ ملامحك الطيبة شالاً لأبي... فأول مرةٍ زيَّن به كتفيه... جاب كل الأرجاء برشاقة فراشةٍ كانَ مِن المستحيل أن تعاود السير على أرجلٍ مُرهقة بعد أنْ علمتها أجنحتكُ الحانية بلاغة التحليق.

محمود عبد الغفار غيضان
مجموعة "دهاليز عالم ثالث"
19 يناير 2013م








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. عام على رحيل مصطفى درويش.. آخر ما قاله الفنان الراحل


.. أفلام رسوم متحركة للأطفال بمخيمات النزوح في قطاع غزة




.. أبطال السرب يشاهدون الفيلم مع أسرهم بعد طرحه فى السينمات


.. تفاعلكم | أغاني وحوار مع الفنانة كنزة مرسلي




.. مرضي الخَمعلي: سباقات الهجن تدعم السياحة الثقافية سواء بشكل