الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الخزامى - هدية الله الى الحواس

مجدى زكريا

2013 / 1 / 18
الصحة والسلامة الجسدية والنفسية


امرت اليزابيث الاولى , ملكة انكلترا الا تخلو طاولتها من البهار المصنوع منها , وجلس شارل السادس ملك فرنسا على وسادات محشوة بها. اما فيكتوريا ملكة انكلترا فاستخدمتها لتعطير مياه الاستحمام. فعم نتحدث ؟ ماهو هذا الشئ الذى استحوذ على اهتمام كل هذه الشخصيات الملكية ؟ انها شجيرة عطرة صغيرة تعرف باسم الخزامى lavender , وكل من يقف وسط مرجة من الخزامى بلونها الارجوانى يفهم سبب افتتان اشخاص كثيرين بهذه النبتة العطرية.
هناك اكثر من 30 نوعا من الخزامى , وهى عشبة شديدة الاحتمال تنمو فى مناخات مختلفة تماما. فأنت تراها فى جبال الالب الفرنسية حيث الهواء بارد جدا وأيضا فى اراضى الشرق الاوسط ذات الحرارة الشديدة والرطوبة المتدنية. يشتق اسم هذه النبتة العلمى لافانديولا من الكلمة اللاتينية لافاريه التى تعنى " يغسل ". ويعود هذا الاسم الى عادة اتبعها الرومان قديما فقد استخدموا زيت الخزامى لتعطير مياه الاستحمام.
يرجع الاستعمال الطبى لنبنة الخزامى الى نحو 2,000 سنة مضت. فقد اعتبرت خلال القرون الوسطى المكون الاساسى فى خليط عرف باسم خل اللصوص الاربعة واستخدم لمكافحة الطاعون. ويرجح ان هذا المحلول الذى يحتوى على الخزامى دعى بهذا الاسم لأن ناهبى القبور كانوا يغتسلون به بعد التفتيش فى مقتنيات ضحايا الطاعون. وبالرغم من المخاطر التى انطوى عليها عملهم يبدو انهم نادرا ما التقطوا المرض.
فى القرن السادس عشر ادعى اطباء الاعشاب ان الخزامى لا يشفى الزكام والصداع فحسب بل ايضا شلل الاطراف ومرض العصاب. كما اعتقد ان ارتداء قلنسوة من مصنوعة من الخزامى يزيد نسبة الذكاء. ومنذ زمن ليس ببعيد . خلال الحرب العالمية الاولى , طلبت بعض الحكومات من مواطنيها ان يجمعوا نبتة الخزامى من حدائقهم لاستخدام الزيت المستخرج منها فى تضميد جراح الجنود.
يبدو ان بعض زيوت الخزامى , ولا سيما زيت الخزامى الحقيقية , له تأثير على عدد من انواع البكتريا والفطريات. حتى ان بعض الباحثين يقولون ان زيت الخزامى قد ينجح فى معالجة الاخماج الجرثومية المقاومة للمضادات الحيوية. ويذكر ايضا بحث اجرى مؤخرا : " اصبح لزيت الخزامى عدة استعمالات فى مجال التوليد ". ويضيف : " فى احدى التجارب السريرية الواسعة النطاق , تبين ان معدلات الانزعاج عند الوالدات اللواتى يستخدمن زيت الخزامى (اثناء الاغتسال) هى ادنى خلال الايام الثلاثة الى الخمسة الاولى بعد الولادة . . . ويستعمل زيت الخزامى حاليا فى العديد من غرف التوليد نظرا الى تأثيره المهدئ ".
وماذا عن الملكة اليزابيث وحبها للخزامى كمطيب للطعام ؟ هل هذه النبتة هى حقا صالحة للأكل ؟ يرد فى كتاب وضعته جوديث مكلاود : " كانت الخزامى مطيب الطعام الافضل فى انكلترا خلال فترة حكم تيودور وحكم اليزابيث. فقد استخدمت كنوع من التوابل اضيف الى اللحوم النيئة والمشوية وسلطات الفاكهة. كما رشت فوق الحلوى او اعتبرت بحد ذاتها صنفا من اصناف الحلوى ". اما اليوم فتستعمل بعض انواع الخزامى لاضفاء نكهة على البسكويت , الكعكات , والايس كريم. ولكن لا تتحلى كل انواع الخزامى بطعم لذيذ وخصوصا بالنسبة الى الحشرات. توضح احدى الدراسات : " يمكن استخدام زيت الخزامى او مسحوق اوراقها وأزهارها فى صنع مبيدات للحشرات . . . وهى تستعمل ايضا فى المنزل , وذلك لأنها تبعد العث وسوسة الحبوب والأرق وعث الثياب ".
فى العقود الماضية استعادت نبتة الخزامى شعبيتها. وهى تزرع اليوم فى اميركا الشمالية و اوروبا , اوستراليا , ونيوزيلندا , واليابان. واليك ما يخبر به بايرون , شاب متخصص فى البستنة يهتم بحوالى 10 هكتارات مزروعة بنبتة الخزامى فى جنوب شرق ولاية فيكتوريا بأوستراليا , يقول : " الخزامى تشبه النبيذ ". ويتابع " ان الزيت المستخرج من الانواع نفسها من الخزامى يختلف باختلاف المناطق , اذ يتأثر بنوعية التربة والمناخ اللذين تنمو فيها النبتة. حتى ان وقت وطريقة الحصاد يؤثران فى المنتج الذى الذى نحصل عليه فى النهاية ".
ولكن بخلاف النبيذ , لا يستخرج زيت الخزامى بسحق النباتات بل بالتقطير بالبخار. يوضح بايرون : " لانتاج لتر من الزيت يلزم حوالى 250 كيلوغراما من الخزامى. تضغط الازهار والاعناق والاوراق النضرة بقوة داخل حاوية فولاذية اسطوانية الشكل. ثم يضخ البخار عبر قاعدة الحاوية , وفيما يتغلغل البخار فى النباتات , يمتص الزيت منها. بعدئذ يمر الزيت والبخار عبر جهاز للتكثيف ومنه الى وعاء حيث ينفصل الزيت عن الماء ويرتفع الى السطح. فيسحب الزيت ويخزن فى حاويات مغطاة من الداخل بمواد خزفية , ويترك فيها عدة اشهر حتى يصير صالحا للاستعمال ".
يدخل زيت الخزامى الذى ينمو فى مزرعة بايرون فى صناعة الصابون , الكريمات , والشموع. كما تباع ازهارها مجففة او نضرة وتعتبر الخزامى ايضا من اهم الازهار التى تستخدم فى تعطير الجو. يزور مزرعة بايرون كل سنة الاف السياح الذين يأتون ليتنشقوا عبير الخزامى ويمتعوا ناظريهم بألوان ازهارها المتماوجة فى الحقول وليتذوقوا الحلويات المصنوعة منها. وغالبا ما يذكر بايرون هؤلاء الزوار الذين يعربون عن شكرهم : " نحن لا نصنع الزيت , نحن نستخرجه فقط. ان صانع الخزامى هو الخالق الذى اهدى الى الحواس هذه العطية ".








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. نادين الراسي.. تتحدث عن الخيانة الجسدية التي تعرضت لها????


.. السودان.. إعلان لوقف الحرب | #الظهيرة




.. فيديو متداول لحارسي الرئيس الروسي والرئيس الصيني يتبادلان ال


.. القسام: قنصنا جنديا إسرائيليا في محور -نتساريم- جنوب حي تل ا




.. شاهد| آخر الصور الملتقطة للرئيس الإيراني والوفد الوزاري في أ