الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ابن كيران وصكوك الغفران

اسماعين يعقوبي

2013 / 1 / 19
مواضيع وابحاث سياسية


صكوك الغفران كانت عبارة عن أختام ممضاة من البابا أو من ممثّلي المجمع الكنسي الكاثوليكي و تمكّن مقتنيها من الإعفاء الجزئيّ أو الكامل من العقاب و تطهيره من الخطايا والذنوب والحصول على العفو الذي يخوله دخول الجنّة ومع رواج صكوك التوبة واحتداد الأزمة المالية للكنيسة قام البابا باستصدار كمّيات هامّة من الصكوك التي وقّع عليها وختمها على بياض، وأصبح الرهبان المتجوّلون يطوفون بها بين المدن والقرى والأسواق والمعارض لبيعها، و تطوّر الأمر بأن أجيز شراء صكوك التوبة للأقرباء والموتى في القرن الخامس عشر.
بعد تسلم ابن كيران وحزبه لمقاليد الحكومة الشكلية بالمغرب، ظهرت ممارسات عدة، وسلوكات تذهب في اتجاه إعادة إنتاج ممارسات الكنيسة وفق آليات قد تختلف شكلا لكنها ذات حمولة ومضمون مماثل.
حينما قال ابن كيران أن الفساد والريع كانا بمثابة سياسة ومنطق الدولة، وأن فلسفته في محاربتهما تقوم على منطق "عَفَا اللّهُ عَمَّا سَلَف وَمَنْ عَادَ فَيَنتَقِمُ اللّهُ مِنْهُ"، فهو يتحدث باسمه، وكأنه يقول عفا ابن كيران وحزبه عما سلف، ومن عاد فينتقم منه ابن كيران وحزبه.
فالجزء الأول من عملية صكوك الغفران موجود، لكن الشطر الثاني المتمثل في المقابل المادي يبدو غائبا، لكنه في الحقيقة موجود ويتمثل في الجزء الأخر من تصريح بن كيران: "حتى لا يخرج الميسورون والتجار ورجال الأعمال"، وفي حال ذهابهم ستعرف البلاد أزمة وستسقط حكومة ابن كيران.
الصك إذن موجود وهو غير مكتوب بل مسموع ومسجل، والمقابل المادي هو الحكم الشكلي لابن كيران وحزبه.
وخوفا من سقوطه في ممارسة كنيسية، حاول ابن كيران أن يجد مسوغا اسلاميا لممارسته، فأضاف بأنه يقول لهم ما قاله الرسول محمد لمن آذوه في السابق "اذهبوا فأنتم الطلقاء".
قول لا ينفي الممارسة وإنما يغلفها بغلاف إسلامي رغم عدم وجود وجه للشبه بين الممارسة وتسويغها، فالرسول محمد عفا عمن آذوه شخصيا، بينما ابن كيران عفا عمن آذوا الشعب المغربي ونهبوا خيراته واستعبدوه ولازالوا يفعلون.
كما ان ممارسة صكوك الغفران الكنيسية لابن كيران لم تقف عند هذا الحد، بل جعل من نفسه قسا يزكي من يريد ويغضب على من يريد، فبقوة وصكوك ابن كيران، أصبح حزب الاستقلال الذي سير المغرب لعقود عديدة مصلحا ومحاربا للفساد، وكذلك فعل مع التقدم والاشتراكية الحزب الشيوعي سابقا، بينما جعل الاتحاد الاشتراكي وجميع الحركات الاحتجاجية في مقام إبليس والمشوش على عمل الصالحين.
وبدل النبش في ممتلكات آل الفاسي والأباطرة الكبار، جعل من محاكمة عليوة محاكمة للفساد وتصفية للحساب ولم يطبق عليه صكه المتمثل في العفو عما سلف، لأنه حسبه "عاد"، ومن عاد أي من لم يساير منطق ابن كيران وحزبه وجب الانتقام منه.
وتشاء الأقدار أن يتورط عدد من المنتسبين إلى حزبه في قضايا تبذير ومخدرات ووو، ومرة أخرى، وعلى غرار ممارسات الكنيسة التي تبرر اغتصاب النساء أو الأطفال من طرف القس على أنه ضرورة علاجية وتتهم كل من يشك في صدقيتهم، سارعت بعض أبواقه إلى اعتبار القضية استهدافا للحكومة والتجربة الحكومية الإسلامية.
لم يقف الأمر عند ابن كيران، بل تعداه إلى جميع حزبه ونقاباته وجمعياته (على شاكلة رهبان الكنيسة)، فمن انخرط فيها فهو إنسان صالح، كفء، نزيه، ومن اختار غيره فهو شيطان، فاسد، معاد للحرية والشعب.
هذا ما بنت الكنيسة عليه استمراريتها في زمن أزمتها، فهل يبني عليه ابن كيران وجوده واستمراريته في الحكم الشكلي؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. هدنة غزة تسابق اجتياح رفح.. ماذا حمل المقترح المصري؟ | #مراس


.. جنود أميركيون وسفينة بريطانية لبناء رصيف المساعدات في غزة




.. زيلينسكي يجدد دعوته للغرب لتزويد كييف بأنظمة دفاع جوي | #مرا


.. إسرائيليون غاضبون يغلقون بالنيران الطريق الرئيسي السريع في ت




.. المظاهرات المنددة بحرب غزة تمتد لأكثر من 40 جامعة أميركية |